في العدالة الانتقالية من قبل هيئة الحقيقة والكرامة وذلك في إطار ما يخوله لها القانون من جهة والالتزام الذي أمضته مع وزارة العلاقات مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني،ملف من المنتظر أن يفتح من قبل الدائرة الجنائية المتعهدة لمحاكمة المتورطين فيه،وللتذكير فإن هيئة الحقيقة والكرامة قد أحالت عددا آخر من الملفات تتعلق بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان كالتعذيب الناجم عنه الموت،الاغتصاب،وغيرها على عدد من الدوائر المتخصصة في العدالة الانتقالية التي أحدثت مؤخرا وانطلقت في أعمالها منذ فيفري المنقضي.
ينصّ القانون الأساسي للعدالة الانتقالية على أن هيئة الحقيقة والكرامة تحيل الملفات التي ترى فيها انتهاكا جسيما لحقوق الإنسان على النيابة العمومية الراجعة بالنظر للدائرة المتخصصة في العدالة الانتقالية وفق المرجع الترابي لتتولى النيابة إحالة الملف مباشرة إلى الدائرة المعنية دون الخوض في التقصي والبحث لأن تلك المهمة قامت بها اللجنة المختصة صلب الهيئة سالفة الذكر
قضية عمرها أكثر من 7 سنوات
تعود أطوار قضية السجن المدني بالمهدية إلى الليلة الفاصلة بين 14 و15 جانفي 2011 حيث شهد السجن المذكور حالة من الفوضي والهلع في صفوف المساجين وهو ما اضطر الأعوان إلى التصدي والسيطرة على الوضع ولكن تحولت الحادثة إلى كارثة أودت بحياة ستة سجناء وما لا يقل عن ثمانية جرحى وذلك بعد إصابتهم بالرصاص الحي،علما وان أصابع الاتهام في قضية الحال قد وجّهت إلى المقدم فيصل الرماني بصفته مدير السجن بتهم القتل العمد ومحاولة القتل العمد والاعتداء على امن الدولة الداخلي بحمل السكان على إثارة الهرج والقتل والسلب بالتراب التونسي وحمل شاهد على الشهادة زورا ،بالإضافة إلى اتهام ثلاثة أعوان وهم عريف السجون علي الكرمي وعريف السجون سفيان الهداوي ومدرب إصلاح فؤاد البوغانمي وهؤلاء الثلاثة تعلقت بهم تهمة القتل العمد ومحاولة القتل العمد.وقد اعتبر مدير السجن متهما رئيسيا إذ نفى خلال استنطاقه تسببه في إصابة الهالكين والجرحى بالسجن ولم يجزم بأن منظوريه وهم تحت إمرته أي الأعوان المتواجدين زمن الواقعة كانوا يطلقون النار باتجاه المساجين بل ارجع الإصابات باعتبارها استهدفت الجزء العلوي من الجسم كالرأس والرقبة والصدر كانت بمفعول الرصاصات المرتدة. في المقابل أفادا عونان من منظوريه أحيلا بحالة سراح بأن مدير السجن كان يطلق النار باتجاه المساجين .
من القضاء العسكري إلى الدوائر المتخصصة
بعد أن أحالت هيئة الحقيقة والكرامة الملف المتعلق بقضية السجن المدني بالمنستير التي استوفت كلّ أطوار التقاضي (ابتدائي،استئناف،تعقيب) على الدوائر القضائية المتخصصة في العدالة الانتقالية فإنه من المنتظر أن يفتح هذا الملف خلال عودة المحاكم إلى سالف نشاطها بعد انتهاء العطلة القضائية في سبتمبر المقبل لتنطلق محاكمة مدير السجن المدني بالمهدية وثلاثة أعوان في هذه القضية. وبالعودة إلى أطوار هذه المحاكمة الذي تعهد بها القضاء العسكري فقد اصدر قلم التحقيق بطاقة إيداع بالسجن في حق فيصل الرماني بصفته مديرا للسجن في تلك الفترة صحبة عدد من أعوانه وبعد سنوات من البحث والتقصي أصدرت المحكمة العسكرية الدائمة بصفاقس بتاريخ 19 افريل 2016 أحكامها في قضية الحال والتي قضت بسجن كل من فيصل الرماني، علي الكرمي، سفيان الهداوي وفؤاد البوغانمي لمدة سبع سنوات،هذا الحكم تم استئنافه من قبل لسان الدفاع عن المتهمين لتقرّر محكمة الاستئناف العسكرية بعد أكثر من شهرين على صدور الحكم الابتدائي الحطّ من هذه العقوبة لتصبح سنتين في حق مدير السجن الذي غادر سجن إيقافه بمقتضى هذا الحكم. اليوم الكرة في ملعب الدائرة الجنائية المتخصصة في العدالة الانتقالية بابتدائية المنستير التي ستعيد فتح هذا الملف وتتعرف على حقيقة ما حصل قبل سبع سنوات.