أشهر الأمر الذي جعل رئيستها سهام بن سدرين تفكّر مليّا في مسألة التمديد بسنة وفق ما ينصّ عليه القانون الأساسي للعدالة الانتقالية لسنة 2013 ،في هذا السياق صرّحت بن سدرين أن مجلس الهيئة سيقرّر التمديد من عدمه في منتصف الشهر الجاري مؤكدة على أن توقيف أعمال الهيئة امر غير وارد وهو إعلان ضمني عن القرار.تساؤلات تطرح بخصوص هذه المسألة خاصة في ظل ما تشهده هيئة الحقيقة والكرامة من اشكاليات على مستوى النصاب والمقاعد الشاغرة بالإضافة إلى النصّ التشريعي الذي اعتبره الكثيرون غير دقيق.
هيئة الحقيقة والكرامة تعمل منذ مدّة بتسعة أعضاء فقط بما فيهم الرئيسة من بين 15 عضو وهو العدد الجملي للتركيبة ،السبب هو سلسلة الإقالات والاستقالات التي عاشت على وقعها هيئة الحقيقة والكرامة منذ انطلاقة أعمالها وهو ما دفع بعدد من أعضائها إلى وصف اجتماعاتها منذ أوت 2017 بغير الشرعية.
مسألة النصاب في الميزان
ملف سدّ الشغورات بهيئة الحقيقة والكرامة موجود في رفوف مجلس نواب الشعب فقد وضع في جدول أعمال مكتب المجلس للنقاش والتصويت منذ فترة ولكن تم تأجيله إلى حين صدور الحكم الابتدائي في قضايا الأعضاء المعفيين وفق ما صرّح به مصطفى البعزاوي بصفته احد من تم إعفاؤهم من الهيئة، وهو ما يجعل مسألة التمديد تثير الكثير من الجدل والإشكاليات ،فبالعودة إلى الفصل 18 من القانون الأساسي للعدالة الانتقالية فقد جاء فيه «حدّدت مدة عمل الهيئة بأربع سنوات بداية من تاريخ تسمية أعضاء الهيئة قابلة للتمديد مرة واحدة لمدة سنة بقرار معلل من الهيئة يرفع إلى المجلس المكلف بالتشريع قبل ثلاثة أشهر من نهاية مدة عملها» إذ فقرار التمديد تتخذه الهيئة في جلسة رسمية ثم تحيله إلى المجلس المكلف بالتشريع ولكن كيف لها أن تجتمع وتتخذ قرارات بأقل من الثلثين وهو أمر مخالف للفصل 59 من ذات القانون الذي ينصّ على أن «تجتمع الهيئة بدعوة من رئيسها أو من ثلث أعضائها ولا تكون اجتماعاتها صحيحة إلا بحضور ثلثي الأعضاء»،كما تنص الفقرة الأخيرة من الفصل التاسع من النظام الداخلي بوضوح أكثر وقد جاء فيها «وفي صورة عدم اكتمال النصاب القانوني يمكن لمجلس الهيئة عقد اجتماعات غير رسمية بمن حضر من أعضائه على أن يقتصر الاجتماع على التداول دون إمكانية اتخاذ القرار».فطبقا لذلك ولعديد القراءات القانونية فإن الهيئة في صورة اتخذت قرارها بمجلس يضم 9 أعضاء فقط فهو قرار غير شرعي وبالتالي لا يمكن للمجلس المعني النظر فيه. علما وان رأي المحكمة الإدارية كان واضحا إذ اعتبر أن النصاب القانوني لا يمكن أن يكون أقل من 10 أعضاء. من جهة أخرى وبخصوص صدور الأحكام في قضايا الأعضاء المعفيين من المنتظر أن يكون خلال نهاية الشهر الحالي فهل يتلافى مجلس نواب الشعب هذا الإشكال ويضع ملف سدّ الشغورات على الطاولة أم تكون حجّة دامغة لإبطال أعمال الهيئة وبالتالي توقيف مهامها ورفض التمديد؟ خاصة وأن عديد النواب و الملاحظين وكذلك رئيس الجمهورية عبروا عن استنكارهم لما يحدث صلب هذا الهيكل الذي لم يحقق شيئا في مسار العدالة الانتقالية.
«قانون مبهم»
قامت لجنة شهداء الثورة وجرحاها وتنفيذ قانون العفو التشريعي العام والعدالة الانتقالية بعقد جلسة استماع لعديد الخبراء فيما يتعلق بملف التمديد لهيئة الحقيقة والكرامة ،القاضي الإداري أحمد الصواب أحد من تم سماعه حيث اعتبر أن قرار التمديد يتخذه مجلس نواب الشعب في جلسة عامة تعقد للغرض وتتطلب 109 أصوات. كما وصف الفصل 18 من قانون العدالة الانتقالية بأنه يفرض التأويل وقال أيضا «رفع طلب التمديد يستوجب بالضرورة علاقة عمودية وسلطة تقريرية للبرلمان باعتباره سلطة أصلية والهيئة سلطة فرعية».
موقف مشابه قدّمه العضو مصطفى البعزاوي حين قال «القانون مبهم فالفصل 18 من القانون عدد 53 ينص على ما يلي (حددت مدة عمل الهيئة بأربع سنوات بداية من تاريخ تسمية أعضاء الهيئة قابلة للتمديد مرة واحدة لمدة سنة بقرار معلل من الهيئة يرفع إلى المجلس المكلف بالتشريع قبل ثلاثة أشهر من نهاية مدة عملها) وهو ما يعني أن الهيئة هي من تقرر التمديد - النص يقول بقرار من الهيئة ولكن النص يضيف أن القرار يجب أن يكون معللا وكذلك يجب أن يرفع إلى المجلس المكلف بالتشريع وهنا نسأل ما هو دور مجلس نواب الشعب ؟ هذا الدور سكت عنه الفصل».