من جهة وجمعية القضاة التونسيين التي عبرت عن معارضتها لهذا التوجه منذ البداية متشبثة بضرورة إمضاء قرارات الترشيح لسدّ الشغورات أولا حتى ينعقد هذا الهيكل في أطره القانونية حسب رؤيتها. رئاسة الحكومة من جهتها يبدو أنها اختارت أن تترك ما لقيصر لقيصر باعتبار هذا الشأن يعني القضاة لوحدهم. هذا المشهد ثلاثي الأبعاد من شأنه أن يفتح الباب على التساؤل حول مآل الاجتماع المنتظر خاصة وان جمعية القضاة تهدد بالتصعيد وبتنفيذ إضراب عام في صورة تواصل الحال على ما هو عليه.
للإشارة فإن الهيئة الوقتية للقضاء العدلي وقبل إحالة رئيسها على التقاعد مؤخرا وجهت منذ نوفمبر المنقضي قرارات ترشيح لعدد من الخطط القضائية العليا إلى رئيس الحكومة يوسف الشاهد وطلبت منه اكساءها الصبغة القانونية أي بالإمضاء عليها حتى يتسنى لخالد العياري آنذاك دعوة المجلس إلى الانعقاد ولكن هذا لم يحدث باعتبار القرارات إلى اليوم لم تمض.
السلطة التنفيذية «تنسحب»
منذ أن غادر خالد العياري أروقة الهيئة الوقتية للقضاء العدلي بعد انتفاء صفة رئيس عنه باعتباره بلغ سن التقاعد وبعد ما صرح به بخصوص التراجع في التمديد له دخل مسار المجلس الأعلى للقضاء في منعرج وصف بالخطير ليطرح أول إشكال وهو كيف السبيل إلى انعقاد هذا الهيكل خاصة وأن العياري لم يقم بالمهمة المنوطة بعهدته ورفض نائبه القيام بها لأنه حسب تقدير مجلس الهيئة فان القانون لم ينص صراحة على ذلك والحلّ الوحيد وفقها هو إمضاء رئيس الحكومة على قرارات الترشيح وتعيين رئيس أول لمحكمة التعقيب الذي هو بدوره يترأس الهيئة وهو من يدعو المجلس إلى الانعقاد، موقف عارضه كل من اتحاد القضاة الإداريين وجمعية القضاة الشبان ونقابة القضاة واتحاد محكمة المحاسبات وجمعية القاضيات التونسيات. في المقابل أيضا هدد عدد من القضاة الممثلين في المجلس الأعلى للقضاء بالاستقالة في حال أمضى الشاهد على تلك القرارات ليزيد الأمر تعقيدا. وبعد فترة من التخبط في المواقف المختلفة حسم رئيس الجمهورية الأمر نسبيا بدعوة أعضاء المجلس إلى أداء اليمين ومنه التفاوض حول كيفية الخروج من أزمة الانعقاد فآل الأمر إلى تحديد
تاريخ 20 ديسمبر ولكن الانشقاق داخل هذا الهيكل والاختلاف في المواقف حال دون ذلك لعدم توفر النصاب القانوني للاجتماع الذي تقرر تأجيله إلى يوم غد الخميس 29 من الشهر الحالي. السلطة التنفيذية يبدو وأنها خرجت عن صمتها وأعلنت انسحابها من هذه المعركة ورمت الكرة في ملعب القضاة إذ صرحت سعيدة قراش مستشارة رئيس الجمهورية في احدى الإذاعات بأن السلطة السياسية لا تتدخل في الشأن القضائي وتحديدا في مسألة المجلس الأعلى للقضاء لأن الأمر يهم القضاة أنفسهم والحل بين.....