يشار إلى أنّ العلاقات المصرية التركية شهدت توترا حادا منذ الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي وتولي الجيش مقاليد الحكم . ويرتبط محمد مرسي –الذي ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين - بعلاقات قوية ووثيقة مع تركيا .ويرى مراقبون انّ هذه البادرة التركية تندرج أيضا ضمن سياسة تصفير المشاكل بين انقرة والقاهرة .
اما فيما يتعلق بالأزمة السورية فيرى مراقبون انّ سياسة المُهادنة التي باتت تتبعها تركيا تجاه الأزمة السورية تأتي نتيجة عدة عوامل داخلية وأخرى خارجية اجبرت انقرة على تغيير موقفها التقليدي من الأزمة السورية رغم إرهاصات مثل هذه الخطوة، وتداعياتها على عدة ملفات على غرار العلاقة بين تركيا والمعارضة السورية بالإضافة إلى العلاقات التركية السعودية ومدى تأثرها بالمتغيرات الأخيرة .
فأنقرة لطالما دعت لرحيل الرئيس السوري بشار الأسد في إطار حل سياسي، لكنها في الآونة الأخيرة كانت أقل إصرارا على رحيله الفوري في ظل قلقها من احتمال تقسيم سوريا وإقامة منطقة خاصة بالأكراد على حدودها وهو مايثير مخاوفها على أمنها واستقرارها الداخليين.
تكتيك جديد
من جانبه قال الباحث والكاتب العراقي المختص في الشؤون الدولية عامر سيف أنّ المتتبع لسياسة رجب طيب أردوغان يعلم جيدا ان هذا الرجل ليس له خط ولا استراتيجيا ثابتة ومستقرة ، مضيفا أن أردوغان شخصية معروفة بتقلباتها غيرت كثيرا من ملامح السياسة في تركيا ، لذلك لا يمكن التعويل على موقفه الحالي باعتبار انه موقف براغماتي مصلحي منفعي يرتبط بنوع من رد الجميل للمحور الأخر الذي كان له الفضل في تنبيهه والوقوف إلى جانبه في محاولة الانقلاب الفاشلة على حدّ قوله.
وشدّد الباحث العراقي على أنّ موقف تركيا في سوريا والمنطقة لم يتغير جوهريا بمجرد إعلان تركيا نيتها التطبيع مع سوريا ، مشيرا الى انّ تدخل تركيا العسكري في سوريا يتضارب مع تصريحاتها حول نيتها التطبيع، ويندرج في إطار تطمينات الخليج عبر بعث رسائل لدول الخليج التي لها مصالح في سوريا بان تركيا تحاول أن ترجح كفة التواجد السني في تركيا أمام تغوّل النفوذ الشيعي الإيراني .
ضعف تركي
وأضاف محدّثنا ان «عملية» درع الفرات«لا تعني بوادر حلحلة للازمة إذ لم نقل أنّ التدخل هو تصعيد للازمة ، يزيد من تعقيد الأوضاع في شمال سوريا ويؤدي إلى مزيد من التناحر والانشقاقات في صفوف الأطراف المتناحرة هناك ، علاوة على المشهد الإنساني الكارثي في المناطق المحاصرة أو المسيطر عليها».
وعلّق الكاتب العراقي على الموقف التركي الجديد في سوريا قائلا أنّ موقف أنقرة يتسم بالضعف السياسي ، مضيفا أنها لايمكن أن تؤدي دورا سياسيا حاسما في الأزمة . مشيرا إلى أن هذا التغير في السياسة والإستراتيجيا المتبعة هو تغير عرضي وليس جوهريا في موقفها تجاه سوريا.
واكّد محدّثنا ان تصريحات يلدريم لا تنطلق من قيمة أساسية من قيم التعامل السياسي التركي ، بل هي توضيح للنوايا التي قد تصدق وقد لا تصدق على حدّ تعبيره.
وشدّد سيف على انّ موقف تركيا الضعيف سياسيا يدعوها إلى مثل هذه التصريحات ، لكنها على الأرض مجبرة على انتهاج سياسة المعايير المزدوجة والكيل بمكيالين ومتشبثة بذلك .
دوافع التقارب
وفي سياق متصل قال الباحث والكاتب العراقي انّ هذا التقارب سياسي بالأساس ويندرج ضمن ترتيب الأوراق والاصطفافات الجديدة في المنطقة، مشيرا إلى انه ليس التقارب الوحيد فهناك أيضا التقارب الروسي الأمريكي بعد ضعف الدور الخليجي في المنطقة.
وأشار عامر سيف الى «نّ هذا التقارب سبقه تغيير مسميات عدّة مثل جبهة النصرة والدفع بفصائل جديدة وتقديمها من قبل دول أخرى على أنها معارضة معتدلة، هنا الكل منشغل بمرحلة ما بعد (داعش) الارهابي كل مايحدث هو التهيئة لمناخ مابعد هذا التنظيم الإرهابي، فتركيا تدفع بالجيش الحر لتقدمه كمعارضة معتدلة وليكون بديلا لتمثيلها على الأرض ، أما قطر فهي تدفع بجماعة فتح الشام أو جبهة النصرة لتكون في شكل جماعة معتدلة تمثلها . كل هذا لا يغير من جوهر السياسات بل هو تغير لتكتيكها لان العالم لم يعد يستسيغ تنظيم «داعش» الإرهابي حيث يبحث كل منهم عن حلفاء جدد إلى مرحلة مابعد (داعش) الإرهابي».