التي انطلقت من ولاية سيدي بوزيد وانتهى بها المطاف في شارع الحبيب بورقيبة أين رفع شعار ‘ديقاج» في وجه النظام السابق بتاريخ 14 جانفي 2011 ،مع كلّ ذكرى يتجدّد الحديث عن ملف قديم متجدّد وسط غضب واستياء المعنيين به،نتحدث هنا عن ملف قائمتي شهداء وجرحى الثورة اللتين لم تنشرا بعد بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية وهي الخطوة التي تنتظرها عائلات الضحايا بفارغ الصبر لرفع الستار عن هذا الملف الذي بقي بين الحكومة والمحكمة الإدارية بعد استئناف الهيئة العليا للحقوق والحريات الأساسية لقرار هيئة النفاذ إلى المعلومة القاضي بتمكين علي المكي شقيق احد الشهداء بنسخة ورقية من القائمتين.
الجهة الرسمية الوحيدة التي يخوّل لها القانون نشر القائمتين بالرائد الرسمي هي رئيس الحكومة الذي إلى اليوم لم يحرك ساكنا بالرغم من تسلّمه للنسختين منذ أكثر من ثمانية أشهر من قبل الهيئة العليا للحقوق والحريات الأساسية.
المحكمة الإدارية على الخطّ
مهمة الهيئة العليا للحقوق والحريات الأساسية انتهت بتسليمها القائمتين مرفوقتين بتقرير مفصّل عن عمل اللجنة بخصوص ملف شهداء الثورة وجرحاها إلى الرئاسات الثلاث ولكن كان بإمكانها الاستجابة لقرار هيئة النفاذ إلى المعلومة القاضي بتسليم علي المكي نسخة ورقية من القائمتين المذكورتين بصفته شقيق احد شهداء مدينة دقاش ومارس حقّه في النفاذ إلى المعلومة،الهيئة خيّرت اللجوء إلى القضاء الإداري أين تقدّمت باستئناف القرار في انتظار البتّ فيه من قبل إحدى الدوائر الاستئنافية المتعهدة به إذ لم يتم بعد ختم التحقيق والمرافعة فيه.
احتجاجات أمام حكومة صامتة
في الوقت الذي تواصل فيه الحكومة سياسة الصمت المريب تجاه ملف شهداء وجرحى الثورة فإن عائلات الضحايا تواصل الإصرار على مطلبها بنشر القائمتين بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية وقد نفذت العديد من الوقفات الاحتجاجية أمام البرلمان و أمام مقرّ الهيئة العليا للحقوق والحريات الأساسية التي تكلّم رئيسها توفيق بودربالة مخاطبا المحتجين آنذاك فقال «القانون يمنعني من تسليمكم نسخة من قائمة الشهداء والجرحى»،كما واصل الأهالي تحركاتهم بإطلاق حملة تحت شعار «سيّب القائمة الرسمية» ولكن كلّ هذه الاحتجاجات يبدو أن صداها لم يصل إلى الجهات الرسمية التي تتبع سياسة التسويف والوعود. في ذات السياق عبّر علي المكي متحدّثا باسم عائلات الضحايا عن الاستياء الكبير على طريقة تعامل الحكومة مع ملف الحال معتبرا إياها تكرّس سياسة الإفلات من العقاب.
بودربالة يستغرب
وجدت الهيئة العليا للحقوق والحريات الأساسية في مفترق الطرق خاصة بعد صدور قرار هيئة النفاذ إلى المعلومة القاضي بتسليم علي المكي نسخة من قائمتي شهداء الثورة وجرحاها إذ وقبل أن تتخذ قرار الاستئناف رأى توفيق بوردبالة أن يسلك طريق الضغط على الحكومة وإيجاد سبل أخرى لنشر القائمة إذ راسل المطبعة الرسمية في الغرض مستفسرا عن إمكانية نشر القائمتين ولكن المطبعة كانت إجابتها الرفض باعتبار عملية النشر لا تتم إلاّ بإذن من رئاسة الحكومة، كما اكد بودربالة في تصريحات سابقة ايضا انه وجّه مراسلات ليوسف الشاهد في عديد المرات مطالبا فيها بضرورة نشر القائمة ولكن دون مجيب الأمر الذي جعل المرسل يستغرب من ذلك الصمت ويعتبر التأخير في نشر القائمتين بالرائد الرسمي إلى حدّ الآن بالرغم من مرور أشهر على تسليمها أمرا غريبا وعيبا في حق عائلات الضحايا.
من جهة أخرى وفي حديثه عن المسألة في أرقام أفاد توفيق بودربالة رئيس الهيئة العليا للحقوق والحريات الأساسية أن عدد الملفات التي أودعت لدى الهيئة منذ تسلّمها لمهامها في منتصف جويلية 2012 بلغ 9946 ملفا بين شهداء وجرحى ،أكثر من 4 آلاف ملف تتعلق بولاية القصرين فقط ،كما أوضح أن نصف العدد الجملي من الملفات تقريبا تم رفضها نظرا للتثبت من عدم صحتها وأنها مزورة وفق تعبيره .