وتم مؤخرا إحياء الذكرى الخامسة لهذه الحادثة التي راح ضحيتها أكثر من 200 شخص إصاباتهم متفاوتة الخطورة، ذكرى تزامنت هذه المرّة مع قيام هيئة الحقيقة والكرامة بعقد جلسات استماع لعدد من الضحايا الذين لم يودعوا ملفاتهم لدى القضاء ولا حتى لدى الهيئة المذكورة ،خطوة استهجنها الاتحاد الجهوي للشغل بسليانة الذي قاطع الجلسات ويلوّح بالإضراب العام في كل القطاعات بتاريخ 13 ديسمبر الجاري بالمنطقة مطالبا وزارة الداخلية بالتعاون مع القضاء ومدّه بكل الوثائق،بالإضافة إلى التعبير عن رفضه لتدخل هيئة الحقيقة والكرامة في مجريات التقاضي على حدّ تعبيره.
أحداث الرّش بولاية سليانة جاءت على خلفية احتجاجات لعدد كبير من متساكني المنطقة طالبوا خلالها بالتنمية والتشغيل على غرار سلسلة من التحركات التي عاش على وقعها أيضا عدد آخر من ولايات الجمهورية
هيئة الحقيقة والكرامة في قفص الاتهام
فحوى جلسة الاستماع التي عقدتها هيئة الحقيقة والكرامة بتاريخ 24 نوفمبر المنقضي لعدد من ضحايا الرّش بسليانة لم يكن بالمستوى المطلوب وخابت الآمال والتطلعات ،فهناك من وصف ما تم بثه بتوظيف للملف في مصالح سياسية ضيقة وهناك من اعتبر الهيئة لم تلتزم الحياد ،اتحاد الشغل من جهته عبّر عن استنكاره لعقد تلك الجلسات وقاطعها ،من جهة أخرى لاحظنا أن كل ّ الشهادات التي قدمها الضحايا تقريبا فيها شيطنة واضحة وصريحة للاتحاد الجهوي للشغل بسليانة في المقابل هناك انتصار للجلاد على حساب الضحية وفق تقدير العديد من المتابعين الذين وصفوا الجلسات بالمهزلة.
اتحاد الشغل أعلن الدخول في إضراب عام بجميع القطاعات وذلك يوم 13 ديسمبر الجاري بولاية سليانة مطالبا الجهات القضائية المتعهدة بالإسراع في فصل الملف ،هذا ووجّه دعوة صريحة ومباشرة لوزارة الداخلية بالتعاون مع السلطات القضائية وذلك من خلال مطالبته إياها بمدّ القضاء بكل الوثائق والمعطيات المتعلقة بالملف،فهل تستجيب الوزارة المعنية لهذا الطلب علما وأنه سق لقضاة التحقيق الذين تعاقبوا على ملف أحداث الرّش بسليانة أن وجهوا مراسلات لوزارة الداخلية طلبوا فيها مدّهم بقائمة الأعوان الذين كانوا على عين المكان زمن الواقعة وقائمة الذخيرة والسلاح الذي تم استعماله ولكن الأخيرة تحجّجت بأنه لم يتم تسجيل كل هذه المعطيات لأن الأوضاع كانت تتسم بالفوضى وقتها.
إذا عن الملف القضائي؟
بعد أن قرّر قاضي التحقيق بالمحكمة العسكرية الدائمة بالكاف والمتعهد بملف أحداث الرّش بسليانة ختم الأبحاث في ملف قضية الحال وذلك بتوجيه تهمة الاعتداء بالعنف إلى أربع إطارات أمنية فقط قرّرت هيئة الدفاع عن المتضررين الطعن فيه (أي قرار ختم الأبحاث) وذلك لعدّة أسباب أهمها أن التهم الموجهة للأمنيين لا تتنزل في إطار العنف فقط بل هي محاولة قتل وفق تقدير لسان الدفاع كما أن الشكاية التي تقدم بها الضحايا شملت آخرين من بينهم علي العريض بصفته وزيرا للداخلية في ذلك الوقت. دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف العسكرية نظرت أمس الثلاثاء 5 ديسمبر الجاري في ملف الاستئناف وقرّرت تأجيله إلى موعد لاحق لتمكين هيئة الدفاع من تقديم المؤيدات.
من جهة أخرى فإن علي العريض واثر تقديم شهادته المسجلة التي بثّت على هامش جلسة الاستماع المنعقدة من طرف هيئة الحقيقة والكرامة قد وجّه أصابع الاتهام بطريقة غير مباشرة إلى مدير عام الأمن الوطني من خلال قوله بأن «المسؤول على العمل الميداني هو المدير العام للأمن الوطني» علما وان وزير الداخلية السابق أيضا لطفي بن جدو قال بأن عددا من المديرين اعلموه خلال تقلده حقيبة الوزارة المذكورة بأنه تقرّر خلال اجتماع استعمال مادّة الرّش ضد المتظاهرين وكانت النية تفادي ما حدث في الثورة من خلال استعمال الرصاص الحي وان المسؤولين لم يكونوا يعتقدون أن الأضرار ستكون جسيمة باستعمال الرّش».