ولكن الفصل 18 من القانون الأساسي عدد 53 المؤرخ في 24 ديسمبر 2013 المتعلق بالعدالة الانتقالية أسعفها بإمكانية التجديد بسنة وحيدة ،ما تبقى من أعضاء الهيئة المذكورة وعلى رأسهم رئيستها سهام بن سدرين يفكرون مليا في استعمال هذا الفصل علما وان بن سدرين استبعدت في أحد تصريحاتها انتهاء مهام الهيئة في «سنّ» الأربع سنوات.
من المنتظر حسم المسألة واتخاذ القرار في 26 فيفري الجاري علهم ينجزون في سنة ما لم ينجز في أربع سنوات،من جهة أخرى فإن استعمال ما يسمى بمجلس الهيئة أو بالأحرى ما تبقى منه للفصل 18 كان بتصرف أو بتأويل خاص به إذ يبدو وأنه بعد نقاشات «مستفيضة» وحفاظا على شعار «الهيئة حرّة حرّة والجميع على برّة» الذي رفعته بن سدرين ومن معها وسياسة الإقصاء التي اتبعتها الهيئة منذ خطواتها الأولى اتفق مجلسها على أن قرار التمديد من عدمه هو صلاحية من الصلاحيات الموكولة لها دون سواها في تغييب شبه تام لمجلس نواب الشعب، فهل هذه الهيئة دولة صلب الدولة دون حسيب ولا رقيب؟ فالكلّ مستاء ولكن لا أحد يحرّك ساكنا.
«إقصاء واضح للبرلمان»
هيئة الحقيقة والكرامة مولود من مواليد قانون العدالة الانتقالية كان الهدف منها بناء مسار الانتقال الديمقراطي بخطوات ثابتة لكن رياح الانفراد بالرأي والخلافات الداخلية والحسابات الضيقة عصفت بحلم التونسيين وجعلت مسار العدالة الانتقالية برمته يتأرجح.
يقول الفصل 18 من القانون الأساسي عدد 53 المتعلق بالعدالة الانتقالية «حددت مدة عمل الهيئة بأربع سنوات بداية من تاريخ تسمية أعضاء الهيئة قابلة للتمديد مرة واحدة لمدة سنة بقرار معلل من الهيئة يرفع إلى المجلس المكلف بالتشريع قبل ثلاثة أشهر من نهاية مدة عملها».نصّ وصفه عدد من رجال القانون بالغامض وغير الدقيق ،أمر استندت إليه هيئة الحقيقة والكرامة ليكون لها تأويلها الخاص عنوانه «الخصم والحكم» أي أن الهيئة هي التي تختار التمديد لنفسها وهي التي تصادق عليه، وذلك بعد أن اتخذ مجلسها رأيا استشاريا (لم تفصح بن سدرين عن صاحبه) حول كيفية فهم الفصل سالف الذكر وخاصة في الجزء المتعلق بالجهة المخوّل لها قرار التمديد واستقرّ الرأي وفق تصريح بن سدرين إلى وكالة تونس إفريقيا
للأنباء على أن «الصلاحية في هذا الصدد تعود إلى مجلس الهيئة الذي يقوم برفع الإعلام للبرلمان نظرا لوجود تبعات مادية وذلك بهدف تمكينه من تهيئة نفسه وتشكيل لجنة للنظر في توصيات الهيئة من جهة ولأخذ التدابير اللازمة من جهة أخرى « في ذات السياق قالت بأن «مجلس الهيئة توصّل خلال اجتماع إلى أن قرار التمديد من عدمه هو من الصلاحيات المطلقة للهيئة وقد حدّد تاريخ 26 فيفري الجاري كموعد للحسم في الموضوع أي (التمديد ،كيفيته،تعليله)».تصريح نقرأ من خلاله رسالتين واضحتين الأولى هو أن قرار الهيئة محسوم وهو التمديد وأن استعمال عبارة «من عدمه» هو من باب التشويق ليس إلاّ،أما الثانية فهي موجّهة إلى مجلس نواب الشعب فحواها «الهيئة مستقلّة وقرار التمديد يخصّها لوحدها ومجلس نواب الشعب متفرّج كالبقية ومهمته تجهيز ما تستحقه الهيئة للمدّة المقبلة فقط».
«هيئة أم عصا سحريّة»
ماذا حقّقت هيئة الحقيقة والكرامة في مسار العدالة الانتقالية؟ سؤال وبمجرّد طرحه على عدّة أطراف سياسية منها أو مجتمع مدني أو حتى ضحايا الإجابة تكون “لا شيء”،في المقابل ترى الهيئة أو من تبقى من أعضاء فيها العكس تماما إذ أن الهيكل يسير بخطى ثابتة نحو الانتقال الديمقراطي وفق رؤيتهم. بالعودة إلى مسيرة هذا الهيكل منذ بداياته نجد، خلافات داخلية، استقالات، إقالات، تراشق بالبيانات بين رئيسة الهيئة وأربعة من أعضائها، صلح مفاجئ لا نعلم أسراره إلى اليوم، من جهة أخرى آلاف الملفات في الرفوف على رأسها ملفات لجنة التحكيم والمصالحة، فإلى الآن لم تتوصل إلى الحسم في ملفي الصلح مع سليم شيبوب وعماد الطرابلسي والسبب خلاف وشبه قطيعة مع المكلّف العام بنزاعات الدولة، دون أن ننسى آلاف الضحايا الذين ينتظرون جبر أضرارهم وردّ الاعتبار لهم، كلّ هذا لم ينجز منه شيء وحتى ما يقال أنه أنجز يعتبر نقطة من بحر وبالتالي هنا يطرح السؤال ما لم يتحقّق في أربع سنوات فهل ستحقّقه هيئة الحقيقة والكرامة في سنة فقط؟ هل تملك عصا سحرية لتحقيق أحلام التونسيين عامة وآلاف الضحايا بصفة خاصة؟.