إلاّ أن ملف هيئة الحقيقة والكرامة لا يزال يثير جدلا خاصة بعد البيان الأخير الصادر عنها والمتعلق بلجنة التحكيم والمصالحة بصفة عامة وبتجريح رئيسها في نفسه بصفة خاصة،من جهة أخرى فإن الرأي العام يتابع ملفات التحكيم بين الدولة وعدد ممن لديهم ملفات فساد منشورة لدى القضاء وعلى رأسها ملف سليم شيبوب ،عماد الطرابلسي وغيرها.حول آخر المستجدات في الموضوع وعن مدى شرعية اجتماعات لجنة التحكيم والمصالحة منذ 2016 إلى اليوم تحدثنا مع ابتهال عبد اللطيف عضو بالهيئة وباللجنة.
سليم شيبوب هو أول من بادر بالصلح مع الدولة وذلك بإمضاء اتفاق مبدئي بين الطرفين في ماي 2016 ولكن تعطّلت الإجراءات خاصة بعد القطيعة التي شهدتها العلاقة بين المكلف العام بنزاعات الدولة من جهة ولجنة التحكيم والمصالحة من جهة أخرى وتحديدا مع رئيسها خالد الكريشي،قطيعة وصلت إلى حدّ مطالبة كل طرف الآخر بالاعتذار.
مجبرون لا مخيرون
أثار ملف سليم شيبوب مؤخرا جدلا واسعا خاصة بعد أن طالبته وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية بصفتها متضررة بتعويض مالي قيمته أكثر من ألف مليار على حجم الأضرار التي لحقتها وفق تقديرها،مبلغ وصفه شيبوب بالمجحف معتبرا أن المكلف العام بنزاعات الدولة قد رفع ضدّه قضايا ليس له بها أي علاقة،لمناقشة هذه المقترحات عقدت جلسات عمل صلب لجنة التحكيم والمصالحة بين الطرفين من اجل التوصل الى اتفاق وإمضاء القرار التحكيمي النهائي ولكن يبدو أن الرياح لم تجر بما تشتهي سفن شيبوب والدولة الأمر الذي جعل الوسيط وهي لجنة التحكيم والمصالحة تتدخّل وتقترح مبلغ 307 مليار يدفعه سليم شيبوب للدولة كتعويض وذلك بناء على اختبارات قامت بها هيئة الحقيقة والكرامة وفق ما صرّحت به ابتهال عبد اللطيف نائب رئيس لجنة التحكيم والمصالحة التي قالت أيضا إن الهيئة قد بتت في هذا الملف التحكيمي في موفى ماي المنقضي وذلك بعد أن استحال قرار رضائي بين الطرفين وقد تم اكساء القرار بالصبغة التنفيذية من طرف الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف وسينفذ في الآجال المضبوطة بالقرار التحكيمي التي ستعلن عنها الهيئة لاحقا بالتفصيل».هذا وأضافت محدثتنا أن الهيئة ستبتّ قريبا في باقي الملفات التحكيمية التي فيها اتفاقيات مبدئية. وتجدر الإشارة أنه وبمجرّد تنفيذ اتفاقية الصلح النهائي أو «الإجباري» فإنه يتم إلغاء كلّ التتبعات القضائية ضدّ سليم شيبوب.
ماذا عن شرعية وقانونية اجتماعات اللجنة منذ 2016؟
سؤال أثاره البيان الذي صدر عن هيئة الحقيقة والكرامة مؤخرا مفاده أن خالد الكريشي رئيس لجنة التحكيم والمصالحة قد بادر من تلقاء نفسه منذ نوفمبر 2016 بالتجريح في نفسه في ملفات الفساد المالي التي يكون المكلف العام بنزاعات الدولة طرفا فيها وذلك طبقا للفصل 61 من قانون العدالة الانتقالية بسبب علاقة الشراكة التي كانت تربطه بمبروك كرشيد ووزارة أملاك الدولة،هذا الطلب لم يصادق عليه مجلس الهيئة إلا في ماي 2018 أي بعد ما يزيد عن السنة ونصف وهذا في حدّ ذاته يطرح أكثر من سؤال. بيان فتح الباب على عديد القراءات حول مدى شرعية وقانونية اجتماعات اللجنة منذ 2016 حيث قال مصطفى البعزاوي في هذا السياق “طبقا لبيان الهيئة فإنه لا يمكن لخالد الكريشي أن يكون رئيسا للجنة التحكيم والمصالحة منذ نوفمبر 2016 ولا يحق له مجرد المشاركة في أعمال اللجنة وخاصة في ملف سليم شيبوب،وإذا علمنا أن اللجنة تضم بحسب القانون الداخلي 5 أعضاء لم يبق منهم بعد الإعفاءات والاستقالات غير 3 بينهم خالد الكريشي
وبهذا التجريح منذ 2016 تكون اللجنة تشتغل بعضوين فقط و إذا علمنا أن القانون ينصّ على أن النصاب القانوني لقانونية جلسات اللجنة هو 3 أعضاء، فهذا يعني أن كل جلسات التحكيم فيما يتعلق بسليم شيبوب كانت جلسات غير قانونية لكل هذه الأسباب نستطيع القول أن بن سدرين استحوذت على ملفات التحكيم والمصالحة في ملفات الفساد المالي” هذا واضاف البعزاوي “ما قلته سابقا يعني أن بن سدرين وحدها تقرر كل شيء وهذه قرينة إضافية على غياب الشفافية وشبهة كبيرة حول الانحراف بالقانون والإجراءات وقرينة على ضعف التعامل مع ملفات كبيرة مثل ملف سليم شيبوب أو غيرها وهنا يطرح السؤال كيف كانت تعمل هذه اللجنة منذ نوفمبر 2016 وقد بقي فيها عضوان فقط ؟ خاصة وان الفصل 40 من النظام الداخلي ينصّ على أنه لا يكتمل النصاب القانوني للجنة إلا بحضور ثلثي أعضائها وأن تتخذ القرارات التحكيمية بأغلبية الحاضرين”.في اجابة عن كل هذه القراءات اكتفت ابتهال عبد اللطيف بالقول “إن اجتماعات لجنة التحكيم والمصالحة قانونية طبقا لدليل إجراءاتها”.