وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي في حديث خاص لـ «المغرب»: معركتنا الدبلوماسية لن تتوقف فكلما حققنا انتصارات فتحت أمامنا مجالات مواجهة أوسع

• يجب تطوير استراتيجية عمل عربية مشتركة لمواجهة تمدد «اسرائيل» في افريقيا
قال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي ان انتصار الاسرى في معركة الامعاء الخاوية يمثل

انتصارا لروح المقاومة لدى الشعب الفلسطيني ويجب ان يؤسس لخطوات يمكن القيام بها في المستقبل. واكد على التزام تونس بدعم القضية الفلسطينية واسنادها في جميع المحافل الدولية من اجل تحقيق اعتراف دول اوروبية اكثر بدولة فلسطين ..وشدد في حديث خاص لـ «المغرب» على هامش زيارته لتونس على ضرورة وجود خطة عمل مشتركة عربية من اجل مواجهة التواجد الاسرائيلي المتزايد في القارة الافريقية ..

• اين تتنزل زيارتكم الى تونس وما ابرز نتائج لقاءاتكم الرسمية ؟
الزيارة جاءت نتيجة لدعوة وجهت لي من قبل وزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي لزيارة تونس من اجل التباحث في كيفية تطوير العلاقات الثنائية وفي العلاقات ذات الاهتمام المشترك ..بدأت لقاءاتي مع فخامة الرئيس الباجي قائد السبسي حيث استمعت الى توجيهاته بخصوص كيفية العمل والتحرك ضمن الاطار معتمدا على خبرته ومعرفته الواسعة وإلمامه بكافة القضايا ذات الشأن الدولي خاصة بعد ان شارك في القمة الاخيرة في ايطاليا وبحضور الرئيس ترامب . واكد لنا على ان الشعب الفلسطيني يجب ان يبقى رافع الرأس مستمرا في نضاله يحمل تفاؤلا بتحقيق الانتصار وان تونس دائما تقف الى الشعب الفلسطيني وقضيته بسبب عدالة هذه القضية قبل اي شيء آخر. وايضا الرئيس قائد السبسي قد وجه دعوة للرئيس عباس لزيارة تونس خلال القمة الاخيرة في الرياض. وبعد انتهاء شهر رمضان المبارك سوف نرتب زيارة لقدوم الرئيس محمود عباس لتونس. ايضا تحدثنا عن العلاقات الثنائية وابلغناه اننا سنوقع بعض الاتفاقيات بالإضافة الى اننا بحاجة الى مساعدة تونس في كيفية التعامل في القارة الافريقية خاصة بعد التمدد الاخير الذي قامت به اسرائيل على حساب الحضور والوجود العربي في تلك القارة .

واكد ان وزارة الخارجية ستكون السند الاساس لتحركنا في القارة الافريقية . وتحدثنا ايضا لرئيس مجلس النواب عن الوضع في المنطقة ككل وقرأنا له صورة تفصيلية عن حقيقة الوضع وكيف ان نتنياهو يستفيد من حالة الضعف والارتباك العربي من اجل التهرب من استحقاق الجلوس والتفاوض مع الجانب الفلسطيني وهو يدرك انه ليس لديه اي ضغوط من اية جهة من اجل الجلوس للتفاوض وبالتالي فهو مستمر في غيه فيما يتعلق بمصادرة الاراضي وضم اراض وتوسيع حدود «اسرائيل» على حساب دولة فلسطين وتعزيز الاستيطان على الارض من اجل خلق وقائع لا رجعة عنها تفرض واقعا لكن لا تفرض حقا . ..وكما كان لنا لقاء في مقر وزارة الخارجية مع معالي وزير الخارجية واردنا التركيز على العلاقات الثنائية وكيفية الاستفادة من شبكة العلاقات الايجابية التي تحظى بها تونس على مستوى الاقليم والعالم لكي توفر ذاك الدعم والإسناد للقضية الفلسطينية . وتوافقنا على يتم بعد توقيع اتفاقية لجنة وزارية تونسية فلسطينية مشتركة بان تعقد الدورة الاولى لهذه اللجنة اجتماعاتها في فلسطين قبل نهاية العام على ان يسبقها اجتماع على مستوى الخبراء للتحضير للاجتماع الوزاري..

وانتقلنا الى ما يمكن ان تقدمه تونس شمالا فيما يتعلق بعلاقة فلسطين بدول الاتحاد الاوروبي خاصة ان تونس تنعم بعلاقات طيبة جدا مع دول اوروبا. وكما تعلمين لا تزال هناك بعض الدول في الاتحاد الاوروبي لا تعترف بدولة فلسطين رغم انها تسمح بوجود ممثلية فلسطينية او مفوضية في عواصمها ،ورغم ان رؤساء تلك البعثات يسمون سفراء الا ان المسمى مهم وطلبنا من تونس العمل من اجل رفع مستوى التمثيل الفلسطيني في الدول الاوربية آملين بان نصل الى المساعدة في اعتراف تلك الدولة بدولة فلسطين.. في الشق السياسي بالتاكيد نحن سوف نتابع مع الخارجية التونسية كيفية تنسيق امورنا في المراحل القادمة خاصة في حال استطعنا ان نتابع مع الرئيس ترامب اية خطوة قد يأخذها فيما يتعلق بكيفية خلق الآليات المناسبة لإمكانية عودة المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية في المستقبل.

• فيما يتعلق بالتغلغل الاسرائيلي في افريقيا كيف يمكن مواجهته عربيا؟
نقرّ بان الحضور العربي في افريقيا ضعيف وهناك تراجع عربي في هذه القارة خلال الفترة الاخيرة تم استغلاله من قبل «اسرائيل» التي حاولت ان تغطي تلك الفراغات عبر اقتحام القارة الافريقية تحت مسمى العودة الى افريقيا وعودة افريقيا الى «اسرائيل» ، من خلال تقديم حزمة من المشاريع التي تعتبر اسرائيل نفسها متفوقة فيها . واهمها في الجانب الامني والاستخباراتي وبيع الاسلحة ونقل التكنولوجيا الزراعية والتدريب والاستثمارات لشركات ورجال اعمال اسرائيليين في مشاريع مختلفة افريقية . تحدثنا مع الجانب التونسي وقلنا ان فلسطين ترغب في العمل في افريقيا من خلال الوكالة الفلسطينية للتعاون الدولي . ولكن ما يمكن لفلسطين لوحدها ان تقدمه هو شيء ضئيل بسبب الامكانيات المتاحة لفلسطين ولو نسقت وعملت بشكل مشترك مع تونس كبداية لشراكة عملاتية ايجابية تستطيع تونس وفلسطين معا ان يقدما اكثر مما تقدمه دولة واحدة . وهذا بحد ذاته مهم جدا ويمكن ان ينقلنا بعد ذلك الى شراكات ثلاثية ورباعية وخماسية من خلال انضمام دول عربية اخرى الى هذه المجموعة. مما يعزز مصداقية عملنا ويساعد في تأثيرنا ونفوذنا ويخلق نوعا من المعادلة مقابل ما تقدمه «اسرائيل» من جهة اخرى . وكان هناك تجاوب تونسي كبير في هذا الموضوع بالإضافة الى ان هناك دولا في اوروبا لديها امكانيات مالية لتقديم الدعم في افريقيا ولكن ليس لديها امكانيات تنفيذ ذلك. نحن نستطيع من خلال الوكالة التونسية والفلسطينية ان نقدم يد العون وان نستفيد من الامكانيات المادية للدول لكي نعزز دورنا كوكالات داعمة في مجال التنمية ...وتم توقيع اتفاقيتين كباكورة لهذا العمل ونأمل من خلال سفارتنا في تونس ومن خلال بعثة تونس في فلسطين ان يتم التوصل الى تحديد آليات العمل في مثل هذا الاطار ..

• اليوم ونحن نحيي الذكرى الخمسين للنكسة ..ماذا تعني لكم هذه الذكرى ؟
كما تعلمين هي الذكرى الخمسين لهزيمة حزيران وأكدنا بان هذه الهزيمة لا يجب ان ترمى بثقلها على الشعب الفلسطيني لان من انهزم في حرب حزيران هي الجيوش العربية التي لم تحرك ساكنا منذ ذلك الحين وبعد مرور خمسين عام من اجل تصحيح الخطأ . فبالتالي كان من المفترض خلال فترة الخمسين عاما ان تحاول الدول العربية رفع الظلم والمعاناة عن الشعب الفلسطيني لكن للأسف الشديد هانحن نشير الى مرور خمسين عام ولا يزال الشعب الفلسطيني بنفس المكان رغم كل ما بذله من تضحيات . ويمكن القول ان صمود الشعب الفلسطيني هو العنصر الاساسي في كل ذلك وان كان هناك عملية تقييم ايجابية للخمسين سنة الماضية من الاحتلال الاسرائيلي فهي ان الشعب الفلسطيني صمد وقاوم على ارضه ولا يزال موجودا على ارضه وهذا اهم نجاح .

والمطلوب هو تعزيز صمود الانسان الفلسطيني على ارضه وتوفير كافة مقومات الصمود المختلفة ليس فقط السياسية بل المالية وغيرها .للأسف الشديد هناك تراجع حتى في مثل هذه الالتزامات المالية من قبل الدول العربية تجاه الشعب الفلسطيني . ان المعركة التي يقودها الشعب الفلسطيني ليست باسمه فقط بل باسم الامة العربية بأكملها .

• ماذا يمثل انتصار الاسرى في معركتهم ؟
يمثل انتصار روح المقاومة لدى الشعب الفلسطيني . الاكيد ان الجسم الاسير اخذ مغامرة كبيرة جدا عندما تم الاعلان عن الاضراب عن الطعام في 17 من نيسان /افريل الماضي ويدرك انه يتعامل مع دولة متوحشة خارجة عن القانون لا تحكمها القوانين الدولية ولا تلتزم بها . لذلك كانت هناك مخاطرة يعرض حياة الاسرى للخطر .

ولكن هذه المخاطرة كانت مدروسة بشكل جيد لانه في نهاية المطاف كانت عملية نضالية وهدفها الاساسي تحقيق مطالب مشروعة لأسرى فلسطينيين لم يطلبوا اكثر مما توفر لهم القوانين الدولية. وحظوا بإسناد غير مسبوق من قبل كل فئات الشعب الفلسطيني ابتداء من عائلاتهم التي انتفضت لدعم هذا التحرك المطلبي العادل وأصبحت الارض الفلسطينية والشعب الفلسطيني برمته عبارة عن منصة حراك تدعم مثل هذا التوجه . وبالتأكيد خلق حالة ضغط كبيرة خاصة بعد ان بدأت عديد الدول عبر برلماناتها وأحزابها تصدر بيانات تدعم حركة الاضراب .

واعتقد انها تجربة مهمة جدا للدراسة وناجحة اكدت على عمق الانسجام والتواصل بين الشعب الفلسطيني . وهذه المعركة يجب ان تؤسس لخطوات يمكن القيام بها في المستقبل انطلاقا من هذا النجاح الذي تم تحقيقه في معركة الاضراب عن الطعام.

• الى اين وصلت المعارك الدبلوماسية التي تقودها فلسطين وكيف يمكن الاستفادة من انضمام دولة فلسطين الى عديد المنظمات الدولية لمحاسبة «اسرائيل» على جرائمها؟
رغم قلة الموارد والإمكانيات لكن الايمان بعدالة القضية يستطيع ان يحرك جبلا وهذا ما حدث حقيقة عندما تجدين باننا بإمكانياتنا المحدودة حقيقة البشرية والمادية استطعنا ان نهزم امكانيات هائلة بشرية اسرائيلية مدعومة من الجاليات اليهودية في العالم ومدعومة ايضا من بعض الدول الكبيرة والمهمة التي تدعم الموقف الاسرائيلي في كافة المحافل الدولية المختلفة . وضعنا استراتيجية واضحة في كيفية التحرك على المستوى الدبلوماسي الدولي منطلقين من رؤية واضحة حول كيفية قراءة الصراع مما جند لنا الكثير من الداعمين والمتفهمين للقضية الفلسطينية رسميا وشعبيا ..بالنسبة لنا المهم ان نقتنع بما نقوم به وان نحدد استراتجية عمل ونحدد خطة تفصيلية بالاعتماد على عنصر المساعدة والدعم من قبل دول عربية واسلامية ومناصرة لنا . وقمنا بزيارات عديدة لغالبية الدول لكي نشرح لهم الموقف الفلسطيني وهذا استغرق وقتا طويلا وحققنا من خلال ذلك هذه الانتصارات.
الان المعركة لن تتوقف فكلما حققنا انتصارات فتحت امامنا مجالات مواجهة اوسع .. وهناك معارك تحتاج الى جهد وعلاقات تفوق التصور....مثلا رفع علم فلسطين في الامم المتحدة له معاني كبيرة ويعطي جرعة امل و الرئيس عباس يحقق ويراكم الانجازات مما عزز مكانة فلسطين على المستوى الدولي وهذا شيء مهم .. نحن الان نوقع على معاهدات واتفاقيات دولية نستفيد منها في الضغط على اسرائيل بشكل كبير واصبحنا جزءا من تلك الشخصية الدولية بكل ايجابياته وسلبياته وبكل ما يحمله من مسؤوليات ضمن احترام القانون الدولي ..

• ما يحدث في العالم العربي اليوم من انقسامات ونزاعات وقيام احلاف جديدة يؤثر بشكل مباشر على فلسطين ..فكيف يمكن ان نعيد فلسطين الى الواجهة ؟
نكذب ان قلنا ان القضية الفلسطينية لم تتأثر من حيث مكانتها وحضورها ودعمها بما يحدث من ازمات في بعض الاقطار العربية تحديدا سوريا العراق ليبيا اليمن ..وهذه الازمات اثرت بشكل كبير على دور ومركزية القضية الفلسطينية بالنسبة للعرب . الان في الوقت الذي تمثل فيه القضية الفلسطينية نقطة التقاء وتوافق عربي كافة القضايا الاخرى تمثل نقطة خلاف ..لهذا السبب القمة العربية الاخيرة حاولت التركيز على فلسطين لانها حاولت الهروب من القضايا الخلافية وهذا استفادت منه فلسطين وبرزت كقضية مركزية اساسية....كنا مقتنعين منذ اليوم الاول ان الحل هو سياسي وليس عسكري ونرفض الحل العسكري في سوريا وغيرها ونرفض التدخلات كما نرفض ان يتدخل احد في شؤوننا الداخلية وهذا مهم جدا وأكدنا ان الشعوب هي التي تقرر مصائرها ...

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115