أزمة المجلس الأعلى للقضاء أخذت منعرجا جديدا لتتعمق بذلك الهوة والاختلاف بين الهياكل القضائية المتناحرة ويمكن أيضا أن تدخل الهيئة الوقتية للقضاء العدلي على الخط خاصة وأن القضاء الإداري اقرّ بوجودها.
نقابة القضاة تعبر عن صدمتها
هذا الهيكل القضائي هو من بين الأطراف التي ساندت المبادرة التشريعية ووصفتها بالحلّ المرّ الذي كان بالإمكان عدم الالتجاء إليه لولا تعنت البعض و الذي كان السبب المباشر في الأزمة بسبب الإصرار على موقف مخالف للقانون و الدستور على حدّ تعبير رئيسها فيصل البوسليمي الذي قال أيضا «لا تأثير للأحكام الصادرة عن المحكمة الإدارية على سير المبادرة التشريعية و التي انتهت بالمصادقة عليها باعتبار أنها (أي الأحكام) تتعلق بقرارات صادرة عن أعضاء المجلس الأعلى للقضاء وأذنت بتوقيف تنفيذها» مؤكدا انه أصيب بخيبة أمل وبصدمة بسبب سلوك قضاة المحكمة الإدارية التي لطالما أراد أن تكون بعيدة عن التجاذبات بخصوص أزمة المجلس» هذا وأضاف البوسليمي «أن من أصدر الأحكام تم التجريح فيه من قبل باعتباره مقدوحا فيه بموجب زواجه من إحدى القاضيات المنتخبات بالمجلس الأعلى للقضاء عن المحكمة الإدارية والتي اتخذت موقفا معينا من الأزمة نفس القاضي الذي أصدر الحكم أصبحت له منذ غرة مارس العضوية الآلية بالمجلس الأعلى للقضاء وبالتالي فحكمه قد صدر على المقاس وبتأثير من أطراف داخل المحكمة الإدارية وجمعية القضاة التونسيين وهي محاولة للتشويش على المبادرة التشريعية لا غير»
الطعن في المبادرة التشريعية وبعد
تدخل السلطة التنفيذية على الخط باقتراح المبادرة التشريعية كان يهدف على حدّ قول الحكومة إلى التسريع في حلّ الأزمة التي طالت ولا يمكن أن تتواصل ولكن جرت الرياح بما لا تشتهي سفنها ولئن تمت المصادقة على هذه الوثيقة صلب لجنة التشريع العام في مناسبة أولى ثم نجحت في امتحان المصادقة في الجلسة العامة يوم 28 مارس الجاري ولكن المشوار لا يزال متواصلا والطريق طويلة لأن هناك أكثر من 30 نائبا قد توجهوا بمطلب طعن في دستوريتها أمام الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين التي ستنطلق بعد أسبوع تقريبا في النظر في هذا الملف لتصدر قرارها في أجل 10 أيام قابلة للتمديد بسبعة أيام وما تتطلبه هذه الخطوة من إجراءات ووقت يعني أن التعطيل متواصل وشبح الشلل والدخول في دوامة اكبر يتربص بمرفق العدالة خاصة بسبب الشغورات العديدة التي يعاني منها.
إشكاليات في هيئة مراقبة الدستورية
كما هو معلوم فإن الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين فيها شغورات في منصبين اثنين وهما الرئيس واحد الأعضاء بعد أن تمت إحالتهما على التقاعد وهو ما يطرح أسئلة حول إمكانية قيامها بمهامها وفي هذا السياق أكد فيصل البوسليمي رئيس نقابة القضاة انه «مبدئيا النصاب متوفر حسب قراءتنا للنصوص المنظمة للهيئة ولكن هناك إشكالا كبيرا في تركيبتها باعتبارها تضم السيد الرئيس الأول للمحكمة الإدارية الذي سبق له و أن نأى بمؤسسة رئاسة المحكمة عن التجاذبات التي انجرت عن أزمة تركيز المجلس و جرح في نفسه بمناسبة نشر قضايا إيقاف تنفيذ القرارات الصادرة عن المجلس الأعلى للقضاء كيفما تمت الدعوة إليه من طرف بعض أعضائه طبق الفصل 36 من قانون المجلس و بناء على ما تقدم فاني اقدر أن السيد الرئيس الأول للمحكمة الإدارية لن ينظر في الطعن حفاظا على سمعة و مصداقية مؤسسة رئاسة المحكمة الإدارية وكذلك سمعته شخصيا»
«كان على البرلمان احترام قرار القضاء»
وزير العدل غازي الجريبي قال بأن الأحكام الصادرة عن القضاء الإداري لم تغير من الواقع القانوني ولا علاقة لها بمناقشة المبادرة في هذا السياق ردّ عماد الغابري فقال «ليس صحيحا فقرارات المحكمة الإدارية سواء الصادرة في الموضوع أو في إيقاف التنفيذ مكسيّة بحجيـــة اتصال القضاء وهي واجبة التنفـيذ على الجميع بمـا فيها الحكومة والبرلمــان وهذه الحجية على خلاف ما صرح به وزير العدل لا تتعلق بالمنطوق فقط بل تشمل أسانيد القرار و بذلك فقد كان على الحكومة ترتيب النتائج القانونية للازمة على إقرار المحكمة بشرعية اختصاص الهيئة الوقتية في تقديم الترشيحات للوظائف القضائية الشاغرة.كما كان على البرلمان أخذ هذا المعطى المهمّ والتحري قبل المصادقة على المبادرة التشريعية .وذلك بناء على قراءة المحكمة الإدارية للأحكام الدستورية والتشريعية.وكان على البرلمان احترام أحكام القضاء بعدم المصادقة على مبادرة فاقدة لكل جدوى قانونية».