ففي الوقت الذي تواصل فيه هيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي نشر وثائق وصور عثر عليها في حاسوب المدعو مصطفى خضر في علاقة بملف ما عرف بالجهاز السري التابع لحركة النهضة فإن جمعية القضاة الشبان خرجت عن صمتها وعبّرت في بيان شديد اللهجة عن استنكارها لما حدث.
تعود أطوار الواقعة إلى 19 سبتمبر المنقضي عندما تدخلت قوات الأمن لفضّ اعتصام أكثر من 50 محاميا من بينهم أعضاء هيئة الدفاع في ملفي بلعيد والبراهمي داخل مكتب وكيل الجمهورية في المحكمة الابتدائية بتونس مما أسفر عن حالة من الغضب والاحتقان قرّرت على إثرها هياكل القضاة الدخول في إضراب دام أسبوعا.
عبّرت جمعية القضاة الشبان عن تنديدها بما وصل اليه الوضع بالتشكيك في استقلالية القضاء واتهام النيابة العمومية بالتغطية على بعض المتورطين في إنشاء الجهاز السري المزعوم وفق نصّ البيان،ووصف السعي إلى تسوية الخلاف بالمذل للقضاة ومحبط لعزائمهم.
هذا واعتبرت جمعية القضاة الشبان أن تحريض عميد المحامين في لمنظوريه على عدم الامتثال للقرارات القضائية دليل قاطع على تكريس عدم الإفلات من العقاب وعدم تطبيق القانون،مسجّلة ما أسمته «تهاون السلطة التنفيذية في التعاطي مع أحداث الاعتداء الأخير على القضاء وغيره من الاعتداءات السابقة ، وعجزها عن حماية القضاة وتأمين المحاكم ، وتذكرها بأنها فشلت في ذلك فشلا ذريعا وغير مسبوق. كذلك فشل الإضراب الذي لم يحقق أي هدف من أهدافه سوى إجماع القضاة حوله لنفاذ صبرهم ، كما سجلت الجمعية أيضا ما اعتبرته غياب أي تنسيق حقيقي أو تشاور بين الهياكل وتذكر الهياكل القضائية.
من جهة أخرى أشارت الجمعية إلى أن «ميثاق الشرف الوحيد الذي يقبله القضاة في تعاملهم مع المحامين هو القانون داعية المجلس الأعلى للقضاء إلى سن أخلاقيات ومبادئ توجيهية للتعامل مع القضاء ، وترفض تكوين أي لجنة مشتركة مع المحامين تكرس حلولا وتسويات مُذِلّةٍ للقضاة ودعت الجمعية النيابة العمومية إلى تتبع كل من يهين القضاء أو القضاة مهما كانت رتبهم ، كما تدعو السيد قاضي التحقيق المتعهد بالنظر في القضية إلى الإسراع في البت فيها ، وإحالة المعتدين على المحكمة المختصة.
هذا وقد دعت الجمعية «مجلس حكماء الجمعية» المتكون من ممثلين عن قضاة الرتبة الثالثة وبعض القضاة المتقاعدين إلى الانعقاد يوم 6 أكتوبر الجاري بمقر الجمعية بالمحكمة الابتدائية بتونس طبقا لما يقتضيه النظام الأساسي لها لتقديم التوصيات اللازمة حول سبل التحرك الضرورية لمواجهة هذه الأوضاع.