وللتذكير فإن مشروع قانون عدد 79 لتنقيح قانون 52 المتعلق بالمخدرات قد تم اقتراحه من الحكومة منذ ديسمبر 2015 وعرض على لجنة التشريع العام الذي وضعته على طاولة النقاش في أكثر من مناسبة وبعد سلسلة من السماعات إلى عديد الأطراف السياسية منها والحقوقية لم يحصل التوافق ليعود هذا المشروع من جديد إلى الرفوف إلى أن يأتي ما يخالف ذلك
6700 سجين من اجل استهلاك المخدرات لأول مرة
لغة الأرقام وحدها كافية لمعرفة حجم خطورة ظاهرة استهلاك المخدرات خاصة على الشباب إذ تفيد آخر الإحصائيات لسنة 2016 بأن هناك 25 ألف موقوف من بين 8 آلاف سجين بالسجون التونسية من اجل جريمة استهلاك المخدرات و6700 منهم لأول مرة، المشروع الجديد ذو الفصل الوحيد وصف بالخطوة الايجابية جدا باعتبارها تمكن القاضي من ممارسة ما يعرف قانونا بالسلطة التقديرية وهو أن يصدر أحكامه طبقا للحالة المعروضة عليه مع الأخذ بعين الاعتبار الظروف وملابسات القضية خاصة من حيث الاستهلاك للمرة الأولى والظروف الاجتماعية وغيرها،مقترح طالب به العديد من الأطراف وخاصة مبادرة «السجين 52»،وفي هذا السياق علّق غازي مرابط أحد أعضائها بالقول «مشروع القانون هذا جاء وكما يعلم الجميع على اثر اجتماع مجلس الأمن القومي بتاريخ 15 مارس
المنقضي وهي خطوة كبيرة جدا ونثمنها لأنها تطلق يد القاضي وتمكنه من صلاحيات تقديرية وبالتالي من الاجتهاد فيما يتعلق بجرائم المخدرات وللتذكير فإن تنقيح قانون المخدرات قد وضعه رئيس الجمهورية الحالي من بين نقاط حملته الانتخابية آنذاك ليتم تقديم مقترح من الحكومة في 30 ديسمبر 2015 بما فيه من ايجابيات وسلبيات ،بقي المشروع سنة في رفوف البرلمان لتنطلق أولى المناقشات فيه بتاريخ 3 جانفي 2017 كما تم السماع إلى المجتمع المدني ولكن الوصول كان إلى طريق مسدود بعد اللاتوافق بين السياسيين والكتل النيابية وبالتالي وجدوا أن الحل الوحيد لوقف نزيف الإيقافات هو تقديم المقترح التعديلي سالف الذكر».
ماذا عن جاهزية الدولة للوقاية والعلاج؟
لئن اعتبر الملاحظون ان ما قامت به الحكومة شيء ايجابي فإنها طالبت في المقابل باستعجال النظر في مشروع القانون عدد 79 والمصادقة عليه خاصة وانه منشور منذ سنة 2015 ولكن في خضم كلّ ذلك لسائل أن يسأل هل أن الدولة جاهزة لهذه المرحلة الجديدة وما تتطلبه من متابعة للمستهلكين والوقاية والعلاج؟ سؤال علق عليه الطيب المدني رئيس لجنة التشريع العام في احدى المداخلات التلفزية فقال «لجنة التشريع العام حدّدت الخيارات وقامت بعديد السماعات واستغرقت مناقشتها لمشروع القانون عدد 79 شهرين تقريبا وهو جيّد من حيث الفكرة والمضمون ولكن لا يمكن تطبيقه في تونس فالمطالبة بلجان خاصة لمستهلكي المخدرات وعلاج خاص هو حلم ومن ضرب الخيال وأن تتكفل الدولة بالعلاج هذا أيضا حلم» في المقابل أجاب غازي مرابط على نفس السؤال فقال «هذه مغالطات لأن 95 % من المستهلكين يستهلكون مادة الزطلة وهو ما لا يستدعي اللجوء الى مركز علاج أو مستشفيات خاصة ولكن يكفي ان يتم عرض المدمن على طبيب نفسي وتمكينه من الإحاطة الاجتماعية والنفسية من قبل العائلة والطبيب».
وللتذكير فإن تونس تفتقر إلى مراكز العلاج من الإدمان خاصة بعد أن أغلق مركز صفاقس أبوابه وبالتالي فإن القانون الجديد الذي يحتوي على فصل واحد سيقي الآلاف من دخول السجن وبالتالي الحدّ من ظاهرة الاكتظاظ التي يعاني منها اغلب السجون التونسية إن لم نقل كلها ولكن لا بدّ من ترسانة قانونية تقي المستهلكين لأول مرة ولكن في المقابل لا تشجع على الاستهلاك.