على القوات المسلحة،هذه الوثيقة الذي طالب عدد كبير من المنظمات والجمعيات الحقوقية بسحبها لأنها تتعارض مع الحقوق والحريات وخاصة حرية التعبير لما تضمنته من عقوبات مجحفة،في المقابل تمسّكت النقابات الأمنية بضرورة سنّ قانون لحماية القوات الحاملة للسلاح أثناء أدائها لمهامها، كما رفضت وزارة الإشراف سحبه واقترحت فتح باب الحوار من اجل تعديله،لجنة التشريع العام بتركيبتها الجديدة في هذه الدورة النيابية انطلقت في السماعات والبداية كانت مع مختصين في القانون في انتظار الاستماع إلى بقية المتداخلين.
تجد اللجنة المعنية صلب البرلمان نفسها أمام مسؤولية تحقيق معادلة وهي حماية القوات الحاملة للسلاح دون المساس بمبادئ حقوق الإنسان والحريات الأساسية،علما وان أعضاء اللجنة عبروا عن رفضهم لمشروع القانون المعروض عليهم بصيغته الحالية.
موقف خبراء القانون من مشروع القانون الأساسي عدد 25 لسنة 2015 المتعلّق بزجر الاعتداء على القوات الحالة للسلاح يصبّ بدوره في خانة المعارضة لهذه الوثيقة لأنها تتضمّن عدة إخلالات وفق قراءة أستاذ القانون عبد الله الأحمدي الذي تطرّق خلال سماعه في لجنة التشريع العام إلى عديد النقاط أبرزها أن هذا المشروع يتعارض في العديد من أحكامه مع مبادئ القانون الجزائي خاصة فيما يتعلق بعدم تناسب الفعل الإجرامي مع العقوبة المستوجبة إضافة إلى تعارضه مع مبدأ المساواة بين المواطنين في الحقوق و الواجبات باعتباره يخص فئة معينة من الأسلاك ويفردهم بنص قانوني خاص يسند لهم امتيازات هامة وحماية مبالغ فيها تصل إلى حد الحصانة وفق تعبيره هذا وأكد الأحمدي أن هذا النص القانوني مرفوض شكلا ومضمونا.
الأستاذ حمادي الزريبي من جانبه وصف مشروع القانون محور النقاش بالاستثنائي والخطير لأنه ينبني على فلسفة زجرية لا تتطابق مع مبادئ الحداثة ومدنية الدولة وعلى تأويل غير سليم لمفهوم الأمن الجمهوري و يتعارض أيضا في أحكامه مع ما نص عليه الدستور.
لئن اختلفت طريقة القراءة والتعليل فإن نقطة الالتقاء بين أعضاء اللجنة الخبراء في القانون وممثلي المجتمع المدني من منظمات وجمعيات هي الإجماع على أن مشروع قانون زجر الاعتداء على القوات الحاملة للسلاح بصيغته الحالية المعروضة على أنظار لجنة التشريع العام لا يجب أن يمرّ لأنه لا يتماشى مع متطلبات المرحلة ويمسّ من الحقوق والحريات ،أمام هذا الصدّ الكبير وجدت الجهة المبادرة نفسها مجبرة على فتح باب الحوار من أجل إيجاد صيغة توافقية تجمع بين حماية منظوريها مقابل ضمان حقوق الإنسان،ملف سيجعل من جلسات النقاش ساخنة بعض الشيء لأنه من المنتظر أن تدخل تعديلات جذرية وربما حذف لعدد من الفصول.
لجنة التشريع العام ستواصل سلسلة السماعات إلى جميع المتداخلين حول هذا المشروع وعلى رأسهم وزارة الداخلية باعتبارها الجهة المقترحة بالإضافة إلى ممثلي النقابات الأمنية وكذلك ممثلين عن المجتمع المدني والمنظمات والجمعيات التي تعنى بالحقوق والحريات.