وقعها الساحة القضائية منذ نوفمبر المنقضي وتحديدا تاريخ الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات التي أجريت في 23 أكتوبر الفارط.
خلافات كشفت المستور وبينت حقيقة العلاقة بين الهياكل القضائية والتي تميزت بالقطيعة شبه التامة بين جمعية القضاة من جهة واتحاد القضاة الإداريين وجمعية القضاة الشبان ونقابة القضاة واتحاد قضاة دائرة المحاسبات من جهة أخرى،كما كشفت هذه المرحلة أي مسار تركيز المجلس الأعلى للقضاء عن حجم التجاذبات والحسابات القطاعية الضيقة التي كادت أن تعصف بمرفق العدالة عامة إذ دخل في منعرج خطير تميز بالاحتقان والحيرة تجاه وضع عديد المحاكم التي تشهد شغورات نتيجة بلوغ عدد من القضاة سنّ التقاعد ،هذا بالإضافة إلى الانقسام الذي شهده المجلس الأعلى للقضاء في حدّ ذاته حيث تكونت مجموعتان الأولى مع الحلّ التشريعي بالرغم من وصفه بالشرّ الذي لا بدّ منه والثانية رافضة له خاصة في ظل وجود مبادرة قضائية تقدم بها 3 قضاة معينين بالصفة في المجلس. وضعية حسمتها السلطة التنفيذية بعد أن عجز القضاة عن إيجاد توافق فيما بينهم وفي شأن يخصّهم إذ يعتبر امتحانا مهما لوحدة القضاة واصطفافهم لخدمة القطاع وليس مصالح ضيقة.تاريخ 28 افريل 2017 من المؤكد أنه لن يمحى من ذاكرة أهل الاختصاص عامة وأعضاء المجلس الأعلى للقضاء بصفة خاصة الذين وضعوا كل خلافاتهم جانبا واجتمعوا حولة طاولة واحدة في أولى الجلسات التي دعا لها محمد الناصر رئيس مجلس نواب الشعب طبقا للصلاحية التي منحتها إياه المبادرة التشريعية وهي عبارة عن تعديل في عدد من فصول القانون الأساسي المنظم للمجلس المذكور ،جلسة عمل أسفرت عن انتخاب رئيس مؤقت للمجلس ونائبتين له ،خطوة اعطت إشارة انطلاق المجالس القطاعية في ترتيب بيتها الداخلي باختيار رؤساء مؤقتين لهم.
الخطوة الأهم هي اقتراح أسماء لسدّ الشغورات في الخطط الوظيفية العليا التي كانت مثيرة للجدل الحاصل بخصوص تركيز المجلس اذ تم منذ أكثر من أسبوع تقديم مقترحات أو ما يعبر عنه بالترشيحات لرئيس الجمهورية الذي قام بإمضاء الأوامر الخاصة بذلك وتتمثل في تعيين كل من الهادي القديري رئيسا أول لمحكمة التعقيب،طارق شكيوة وكيل الدولة العام لدى محكمة التعقيب،عماد الدرويش وكيل الدولة العام مدير المصالح العدلية وأحمد الحافي رئيسا للمحكمة العقارية.بهذه الإمضاءات يكون المجلس الأعلى للقضاء قد خطا خطوة جديدة نحو الوضع الدائم وفي الاتجاه الصحيح في انتظار استكمال الخطوة الأهم في ترتيب بيته الداخلي بانتخاب رئيس دائم ونائب له وهي خطوة منتظرة في الأيام القادمة.
وتجدر الإشارة إلى أن المجلس الأعلى للقضاء عامة ومجلس القضاء العدلي بصفة خاصة يستعد على قدم وساق لإجراء الحركة القضائية 2017 /2018 والتي كانت تحت إشراف الهيئة الوقتية للقضاء العدلي طيلة أكثر من ثلاث سنوات، هذه المرحلة تعتبر امتحانا أول للمجلس من اجل إثبات استقلاليته ونزاهته.