وامام التزام الحكومة الصمت تجاه مسألة الحال قررت استئناف التحركات الاحتجاجية.
«سياسات انفرادية وإقصائية»
عبرت جمعية القضاة التونسيين خلال مجلسها الوطني المنعقد السبت الفارط عن عميق انشغالها للتأخير الكبير الحاصل في تدعيم المحكمة الإدارية ودائرة المحاسبات بالإمكانيات البشرية واللّوجيستية الكافية لتمكين المؤسستين من أداء مهامهما في إجراء رقابة فعلية على الانتخابات البلدية المزمع اجراؤها أواخر سنة 2017 رغم الوعود التي أطلقتها الحكومة في الغرض.
وحمّلت السلطة التنفيذية مسؤولية الاحتقان داخل الجسم القضائي بسبب استعادة السياسات الانفرادية والإقصائية في التعاطي مع أوضاع المحاكم ومشاغل القضاة المادية والمعنوية على حدّ تعبيرها. وأكّدت أن تدهور الوضع المادي للقضاة البعيد كل البعد عن ضمانات الاستقلالية طبق المعايير الدولية يستوجب التحرك العاجل من الحكومة لمراجعة مرتبات القضاة وما يتبعها من منح بالترفيع فيها في انتظار تخصيصهم بنظام تأجير مستقل.
وأوضحت في السياق نفسه بانّ مقرات المحاكم العدلية والمحكمة الإدارية ومحكمة المحاسبات غير مستجيبة للمعايير الدنيا المطلوبة لشروط المحاكمة العادلة، كما أنها تفتقد للمرافق الضرورية لإسداء الخدمات القضائية في حدها الأدنى.
«العواقب الوخيمة للتنقيح»
من جهة أخرى فقد حمّلت جمعية القضاة رئيس الحكومة مسؤولية تعطيل عمل الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين وإضعافها من خلال عدم تسديد الشغورات الحاصلة فيها ويطالبونه بتسديد تلك الشغور لعدم ارتهان الرقابة الدستورية على مشاريع القوانين للتحكم السياسي للسلطة التنفيذية.
واستنكرت ما آل إليه الطعن بعدم دستورية مشروع القانون المنقح للقانون الأساسي المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء من تعطيل للرقابة على دستورية هذا القانون بالتجريح المفتعل وغير المؤسس لأحد أعضاء الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين في نفسه بذريعة عضويته بهيئة القضاء العدلي في سابقة خطيرة وهو الذي سبق له النظر في دستورية قانون المجلس الأعلى للقضاء بعد ان كان أبدى رايا فيه صلب هيئة القضاء العدلي ورغم انه كان مشاركا في فقه قضاء هيئة مراقبة دستورية مشاريع القوانين التي رفضت في قراراتها السابقة التجريح المؤسس على ازدواجية العضوية في الهيئتين على حدّ تعبيرها.
كما جدّدت تمسكها بالحلول السليمة لتركيز المجلس الأعلى للقضاء إما بممارسة رئيس الحكومة لصلاحيته في إمضاء أوامر تسمية القضاة الذين تكتمل بتسميتهم تركيبة المجلس وتقع الدعوة لانعقاده طبقا للدستور والقانون وهو الحل الذي أكدت سلامته قرارات المحكمة الإدارية الصادرة في 27 مارس 2017 والتي قضت بصحة ترشيحات الهيئة الوقتية للقضاء العدلي أو بتفعيل المبادرة القضائية التي حازت على موافقة وإمضاء أكثر من ثلثي أعضاء المجلس حماية لاستقلاليته وإستقلالية القضاء .
وحذّرت في السياق نفسه من العواقب الوخيمة للتنقيح المقرر إدخاله على قانون المجلس الأعلى للقضاء المخالف للدستور والماس باستقلاليته والذي يهدف إلى إضعاف موقعه وقراراته.
استمرارية في المماطلة
استنكرت الجمعية أسلوب وزارة العدل في إصدار التعليمات خارج أي صلاحيات قانونية لمطالبة المسؤولين الأول على المحاكم بمدها بقائمات إسمية في القضاة الذين انخرطوا في تحركات في الفترة السابقة ولممارستهم حقهم في الاجتماع والتعبير دفاعا عن مطالبهم الشرعية. وأكدت أن اتخاذ أي إجراءات تعسفية ضد القضاة سيقع التصدي له بكافة أشكال التحركات القانونية والميدانية .
كما عبرت عن شديد استيائها من إمعان وزير العدل ورئيس الحكومة في إبقاء باب الحوار مغلقا إزاء القضاة والاستمرار في المماطلة بتأجيل موعد اللقاء الذي حدد مؤخرا وبعد ثمانية أشهر من المطالب المتعددة والتحركات المتتالية لطرح الحلول العاجلة بخصوص تردي أوضاعهم المادية وظروف العمل بالمحاكم .
حمل الشارة الحمراء
قررت جمعية القضاة التونسيين استئناف التحركات الاحتجاجية بخصوص الوضع المادي للقضاة وظروف العمل بالمحاكم والتي ستكون مرفوقة بحمل الشارة الحمراء وذلك بتأجيل النظر في القضايا وتأخيرها على حالتها على امتداد خمسة أيام بداية من 24 أفريل 2017 إلى 28 أفريل 2017 .
مطالب بعدم ختم القانون
طالبت جمعية القضاة رئيس الجمهورية، بإعتباره الساهر على احترام الدستور بعدم ختم القانون المنقح لقانون المجلس الأعلى للقضاء المصادق عليه بتاريخ 27 مارس 2017 والمشوب بعدم الدستورية حماية للمؤسسات الدستورية بعد تركيزها من الطعون اللاحقة والتي تضعف استقرارها بما من شانه المساس بسلامة الانتقال الديمقراطي على حدّ تعبيرها.