مناطق الجمهورية حيث دفع شهداء وجرحى ثمن كسر قيود الاستبداد والظلم التي طالت لعقود،دقاش قدّمت ثلاثة شهداء وهم عبد القادر المكي،ماهر العبيدي والأمجد الحامي بالإضافة إلى سقوط جريحين بعد إصابتهم بالرصاص،اليوم وقد مضت ثماني سنوات على هذه الواقعة أحيت مدينة دقاش ذكراها اعترافا منها بالجميل لشهدائها وتكريما لأرواحهم في انتظار أن تكرّمهم الحكومة وتردّ لهم الاعتبار من خلال نشر القائمة الرسمية،منظمة «أنا يقظ» ساهمت في إحياء هذه الذكرى الثامنة من خلال إعداد برنامج ثري انطلق منذ صبيحة يوم أمس بساحة 11 جانفي بالمنطقة.لمزيد من التفاصيل حول هذه الذكرى والمسار القضائي لهذا الملف تحدثنا مع علي المكي منسق حملة «مانيش مسامح» وحملة «سيّب القائمة الرسمية».
تم إحياء الذكرى الثامنة لشهداء دقاش وجرحاها تحت شعار «لن ننساكم» في إشارة إلى أن عائلات الضحايا سيواصلون مشوار الصمود والمطالبة بردّ الاعتبار للشهداء من خلال نشر القائمة بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية.
«المتورط خارج السجن»
من المفارقات التي وصفت بالعجيبة في هذا الملف هو أن المتهم الوحيد بالقتل العمد لثلاثة شهداء (عبد القادر المكي،ماهر العبيدي ،الأمجد الحامي) الطيب العميمي وهو ملازم أوّل بالحرس الوطني تمتّع بالسراح الشرطي في مثل هذا اليوم من السنة المنقضية (12 جانفي 2018) أي يوما فقط بعد إحياء أهالي منطقة دقاش الذكرى السابعة للشهداء والجرحى الذين سقطوا يوم 11 جانفي 2011،قرار أثار غضب وحفيظة العائلات ونزل عليهم كالصاعقة الأمر الذي جعل عددا من منظمات وجمعيات المجتمع المدني بالجهة يصدرون بيانا شديد اللهجة عبروا فيه عن استيائهم واستنكارهم لمثل هذا القرار ووصفوه «بالخطير جدّا إطلاق سراح قاتل الشهداء وترقيته»،علما وأنه أيضا تم اعتبار هذا القرار عفوا رئاسيا وليس سراحا شرطيا كما بيّنت ذلك الإدارة العامة للشؤون الجزائية بوزارة العدل التي أصدرت بيانا توضيحيا بدورها قالت فيه إن «الطيب العميمي قد تمتّع بالسراح الشرطي بالنسبة للمدة المتبقية من العقوبة المحكوم بها عليه، ولم يتمتّع بالعفو الرئاسي وجاء طبقا للمقاييس القانونية والشروط المعمول بها من قبل اللجنة المختصة بالنظر في مطالب السراح الشرطي، وفي كنف المساواة مع بقية المساجين وتبعا لموافقة اللجنة الجهوية على ذلك».وللتذكير فإن الطيب العميمي قد حوكم نهائيا بثماني سنوات سجن قضى منهم ست سنوات قبل الإفراج عنه ليكون آخر سجين من المتهمين بقتل الشهداء يغادر السجن ،هنا علّق علي المكي منسق حملة «مانيش مسامح» فقال «ما حدث يؤكد على تكريس سياسة الإفلات من العقاب بدليل أنه لا وجود لأي متورط في قتل الشهداء بالسجن فالكلّ يتمتع بالحرية فلا وجود لمحاسبة ولا للعدل» .
ملف غاب عن الدوائر المتخصصة؟
ملف شهداء وجرحى دقاش وكغيره من الملفات كان بعهدة القضاء العسكري الذي وجّه تهمة القتل العمد للملازم أول الطيب العميمي حيث أصدرت المحكمة العسكرية الدائمة بصفاقس بتاريخ 4 فيفري 2013 حكما يقضي بسجن المتهم الطيب العميمي لمدة 15 سنة ولكن هذا الحكم لم يبق على حاله في الطور بعد الاستئناف إذ قضت الدائرة الجنائية بمحكمة الاستئناف العسكرية بتونس بالحط من العقوبة السجنية من 15 إلى 8 سنوات فقط،تواصل المسار القضائي في هذا الملف الذي أحيل فيما بعد على محكمة التعقيب أين تقرّر إدانة المتهم مع إقرار الحكم الاستئنافي ليصبح بذلك الحكم باتا ونهائيا.من جهة أخرى هناك عديد الملفات المتعلقة بالشهداء والجرحى تمت إحالتها على هيئة الحقيقة والكرامة في إطار العدالة الانتقالية والتي أحالتها بدورها على الدوائر القضائية المتخصّصة،هذا الملف لم تتم إحالته وهو الأمر الذي حاولنا استفساره من علي المكي الذي قال «لم نتوجه إلى هيئة الحقيقة والكرامة لأن مطلبنا واضح وهو تحقيق العدل والمحاسبة،فنحن نرفض المصالحة إطلاقا لأننا تمسكنا بالقضاء فدخلت السياسة وأوقفت المحاسبة فما بالك لو دخلنا تحت سقف المصالحة،المشكل في الإرادة السياسية فهي من تدخّلت حتى لا يأخذ القانون مجراه فستتدخّل حتى لا تأخذ العدالة الانتقالية مجراها وبالتالي لا داعي لإحالة الملف على الدوائر المتخصصة».