للتذكير فإن أحمد الصواب العضو المعين بالصفة في المجلس الأعلى للقضاء قرر مؤخرا الانسحاب من مجموعة الــ21 مع الإبقاء على عضويته بالمجلس وذلك لعدم التزام بقية الأعضاء بالقرار القضائي.
ماذا لو تدخلت الحكومة في هذين المجلسين؟
جمعية القضاة التونسيين والأعضاء المعارضين لاجتماع المجلس الأعلى للقضاء يقولون بان الهيئة الوقتية للقضاء العدلي لا تزال سارية المفعول وتواصل مهامها إلى حين اكتمال تركيبة المجلس الأعلى للقضاء من خلال إمضاء قرارات الترشيح من قبل رئيس الحكومة على حد تعبيرهم،أي بترجمة أخرى تدخل يوسف الشاهد لفض الإشكالات العالقة في أزمة المجلس الأعلى للقضاء خاصة بعد بلوغ خالد العياري رئيس الهيئة سن التقاعد ومغادرته منصبه دون دعوة المجلس إلى الانعقاد وهو ما زاد من اشتعال فتيل الصراعات في الساحة
القضائية ولكن لو عدنا بذاكرتنا الى الوراء فإن الهياكل القضائية كانت تتمسك في كل مرة برفضها القاطع الى تدخل السلطة التنفيذية في القضاء ورفعت شعارات تطالب بسلطة قضائية مستقلة ولكن اليوم نراها مصرّة وتطالب صراحة بهذا التدخل مما يطرح جملة من التساؤلات خاصة في ما يتعلق بهياكل قضائية أخرى لرئيس الحكومة دور كبير فيها فماذا لو أقدمت الحكومة ورئيسها بدعوة المجلس الأعلى للمحكمة الإدارية والمجلس الأعلى لدائرة المحاسبات للانعقاد باعتباره رئيسهما حاليا ما لم يتركز المجلس الأعلى للقضاء وقام بتعيين رئيس جديد لدائرة المحاسبات خلفا للسيد عبد اللطيف الخراط الذي بلغ سن التقاعد وكل ذلك بالاعتماد على منطوق الفصل 74 من القانون الأساسي عدد 34 لسنة 2016 مؤرخ في 28 افريل 2016 المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء والذي جاء فيه « يواصل كل من الهيئة الوقتية للإشراف على القضاء العدلي والمجلس الأعلى للمحكمة الإدارية والمجلس الأعلى لدائرة المحاسبات مباشرة مهامهم إلى حين استكمال تركيبة المجلس الأعلى للقضاء بهياكله الأربعة وإرسائه.» في هذه الحالة كيف سيكون موقف الهياكل وخاصة منها المدافعة عن طرح تدخل الحكومة في هذه المسألة؟. فبقطع النظر عن صحّة التوجه فإن السلطة التنفيذية أقرت ولو بصفة مبطنة أن الأمر يخص القضاة وهو شورى بينهم وبالتالي الحلّ بيد أهل الدار دون سواهم والعودة إلى طاولة الحوار هو الحلّ الأنسب في ظل هذا المشهد الذي يسوده الظلام وانعدام الرؤية.
هل يتوحّد القضاة؟
المسألة حقيقة في غاية الخطورة باعتبار ما يمكن أن تفضي إليه من انزلاق نحو المجهول إذا تواصل الحال على ما هو عليه اليوم فمتى يغلب صوت الحكمة ويجتمع قضاتنا على كلمة سواء تُوحد ولا تُفرق وتبني ولا تهدم باعتبار حاجة المواطن الملحة الى مرفق قضائي يرعى مصالحه ويحمي حقوقه خاصة وأن الفترة الأخيرة شهدت تأجيل العديد من القضايا والملفات بسبب الإضراب الذي أقرته جمعية القضاة التونسيين؟ ،ما نلمسه على ارض الواقع اليوم يشير إلى أن الفصل في القضايا في المحاكم التونسية يعرف بطءا وآجالا ممتدة في الزمن تكاد تكون الأطول مقارنة بما هو قائم في عدد من الدول الأخرى وفق رؤية عديد الأطراف. وللتذكير فإن احد الأعضاء الرافضين لانعقاد المجلس من قبل بقية زملائهم بأن قرار المحكمة الإدارية الأخير بقبول الطعون وتأجيل تنفيذ القرارات المنبثقة عن اجتماعات المجلس في أكثر من مناسبة هو فرصة للفريقين للعودة إلى طاولة المفاوضات والنقاش والخروج بحلول ترضي الطرفين وتضع مصلحة السلطة القضائية في الميزان والاعتبار علما وأن الهيئة الوقتية للقضاء العدلي من جهتها اجتمعت مع عدد من أعضاء مجلس القضاء العدلي لإيجاد مخرج لهذه الأزمة ، تعددت اللقاءات والدعوات إلى الحوار ولكن يبدو أن الأمور تتجه نحو التعقيد وربما نحو طريق مسدود.
فيصل البوسليمي رئيس نقابة القضاة التونسيين صرح في احد البرامج التلفزية مؤخرا بأن الحلّ الوحيد للخروج من مأزق المجلس الأعلى للقضاء هو تشريعي بحت وقال في هذا السياق «لا وجود لأي سلطة مخول لها قانونا إمضاء أوامر تسمية القضاة في المناصب القضائية السامية والحل لفض أزمة تركيز المجلس الأعلى للقضاء لن يكون إلا بتدخل تشريعي».