نسور قرطاج في البطولة واعتبر البعض أنه بذلك لا يريد أن يضع حدودا للطموحات لكن يبدو أنه لم يكن واثقا من المدى الذي يمكن أن يبلغه مع المنتخب التونسي وهو الذي خلت سيرته الذاتية من تجارب ناجحة مع منتخبات القارة السمراء، لذلك من الطبيعي أن تغمره السعادة ببلوغ المربع الذهبي في النسخة الحالية والحال أن اختياراته وبعض الأخطاء من اللاعبين حرمتنا من الوصول الى المباراة النهائية.
من المضحكات المبكيات أن تعتبر الصفحة الرسمية للجامعة التونسية لكرة القدم هذه المشاركة أفضل مشاركة منذ 19 سنة...قد تكون الأفضل من حيث الأرقام والنتائج لكن عندما تكون الإمكانيات متوفرة لتحقيق نتائج أفضل نطنب في ارتكاب الأخطاء البدائية في كل مباراة أو عندما يظهر بعض اللاعبين بأداء مخيب ولا يراجعون حساباتهم نقول إنه كان بالإمكان أفضل مما كان ولا يمكن اعتبار هذه المشاركة مقياسا...
فوز وحيد في 7 مباريات
أنهى المنتخب الوطني مشاركته في النسخة الثانية والثلاثين من نهائيات كأس إفريقيا للأمم في المركز الرابع بعد هزيمته في المباراة الترتيبية أمام المنتخب النيجيري بهدف لصفر إثر خطإ مشترك بين الحارس معز بن شريفية والمدافع ياسين مرياح. وبدأ «نسور قرطاج» مسيرتهم في الدور الأول بالتعادل مع انغولا (1-1) ثم بالتعادل مع مالي بالنتيجة ذاتها وفي الجولة الثالثة من الدور الأول تعادل سلبا مع موريتانيا. في ثمن النهائي التقى المنتخب الوطني مع نظيره الغاني وانتهت المواجهة في الوقت الأصلي بالتعادل بهدف لمثله قبل ان تمنح ضربات الترجيح التأهل للمنتخب الوطني (5 - 4)...وحقق زملاء نعيم السليتي الانتصار الوحيد لهم في الدورة على منتخب مدغشقر في ربع النهائي بثلاثية نظيفة ثم عادت العثرات من جديد في نصف النهائي أمام السنغال حيث انهزم منتخبنا بهدف لصفر وبالنتيجة ذاتها انقاد الى الخسارة في المباراة الترتيبية أمام نيجيريا، لتكون الحصيلة في 7 مباريات انتصارا وحيدا و4 تعادلات وهزيمتين... ورغم ذلك تصنفها الجامعة من أفضل المشاركات فماذا عن مشاركة 2010 التي لم ينهزم فيها المنتخب وحقق 3 تعادلات لم تمنعه من مغادرة «الكان» من الدور الأول وهو ما يخلق بونا شاسعا بين الجامعة التي ترى ان الإطار الفني حقق أهدافه والشارع الرياضي الذي يطالب بالمحاسبة لأنه كان بالإمكان ان تكون الحصيلة أفضل.
حراس المرمى...هفوات بدائية والقصراوي في قفص الاتهام
من الطبيعي أن يقال إن حارس المرمى يعد نصف الفريق فهو القادر بفضل تألقه وتصدياته أن يقود المجموعة الى النجاح، وفي النسخة الحالية من نهائيات كأس افريقيا وعوض أن يكون حراس مرمى المنتخب التونسي سبيله الى تحقيق الفوز والنجاح ارتكبوا أخطاء تسببت في قبول 5 أهداف ونهاية مسيرة «نسور قرطاج» عند نصف النهائي والمؤسف أن الحراس الثلاثة قد اشتركوا فيها.
وانطلقت الهفوات منذ مباراة الجولة الأولى ضد انغولا حيث تمكن هذا الأخير من تحقيق التعادل في الدقيقة 73 من اللقاء اثر هفوة فادحة من الحارس فاروق بن مصطفى الذي لازم بنك البدلاء اثر تلك المواجهة ليعوضه معز حسن في مباراة مالي ولم يكن هذا الأخير اوفر حظا منه حيث ارتكب هو الآخر خطأ عدل عن طريقه منتخب «النسور المالية». ولم يتعظ «نسور قرطاج» من الدرس في مباراة ثمن النهائي إذ بينما كان الجمهور التونسي يستعد لبداية الأفراح بعد تقدم المنتخب بهدف الخنيسي وجدوا أنفسهم مجبرين على تأجيل الفرحة بعد خطإ مشترك بين الحارس معز حسن والمدافع رامي البدوي الذي غالط مرماه واحتاج منتخبنا للمرور الى ركلات الترجيح لحسم مصيره.
مع بلوغ زملاء وهبي الخزري نصف النهائي خلنا أنهم استخلصوا العبرة من الأخطاء القاتلة لكن في الدقيقة 101 من الحصص الإضافية أفلتت الكرة من يد معز حسن اثر مخالفة للسنغال واصطدمت الكرة بالمدافع ديلان برون لتلج الشباك. ولم يشأ منتخبنا أن يختتم مشاركته دون أن يكمل عقد الأخطاء من خلال هفوة في الدقيقة الثالثة من المباراة الترتيبية مع المنتخب النيجيري الذي استغل ارتباكا من الحارس معز بن شريفية في أول ظهور له ليحقق هدف الفوز.
وتطرح الأخطاء المتواترة لحراس المرمى نقاط استفهام عديدة عن دور مدرب الحراس حمدي القصراوي في تأطير حراسه خاصة أن الأخطاء تكررت منذ بداية المشاركة ورغم ذلك لم يفلح في إيجاد الحلول وقد نلتمس له الأعذار حيث تنقصه التجارب على مستوى التدريب ووجد نفسه بين عشية وضحاها مدربا لحراس المنتخب. الأخطاء واردة في كرة القدم لكن أن تكون متكررة من الحراس الثلاثة فتلك مسؤولية مدرب الحراس حتى وان اعتبرنا ان القرار الأخير يعود الى المدرب فإن الاختيار لا يمر دون استشارة مدرب الحراس. بقي أن نشير الى أن الإطار الفني لم يتعامل بمبدإ المساواة مع الحراس ففاروق بن مصطفى دفع ضريبة خطئه في مباراة انغولا وأخرجه الإطار الفني من الحسابات الى حدود ضربات الترجيح في لقاء غانا أما معز حسن ورغم تكرر أخطائه فقد نال أكثر من فرصة.
أي مصير للإطار الفني؟
لم تتوضح بعد الرؤية في خصوص مستقبل الإطار الفني، فعلى غرار العادة لابد ان تدعو الجامعة التونسية لكرة القدم مديرها الفني الى تقييم المشاركة قبل اتخاذ القرار المناسب. وتجدر الإشارة إلى أن المكتب الجامعي حدد مع المدرب الفرنسي الآن جيراس عقد أهداف يتمثل في بلوغ نصف النهائي غير ان ذلك لا يعني انه سيكون في منأى عن المحاسبة أمام تكرر الأخطاء وفشل الاختيارات في بعض المباريات علاوة على غياب التواصل في المباريات الأولى مع بقية الإطار الفني وتجاوزات المعد الذهني الذي جلبه وتدخله في الاختيارات الفنية، كلها نقاط تدعو للمساءلة. أما بالنسبة للقطيعة فلا يبدو ان الجامعة مستعدة لفك الارتباط من جانب واحد نظرا للكلفة المادية لهذه الخطوة وهو ما قد يضع أهل القرار في موقف لا يحسدون عليه فقد تروق لجيراس مواصلة التجربة وهو يغنم أموالا طائلة ولا يقدم لنا إلا المتاعب و«وجع الرأس» والأمر مرتبط بعرض قد يصله من أي فريق أو منتخب آخر وهذه أيضا فرضية ضعيفة خاصة ان ما قدمه في «الكان» لا يشجع على التعاقد معه. وسيعود كل من فريد بن بلقاسم وانيس البوسعايدي إلى مهامهما في المنتخب الاولمبي فيما يبقى الغموض مرافقا للمساعد ماهر الكنزاري ومدرب الحراس حمدي القصراوي.