سنة 2013 بالإعداد لتركيز الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب فكانت البداية بسن القانون الأساسي عدد 43 المؤرخ في 21 أكتوبر 2013 المنظم لها والذي يضبط مهامها وصلاحياتها وكذلك تركيبتها. ولكن مسار هذا الهيكل لم يكن سلسا بل شهد جملة من التعطيلات بسبب عزوف الترشح لعضويتها خاصة من القضاة والمختصين في حماية الطفولة الأمر الذي جعل اللجنة المعنية بالفرز تقرر التمديد في آجال الترشحات في أكثر من مناسبة. اليوم وبعد أكثر من سبعة أشهر على إرسائها ما هي وضعيتها وظروف عملها؟.
الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب تتكون من 16 عضوا ستة منهم ممثلون عن منظمات وجمعيات المجتمع المدني المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان، أستاذان مختصان في المجال الاجتماعي بالإضافة إلى مختص في حماية الطفولة و ثلاثة أعضاء يمثلون الأطباء على أن يكون منهم طبيب مختص في علم النفس وجوبا هذا إلى جانب ممثلين عن قطاع المحاماة وقاضيين متقاعدين.
مهام «ثقيلة»
القانون الأساسي عدد 43 ضبط أيضا المهام الموكولة الى الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب والتي وصفت بالثقيلة ، من بين هذه المهام القيام بزيارات دورية منتظمة وأخرى فجئية إلى أماكن الاحتجاز التي يوجد فيها أو يمكن أن يوجد فيها أشخاص محرومون من حرياتهم وذلك للتأكد من خلو تلك الأماكن من ممارسات التعذيب وغيرها من المعاملات القاسية أو اللاانسانية والمهينة ومراقبة مدى ملاءمة ظروف الاحتجاز مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان وكذلك القوانين الوطنية.أما عن الصلاحيات الموكولة اليها فإن هذه الهيئة يمكنها إبداء الرأي في مشاريع النصوص القانونية والترتيبية ذات العلاقة بالوقاية من التعذيب والممارسات المهينة والمحالة اليها من قبل السلطات المختصة
«مجرد ديكور»
كل المهام سالفة الذكر والموكولة إلى الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب لا بد لها من ظروف وإمكانيات ضرورية حتى تنطلق فيها وتكون ناجعة وفاعلة ، اليوم وبعد أشهر من الإعلان عن تركيبتها في 30 مارس 2016 يبدو أن الهيئة تشكو عديد الصعوبات والنقائص لخصتها في بيان صادر عنها تلقت المغرب نسخة منه. علما وأن أعضاء الهيئة أدوا اليمين أمام رئاسة الجمهورية في 5 ماي 2016
صحيح أن انتخاب هذا الهيكل هو أول آلية بعثت في إفريقيا والشرق الأوسط ولكن الأهم أنه لا يتم التضييق عليها ووضع عديد العراقيل في طريقها ومسار تركيزها وفق نص البيان الذي ذكر فيه أن الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب تفتقر إلى نواة إدارية دنيا باعتبارها خالية من الموظفين بل أكثر من ذلك فهي دون مقر اجتماعي يمكن الأعضاء من مباشرة مهامهم بالإضافة إلى عدم إصدار الأوامر المنظمة لعملها على غرار النظام الأساسي الخاص بالأعوان والموظفين والنظام الداخلي وأمر التأجير وهنا يمكن القول بأن الهيئة متوقفة منذ انتخابها وأشغالها لم تنطلق بعد والحال أن هناك حديثا يوميا تقريبا على وجود حالات من التعذيب أو كما يسميها البعض بسوء المعاملة داخل مراكز الاحتجاز أو السجون وهو ما يطرح عدة أسئلة أهمّها: متى تتوفر للهيئة ابسط مقومات العمل؟ وإلى متى ستبقى هيئة مع توقيف التنفيذ؟.هذا وأوضح البيان أن الجهات الرسمية المعنية بعمل الهيئة أمعنت في تجاهلها ورفض إمضاء محاضر جلسات مع ممثليها والاكتفاء بما وصفته بالوعود الشفاهية الفضفاضة محملة إياها مسؤولية تلك التعطيلات التي جعلت الهيئة عاجزة عن القيام بأدوارها تجاه ضحايا التعذيب مستنكرة ما أسمته بمحاولات التقزيم التي تتعرض لها من قبل الجهات الرسمية بغية تحويل الهيئة إلى مجرد ديكور.