اختلفت القراءات فإنها تتقاطع في نقطة مشتركة وهي ضرورة التقصي والتحقيق في كلّ ما تضمنته هذه الوثيقة من معطيات حول شبهات فساد وإهدار للمال العام خاصة وأن واحدة من أهل الدار كانت تتقلد منصب نائب رئيس لجنة التحكيم والمصالحة تحدّثت عن تجاوزات أخرى وأن تقرير دائرة المحاسبات لم يكشف إلاّ القليل منها،مصطفى البعزاوي عضو بذات الهيئة الذي تم إعفاؤه وأنصفه القضاء ولكن الهيئة رفضت تنفيذ القرار القضائي بتعلّة الاستحالة المادية والقانونية يتحدّث لــ«المغرب» عن التقرير وكذلك عن الأرشيف.
وللتذكير فإن هيئة الحقيقة والكرامة قد شرعت منذ 10 ماي الجاري في تسليم الأرشيف إلى مؤسسة الأرشيف الوطني طبقا لما ينصّ عليه قانون العدالة الانتقالية،.
«الدائرة لم تطلع على المحاضر الأصلية»
«أولا أعتبر أن دائرة المحاسبات لم تتمكن من القيام بمهمتها الرقابية لسبب أساسي وهو عدم قدرتها على الإطلاع على محاضر الجلسات الأصلية وهذا ما لا نستطيع أن نفهمه باعتبار أن قانون دائرة المحاسبات يمكنها من الإطلاع على كل الوثائق حتى وإن كانت لها صبغة خاصة مثل ما ادعته رئيسة الهيئة» بهذه العبارات استهل مصطفى البعزاوي عضو بهيئة الحقيقة والكرامة تعليقه على تقرير دائرة المحاسبات، وقال أيضا «هناك شراءات ضخمة تتمثل في وسائل تصوير وتسجيل ذات جودة عالية تستعمل عادة في الدوائر المهنية مثل السينما على مستوى الإدارة لم تدقق دائرة المحاسبات في الكم الهائل من الموظفين الذين انتدبتهم الهيئة وسرحتهم دون محاضر ودون أسباب ودون علم مجلس الهيئة كما أن الدائرة لم تطلع على مئات القضايا التي رفعتها الهيئة أو رفعت ضدها وهذه القضايا هي منجم ذهب لدائرة المحاسبات كي تكتشف حجم الخروقات التي قامت بها رئيسة الهيئة عندما تطلع على حيثيات هذه الدعاوى ومنطوق الأحكام أو قرارات إيقاف التنفيذ مثل الدعاوى التي رفعتها وزارة المالية نيابة عن المكلف العام بأملاك الدولة لمنع سهام بن سدرين من خرق القانون والإجراءات وتجاوز السلطة وأعتقد أن عدم حصول دائرة المحاسبات على محاضر الجلسات هو تصديق من الدائرة لسهام بن سدرين على إعدام هذه المحاضر وكذلك على التسجيلات الصوتية».
«أعضاء مختصون في السفر»
تحدّث البعزاوي على جملة من النقاط التي لم يتسنى لدائرة المحاسبات كشفها فقال «لم يتطرق تقرير دائرة المحاسبات على سفرات الأعضاء وقيمة المبالغ المالية التي حصلوا عليها من الهيئة كبدل سفر فوتت فلو بحثت الدائرة في هذه السفرات لوجدت أن هناك أعضاء معينين كانوا مختصين في السفر بسبب أو بدونه ولوقفت على حقيقة غياب أي تقرير بعد هذه السفرات ورئيسة الهيئة واحدة من المختصين في السفر إلى وجهات غير معروفة في الغالب ،كما أن دائرة المحاسبات لم تطالب الهيئة بتقاريرها المالية السنوية وهو اجراء قانوني غائب تماما عن الهيئة حيث طيلة 5 سنوات قامت بن سدرين بتقديم تقريرين يتيمين لم يناقشها أحد وكانوا في الغالب من كتابة رئيسة الهيئة وطاقمها الإداري والمالي الذي كان يتعامل مباشرة مع الرئيسة دون تفويض من مجلس الهيئة وبتجاوز تام للقانون الأساسي والداخلي» وأضاف البعزاوي « فيما يتعلق بهيكلية الهيئة ومؤسساتها الداخلية ولتقريب الصورة نقول إن هيكلية الهيئة هي بناء فوضوي رغم أن لها رخصة ومخطط بناء وعوض أن تلتزم بالرخصة وبالمخطط قامت رئيسة الهيئة ببناء تنظيم خاص بها وما خططت له لتحقيق أهدافها وأهداف الحزام السياسي الذي حماها ويحميها، وهناك هيئة مصغرة في مكتب رئيسة الهيئة ينخرط فيه الأعضاء الذين يشكلون لها الأغلبية ويدافعون عنها مقابل أن تغض عليهم النظر في غياباتهم وتقصيرهم في أداء الحد الأدنى من الأعمال و أخرى صورية يعرفها الجميع مكونة من أعضاء مجلس الهيئة الذي يجتمع ليصوت بالأغلبية على قرارات اتخذت مسبقا في الهيئة المصغرة».
«إدارة مخابرات»
الأرشيف هو ملف أثار جدلا واسعا أيضا إذ عبّر عديد المتابعين عن مخاوفهم من إتلافه ،هنا قال مصطفى البعزاوي» أعتقد أن رئيسة الهيئة لن تسلم كل الأرشيف الذي بحوزتها لأنه لا أحد غيرها يعرف الأرشيف الذي وقع بين يديها وخاصة الأرشيف الرئاسي الذي كانت تنسخه في مصالح قصر قرطاج قبل انتخابات 2014 هذا الأرشيف الرئاسي الذي تحصلت عليه طيلة 2014 لا أحد يعرف عنه شيئا ولا أحد يعرف طبيعته ومحتواه وأظن أنه كان يتعلق أساسا بأرشيف الناشطين السياسيين زمن بن علي ومنهم أرشيف رئيسة الهيئة نفسها لذلك يجب على مصالح الأرشيف الوطني القيام بما يلزم لاسترداد كل الأرشيفات كما عليها القيام بتدقيق علمي لكل المخازن والحوامل الإلكترونية لأرشيف الهيئة لمعرفة حجم الإتلاف الذي يمكن أن يكون وقع بتعمد وهذا ما أرجحه بقوة» وأضاف محدثنا «على الأرشيف الوطني الحصول على كل محاضر الجلسات العامة المكتوبة بخط اليد وكذلك الحصول على التسجيلات الصوتية لكل الجلسات دون استثناء والتثبت من التسجيلات الصوتية في احتمال التلاعب بهذه التسجيلات لمحو بعض المقاطع أو محتوى بعض المداخلات أو محو محتوى جلسات كاملة وعلى الأرشيف الوطني الحصول على تسجيل الكاميرات الموجودة داخل الهيئة حتى يعرفوا أن بن سدرين كانت تراقب وتسجل كل ما يتحرك داخلها وتتصرف طبعا وفق ما تراه وتعاينه لقد حولت الهيئة إلى إدارة مخابرات بأتم معنى الكلمة».