حيث تم إيقاف عدد من رجال الأعمال وكبار المهربين ووضعهم تحت الإقامة الجبرية قبل تحويلهم إلى السجن وذلك بعد مثولهم أمام القضاء على غرار شفيق جراية،صابر العجيلي،عماد عاشور والقائمة تطول ،القضاء العسكري من جهته تعهّد بعدد من الملفات منها التآمر على امن الدولة الخارجي وملف وضع النفس تحت تصرف جيش أجنبي زمن السلم ،كما تم مؤخرا كشف ملف فساد كبير صلب وزارة الطاقة والمناجم مما أسفر عن إقالة الوزير وعدد من الإطارات بالوزارة في انتظار إحالة القضية على العدالة،اليوم وبالنظر إلى ارض الواقع يطرح السؤال ماهي نتيجة هذه الحرب؟ هل هي حرب حقيقية أم هي مجرد واجهة سياسية كما يسميها بعض السياسيين؟ أسئلة يطرحها التونسي اليوم. في هذا السياق تحدثنا مع محمد صالح بن عيسى باعتباره تقلّد منصب وزير للعدل في حكومة الحبيب الصيد وله دراية بما يدور.
للتذكير هناك حزمة كبيرة من ملفات الفساد منها ما أحيل على القضاء من قبل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ومنها ما يزال رهن التقصي، إذ هناك ملفات وصفت بالثقيلة لم ينفض عنها الغبار بعد وهي ارث من لجنة تقصي الحقائق حول الرشوة والفساد.
«تلك هي المعادلة الصعبة»
رئيس الحكومة يوسف الشاهد وجد نفسه اليوم في موقف لا يحسد عليه فقد أطلق الحرب على الفساد منذ ماي المنقضي،خطوة هناك من باركها في البداية وهناك من اعتبرها مجرد مناورة سياسية ،واليوم بعد مرور أكثر من سنة هناك من وصفها بالواجهة السياسية يستعملها الشاهد لتصفية خصومه السياسيين ليجد هذا الأخير نفسه في معركة ليست بالهينة لإثبات أن الحرب على الفساد كانت فعلا حربا حقيقية وهناك نتائج توصل إليها. هنا علّق محمد صالح بن عيسى في تصريح لـ«المغرب» فقال:«اللافت للانتباه هو أن المواطن غير قادر على الاطلاع بصفة شافية و ضافية على معطيات دقيقة وكافية لتتبلور عنده رؤية واضحة. بالتالي هناك أزمة في إعلام المواطن بما يجري وذلك لانعدام الشفافية وهو ما من شانه أن يغذي التشكيك لديه وبالتالي لا بد من وضع سياسة اتصالية متماسكة تقوم على تعاون وثيق ونزيه بين كافة المؤسسات المعنية القضائية منها و غير القضائية بعيدا عن كل المؤثرات السياسية و دون مساس بسرية التحقيق القضائي. تلك هي المعادلة الصعبة التي استعصى تحقيقها على الوجه المطلوب إلى حد الآن. هذا بالإضافة إلى طول الإجراءات القضائية و تشعبها في المادة الجزائية وهو عامل أساسي أدى إلى أن المواطن ينتظر لمدة طويلة قبل أن يلمس نتائج ما تقوم به الدولة في مجال مكافحة الفساد بالنسبة للملفات التي أحيلت إلى القضاء.
الحلول الممكنة
مشهد ولئن يؤكد أن هناك حربا سياسية كبيرة تم فيها استعمال بطاقة الحرب على الفساد ضد الشاهد وبقطع النظر عن مدى مصداقية هذه الحرب ونواياها فإن الثابت لا بد من إيجاد حلول لإنجاح مسار مكافحة الفساد على جميع المستويات ،في هذا السياق اقترح محدثنا محمد صالح بن عيسى جملة من النقاط حيث قال « سأكتفي بالإشارة إلى أربع نقاط هامة في نظري، أولها إعادة النظر بصفة جذرية في النظام الحالي للتفقديات الإدارية و المالية بمختلف أصنافها وذلك بتدعيم استقلاليتها و وسائل عملها و إحكام التكامل الوظيفي فيما بينها،ثانيا التسريع في مناقشة مشروع قانون محكمة المحاسبات و التصويت عليه مع التفكير جديا في مضاعفة ميزانيتها الحالية و تدعيم عدد القضاة فيها.هذا بالإضافة إلى التسريع في إتمام تركيبة هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد في اقرب الآجال ومنحها وسائل العمل الكافية مع الحرص على النأي بتركيبتها عن التجاذبات السياسية لضمان استقلاليتها على ارض الواقع .أما على المستوى القضائي فلا بد أيضا من مزيد تدعيم الوسائل البشرية و المادية للقطب الاقتصادي و المالي لكي يتسنى له العمل بأكثر سرعة و نجاعة مع الحرص على ضمان الحدّ الأدنى من استقرار القضاة المعينين في القطب للاستفادة من تجربتهم في ملفات الفساد و على نطاق أوسع لا بد من الإشارة إلى أن الحاجة أصبحت واضحة وملحّة اليوم لتنقيح مجلة الإجراءات الجزائية بهدف التقليص في حدود معقولة من السلسلة الجزائية من خلال اختصار الطور التحقيقي خاصة على مستوى دائرة الاتهام وهذا التوجه هو حاليا بصدد الدرس و الإعداد من قبل لجان التفكير و الإصلاح صلب وزارة العدل التي قامت بعمل قيم وعميق في هذا الإطار يتعين إدراجه ضمن أولويات السلطة التشريعية لكي تتم برمجته في جدول أعمالها ثم مناقشته والمصادقة عليه في آجال معقولة. هذا ولاحظ محدثنا في نهاية حديثه بأنه لا بدّ من الإسراع في البت في ملفات التحكيم و المصالحة العالقة والتي تحتاج إلى مزيد من التكاتف و التعاون بين هيئة الحقيقة و الكرامة ومصالح المكلف العام بنزاعات الدولة» .