ولئن هدأ نسبيا هذه الفترة فإن حالة الغليان لا تزال قائمة خاصة وأن نقابة القضاة قد لوّحت بمقاطعة السنة القضائية الجديدة التي لم يعد يفصلنا عنها إلاّ القليل،كما طالبت رؤساء المحاكم ووكلاء الجمهورية بتحريك الدعاوى القضائية المجمّدة والتي رفعت ضدّ عدد من المحامين في وقت سابق،من جهتهم عبر المحامون عن استعدادهم لخوض كلّ الأشكال النضالية للدفاع عن مهنتهم وفق تعبيرهم،مشهد ينبئ بأن العودة القضائية ستكون حافلة بالصراعات بين جناحي العدالة في صورة عدم لملمة الوضع وحلحلة الأمور بإيجاد حلول جذرية ترضي الطرفين،في هذا السياق أردنا رصد موقف اتحاد القضاة الإداريين باعتبار القضاء الإداري صنفا من أصناف القطاع عامة حتى وإن العلاقة تختلف بينهم وبين المحامين إلاّ أن الأمر يهمهم.
وللتذكير فإن جمعية القضاة الشبان دعت مؤخرا النيابة العمومية إلى فتح تحقيق ضدّ عميد المحامين عامر المحرزي باعتباره قال في ندوة صحفية أن هناك عددا من القضاة تحوم حولهم شبهات فساد دون أن يكون لديه دليل وفق تعبير الجمعية ،العميد من جهته وفي ردّ على ذلك قال بنبرة فيها الكثير من الاستهزاء بأنه لا يعرف هذه الجمعية ولم يسمع عنها وأنها تعمل بعضو وحيد.
العلاقة مع المحامي مبنية على الاحترام
المعركة بين المحامين والقضاة قديمة في الزمن ولكن رفع عنها الستار بعد الثورة وخاصة في سنة 2015 حيث تحوّلت إلى حرب معلنة وكلّ منهما يستند إلى ما أعطاه إياه الدستور من حقوق ناسيين أنهما جناحان للعدالة لا يمكن أن يعمل واحد دون الثاني وان مصلحة المتقاضي مرتبطة ارتباطا وثيقا بطبيعة العلاقة بينهما وتأثيرها بطبيعة الحال على حسن سير المرفق،معركة تجدّدت مؤخرا على خلفية حادثة جدّت بمكتب التحقيق 17 بالمحكمة الابتدائية بتونس التي اختلفت فيها الروايات من الطرفين بكلّ منهما رواها كما يراها،في هذا السياق علّق وليد الهلالي رئيس اتحاد القضاة الإداريين عن هذا المشهد فقال «المحامي شريك في إقامة العدل وبالتالي فإن قدر القضاة والمحامين هو العمل المشترك بعيدا عن أي تجاذبات قطاعية والاحتقان الموجود منذ سنوات لا يخدم لا مصلحة القضاء ولا مصلحة المتقاضي.أما بالنسبة للقضاء الإداري فلا وجود لمثل هذه المشاكسات والاتهامات المتبادلة فيه مطلقا فالعلاقة بين القاضي الإداري والمحامي لطالما كانت مبنية على الاحترام المتبادل والثقة ولا مجال لزعزعة هذا المكسب صلب جهاز القضاء الإداري».
رسالة لهم
في الوقت الذي لوّحت فيه هياكل المحاماة وهياكل المحامين بالاحتجاج والمقاطعة وخوض كلّ الأشكال النضالية فإن الوضع لا يحتمل مزيدا من الصراعات خاصة وأن السلطة القضائية لا تزال تشق طريقها نحو الوضع الدائم،من زاوية أخرى هناك من يرى أن الحلّ في الحوار ووضع كلّ المشاكل على طاولة النقاش ،هنا علّق وليد الهلالي فقال «يجب الترفع والابتعاد عن الانتماءات القطاعية الصرفة والجلوس إلى طاولة الحوار بين هياكل المهنتين والبحث في سبل تجاوز الأزمة بكل حكمة وتجرّد مع الحزم في ردع كل مخالف للقانون ولأخلاقيات المهنتين»، رسالة واضحة وصريحة ولكن في خضمّ هذه الخلافات العميقة هل سيقتنع الطرفان لوضع مصلحة المرفق فوق كلّ الاعتبارات والتجاذبات القطاعية وقبول الجلوس إلى طاولة الحوار لإيجاد حلول نهائية وقطعية لهذه المشاكل التي ما فتئت تتعمق مع كلّ حادثة.