التقرير الختامي حيث سلّمت نسخة منه إلى رئيس الجمهورية بتاريخ 31 ديسمبر المنقضي في انتظار موعد مع كلّ من رئيس الحكومة ورئيس البرلمان،الهيئة اليوم بصدد إتمام إجراءات التسليم والتسلّم بما في ذلك توزيع قرارات جبر الضرر التي ستتواصل خلال الأشهر الأولى من هذه السنة وكذلك إجراءات تسليم الأرشيف،نهاية من المنتظر أن تفتح باب التساؤلات حول مسار العدالة الانتقالية زمن الهيئة وبعدها خاصة في ظلّ المناخ المتشنّج بين سهام بن سدرين والحكومة التي اعتبرت تونس قد فشلت في تحقيق الأهداف الشاملة والحقيقية لهذا المسار.
للتذكير فإن هيئة الحقيقة والكرامة قد عقدت في منتصف الشهر المنقضي مؤتمرها الختامي الذي أعلنت فيه عن جزء من مخرجات أعمالها،موعد تخلّفت عنه الحكومة والرئاسة بما يفسّر علاقة شبه القطيعة بين الهيئة وتلك الأطراف.
72 لائحة اتهام من أنظار القضاء
في أول تصريح لها بعد تسليم نسخة من التقرير السنوي لهيئة الحقيقة والكرامة إلى رئيس الجمهورية قدّمت سهام بن سدرين جملة من المعطيات بلغة الأرقام حول ما حقّقته آلية التحكيم والمصالحة وكذلك مآل ملفات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان حيث قالت في تصريح لموزييك آف آم»تمت إحالة 72 لائحة اتهام (قرار ختم بحث) على القضاء كما تم استكمال البحث في 80 ملفا ،هذا وقد نظرت وحققت الهيئة في عدد آخر من الملفات ولكن لم يتم إحالتها على القضاء، نظرا لعدم إثبات شبهات الانتهاك فيها».
8 قرارات تحكيمية في ملفات فساد”
بالرجوع إلى آلية التحكيم والمصالحة وما عرفته من تعثّر في مسار تحقيق الصلح الذي يعتبر قاعدة أساسية من قواعد المصالحة الحقيقية (الاعتراف ،الاعتذار،جبر الضرر) فإن الباب يفتح على جملة من الاستفهامات حول ما توصلت آلية لجنة التحكيم والمصالحة في هذا الخصوص،الإجابة جاءت على لسان خالد الكريشي رئيس اللجنة المذكورة في تصريح له قال فيه” أصدرت اللجنة 11 قرارا تحكيميا يخص التجاوزات المعنوية، منها 8 قرارات تتعلق بانتهاكات تتصل بالمنع من العمل وأخرى تتعلق بانتهاك الحق في النشر والتعبير وبحق الملكية وتعويض الضحايا ،كما تمكنت لجنة التحكيم والمصالحة، من إصدار 8 قرارات تحكيم في قضايا تتعلق بالفساد المالي حيث تم استرجاع 745 مليون دينار لخزينة الدولة وهو ما لم تحققه هياكل الدولة في خصوص استرجاع أموال الدولة”
استنكار ومسار
منذ بداية عملها في 2014 شهدت هيئة الحقيقة والكرامة العديد من العثرات والإشكاليات التي أثّرت على مسار العدالة الانتقالية،مشاكل داخلية بين فريق القيادة بلغت حدّ إقالة واستقالة العديد من الأعضاء بسبب استحالة التواصل مع رئاسة الهيئة وفق تعبيرهم،قطيعة أيضا بين الهيئة ورئاسة الجمهورية التي أقرّت بفشل المسار وماهي رئاسة الحكومة تعبّر هي الأخرى عن رأيها صراحة في مسار العدالة الانتقالية إذ وصفته بالفاشل في تونس وذلك وفق ما جاء على لسان يوسف الشاهد في آخر حوار له بأن “مسار العدالة الانتقالية لم ينجح في تونس لأن الهدف الحقيقي هو المصالحة الشاملة والحقيقية وهذا ما لم يحدث وذلك لعدّة أسباب منها تأخر المسار بأكثر من 8 سنوات،تسييسه ورئاسة الهيئة شخصية غير توافقية مما ساهم في تشنّج الأجواء”،موقف جريء جاء قبل أن يتسّلم الشاهد نسخة من التقرير الختامي للهيئة اعتبره ائتلاف منظمات المجتمع المدني المدافعة عن مسار العدالة الانتقالية (رابطة حقوق الإنسان،المنتدى الوطني للحقوق الاقتصادية والاجتماعية...) حكما مسبق على أعمال الهيئة مستنكرين إعلانه أيضا عن استكمال مسار العدالة الانتقالية ما بعد الهيئة عبر التفكير في سنّ مشروع قانون في الغرض،وضع من شانه أن يثير جدلا كبيرا خلال الفترة القادمة خاصة بعد رفع الستار عن تقرير الهيئة والبحث في مدى نجاح مهمّتها في إرساء سفينة العدالة الانتقالية في المكان السليم من عدمه.