المحكمة الدستورية رغم مغادرة أحد المرشّحين للسباق: تواصل البحث عن التوافقات في نفق مظلم ، فمتى يعود القطار إلى السّكة؟

بعد مصادقة البرلمان منذ 20 نوفمبر 2015 على القانون الأساسي عدد 50 المتعلق بالمحكمة الدستورية وذلك بـ130 صوتا دخلت هذه

الهيئة القضائية الدستورية في مرحلة التركيز وكانت البداية مع مجلس نواب الشعب الذي منحه المشرّع الحقّ في انتخاب أربعة من أعضائها، مرّ أكثر من سنة تقريبا على الانطلاق في هذه المهمّة ولكن إلى اليوم لا يزال الحال على ما هو عليه إذ تميّزت كلّ الجلسات العامة بالفشل باستثناء جلسة 14 مارس 2018 التي تم خلالها انتخاب عضو وحيد وهي روضة الورسيغني ،المحكمة الدستورية تاهت في نفق مظلم عنوانه التوافقات السياسية،حتى الجلسة التي كانت ستعقد في 30 افريل المنقضي أجّلت إلى موعد لاحق لم يحدّد بعد ومن المنتظر ان تجتمع الكتل الأسبوع المقبل للبحث عن التوافق.

لئن تعدّدت الجلسات (15 جلسة) بين الكتل النيابية للبحث عن التوافق حول الأسماء المرشّحة لعضوية هذه الهيئة الدستورية ولكن الحسابات السياسية والمصالح الحزبية طغت على هذه الجلسات التي سرعانما تنتهي إلى طريق مسدود.

خروج من السباق ولكن
تتكوّن المحكمة الدستورية من 12 عضوا تتم عملية انتخابهم من قبل ثلاثة أطراف وهي مجلس نواب الشعب،المجلس الأعلى للقضاء ورئاسة الجمهورية ( 4 أعضاء لكلّ جهة)، بداية الطريق نحو الإرساء على ارض الواقع كانت مع البرلمان الذي تعثّر ولا يزال في مهمّته والسبب غياب التوافقات بين الكتل النيابية وتمسّك كل كتلة بالأسماء التي تراها مناسبة «لمخطّطها» السياسي والنتيجة تعطيل إرساء هيئة مهمّة مثل المحكمة الدستورية،وضع أصبح يطرح أكثر من سؤال من المسؤول عن ذلك؟،كيف السبيل إلى الخروج من هذه الأزمة؟ خاصة وان تونس تستعدّ إلى محطات انتخابية حاسمة وللمحكمة الدستورية دور هام في هذه المرحلة لأن القانون قد أوكل لها سلسلة من المهام والصلاحيات.

من جانب آخر وفي ظلّ المستجدات الأخيرة التي طرأت على هذا الملف وتتمثل في خروج المرشّحة سناء عاشور من السباق خاصة وأنها كانت من بين الأسماء المعترض عليها وبشدّة من قبل كتلة حركة النهضة هناك حديث عن أمل وتفاؤل في التوصل إلى نتيجة ايجابية خلال الجلسة المقبلة ولكن هذا الأمل يصبح ضعيفا عندما نجد أن سبب تأجيل الجلسة الأخيرة التي كانت ستعقد يوم 30 افريل الماضي هو إعلان كتلة الحرّة رفضها للمرشح العياشي الهمامي صراحة وطلبت التأجيل،علما وأن هذا الاسم محلّ اعتراض من كتل نيابية أخرى مثل النداء وفق ما أفادنا به مصدر من البرلمان، وتبقى كلّها مجرّد توقعات في انتظار ترجمتها على ارض الواقع فإما النجاح أم تسجيل فشل آخر في سجّل البرلمان.

من المسؤول؟
تعدّدت الجلسات ومع كلّ جلسة يتجدّد أمل التونسيين في أن تتخطّى المحكمة الدستورية عقبة البرلمان وتواصل مسيرتها نحو التركيز الفعلي ولكن في كل مرّة يتبخّر ذلك الأمل ويعود الملف إلى نقطة الصفر ليخرج أعضاء الكتل البرلمانية يتبادلون التهم فيما بينهم إذ يحمّل كلّ منهم مسؤولية الفشل في انتخاب ما تبقى من نصيب مجلس نواب الشعب من أعضاء المحكمة الدستورية (3 أعضاء) إلى خصمه السياسي والحال أن كلّهم مسؤولون لأنهم غلّبوا مصالحهم على مصلحة البلاد وما تقتضيه مرحلة الانتقال الديمقراطي من تركيز للمؤسسات الدستورية،النتيجة طريق مسدود في قبة باردو إذ لا تزال المحكمة الدستورية تبحث عن مخرج من متاهة ما سمّي بالتوافقات السياسية.

لا للتعديل
تعثّر مجلس نواب الشعب المتواصل في انتخاب كامل نصيبه من أعضاء المحكمة الدستورية فتح الباب أمام السلطة التنفيذية للتدخّل من اجل حلحلة هذه الأزمة إذ اقترحت منذ ماي 2018 مبادرة تشريعية هدفها تنقيح القانون الأساسي عدد 50 المنظم لهذه الهيئة القضائية الدستورية وتحديدا تعديل النقاط المتعلقة بالأغلبية المطلوبة لانتخاب الأعضاء (145 صوتا من اجل الحطّ منها إلى 109 صوت فقط)، ولكن هذه المبادرة بقيت في رفوف لجنة التشريع العام بعد ان لاقت رفضا كبيرا من قبل أغلبية الكتل النيابية لأنهم اعتبروها تدخّلا للسلطة التنفيذية في نظيرتها التشريعية.
الأزمة متواصلة، توافقات شبه مستحيلة، فكيف السبيل إلى الطريق الصحيح؟ ومتى يعود القطار إلى السّكة وتجد المحكمة الدستورية مسارها وتخرج من متاهة البرلمان لتواصل سيرها نحو التركيز على ارض الواقع؟.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115