وأضاف مراد انّ تغيّر الموقف التقليدي التركي من الأزمة السورية سيؤثر سلبا على طبيعة التحالف بين انقرة والرياض .
• لو تقيمون لنا أبعاد عملية «درع الفرات» العسكرية التي بدأت تركيا تنفيذها في سوريا بدعم أمريكي ؟
العملية البرية التي أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنها بدأت الساعة 4 فجراً بالتوقيت المحلي سميت «درع الفرات»، كون تركيا منذ حوالي سنة تعلن أنها سوف لن تسمح بتخطي قوات (حماية الشعب) الكردية الفرات غرباً، والبارحة رئيس الوزراء التركي يلدريم كان وجه إنذارا أخيرا للأكراد بالإقلاع عن فكرة التمدد غرباً
رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي صالح مسلم أعلن أن تركيا سوف تلاقي مصير «داعش» الارهابي في سوريا وهو الهزيمة، وهو ما يعني أن الأكراد قرروا الذهاب حتى النهاية في المواجهة مع تركيا ، كما انّ مصادر تركية تقول أن الجيش التركي وقوات ما يسمى «الجيش الحر» التي اجتازت الحدود من تركيا إلى محيط «جرابلس» لن تكتفي بالسيطرة على جرابلس وطرد «داعش» الارهابي منها، بل انّ الحديث هنا عن تأمين المنطقة الواصلة بين جرابلس ومارع غرباً، بما يعني ان تركيا قررت أن تضع قدمها بشكل مباشر في المنطقة الممتدة من الفرات شرقاً إلى كنتون عفرين غرباً أو ما يعرف بإقليم «روج آفا».
احد المسؤولين المرافقين لنائب الرئيس الأمريكي جو بايدن صرح بأن واشنطن تنسق مع الجانب التركي في عملية «درع الفرات» وهي توفر الغطاء الجوي للقوات البرية المهاجمة من تركيا . المعركة الآن في «جرابلس» ضد «داعش» الارهابي ظاهراً ولكن خلال ساعات أو أيام سوف تصبح معركة تركية كردية، وهناك توقّعات أن تخسر قوات حماية الشعب الكردية مدينة منبج التي استحوذت عليها من «داعش».
• لو تفسرون الموقف الروسي الأمريكي والإيراني من العملية العسكرية ؟
اعتقادي الشخصي أن إيران في ضوء ما يحصل- وهذا يمكن تفسيره من خلال الإعلان المشترك لكل من أنقرة وطهران عن الاتفاق على وحدة أراضي سوريا، أي أن الطرفين (بالإضافة إلى الحكومة السورية) لن يقبلوا بتمدد الوجود الكردي شرقاً باتجاه عفرين، رغم البيان الذي صدر عن الخارجية السورية والذي اعتبر العملية العسكرية التركية انتهاكاً لسيادة أراضيها .
وفي رأيي هناك تفاهم إقليمي برعاية روسية ورضا أمريكي، أن يحصل اردوغان على ما يريد بمنع قيام كيان كردي شمال سوريا مقابل تنازل تركي في مفاوضات الحل في جنيف . وهذه القضية سوف تكون محور اللقاء القادم بين لافروف وكيري حول التحضير لمفاوضات الحل في سوريا ، حيث ستضطر واشنطن إلى أن تتنازل في الورقة الكردية لإرضاء أردوغان الغاضب من طريقة تعامل الأمريكيين مع الانقلاب والمماطلة في تسليم غولن لأنقرة.
إذن واشنطن لن تغامر أكثر في سياسة إدارة الظهر لأردوغان وهو الذي ما انفك يتجه نحو تعزيز علاقته بالروس والإيرانيين على حساب علاقته بدول الناتو وواشنطن . وبالتالي فالجائزة الأمريكية لأردوغان من اجل تهدئته ستكون ضوء اخضر للتدخل لوقف التمدد الكردي مقابل تخفيف أردوغان من اندفاعه شرقاً بعلاقاته في مرحلة ما بعد الانقلاب الفاشل .
• وهل يمكن اعتبار عملية «درع الفرات» أولى ثمار هذا التغيّر في السياسة التركية إزاء الملف السوري؟
طبعاً، هي تعويض لأردوغان مقابل تنازله في موضوع مفاوضات الحل ، هي جائزة الترضية . فالطائرات التركية دخلت المجال الجوي السوري للقصف في ‘جرابلس’ لأول مرة منذ حادثة الطائرة الروسية، دون أي اعتراض لها وهذا يعني ضوء اخضر روسي واضح. فالأتراك والروس ينسقون العملية بشكل واضح وعملياً الذي خسر جراء هذا التنسيق هم الأكراد .
• إذن هل ضحت تركيا بالمعارضة السورية مقابل كسب الحرب ضد الأكراد؟
هذا من المسلمات، هي استعملت فصائل داخل سوريا لتثبيت قدمها في الشمال السوري وتحديداً حلب وادلب من اجل أن تقايض في المسألة الكردية، في النهاية أنقرة مستعدة للتخلي عن أوراق كثيرة تمتلكها للتخلص من الخطر الكردي .
• كيف ستكون علاقة تركيا بحلفائها وأولهم السعودية بعد هذا التحوّل ؟
هنا بيت القصيد، اعتقد أن الخاسر الأكبر مما يحصل الآن في شمال سوريا هي السعودية ، فالتنسيق الروسي التركي الإيراني نسف التحالف التركي السعودي حول سوريا.
ولن تستطيع الرياض أن تحدث أي اختراق في سوريا بعد اليوم من الشمال السوري لأن أردوغان أصبح ملتزماً بما اتفق عليه مع الروس والإيرانيين، وبالتالي يمكن القول أن الدور السعودي في سوريا تقريباً قضي عليه. القطريون أيضا تقلص دورهم في الآونة الأخيرة وهم عملياً في صف الأتراك . كما ان ما حصل من انقلاب فاشل في تركيا والهمس حول دعم سعودي لهذا الانقلاب أثر على العلاقة بين الرياض وأنقرة. وتركيا تتحرك اليوم في الملف السوري بمعزل عن التحالف الذي كان قائماً العام الماضي بينها وبين السعودية.
• حسب رأيكم هل سيساعد الموقف التركي الجديد في التوصل لحل للأزمة السورية؟
اعتقد أن الحل بات جاهزاً، ما علينا إلا أن ننتظر نتيجة اجتماع لافروف كيري، الذي يعد اجتماعاً للخروج بخلافة حول المخرجات التي ستحضر طاولة المفاوضات.. لقاء كيري لافروف في 26 - 27 جويلية الماضي رسم الخطوط العريضة التي ستطرح في المفاوضات القادمة، حصلت محاولة تركية أخيرة لتوسيع رقعة سيطرة الفصائل التي تتبع لها في غرب حلب، وقد فشلت المحاولة والآن اعتقد أنه لن تكون هناك حملات كبرى كما سبق من قبل الفصائل المدعومة من تركياً.
الموقف التركي أو ما يوصف بأنه استدارة سيكون له اثر كبير على إنجاح مفاوضات الحل قريباً، ولعل هذا ما يعبر عنه أردوغان في تصريح قبل قليل عندما يقول: «لا يمكن لأحد أن يفكر في المشكلة السورية بعيداً عن الاعتبارات الداخلية لتركيا».لن تستطيع السعودية التأثير لأنها لا تستطيع استكمال مشروعها في سوريا إذا ما اقفل الأتراك حدودهم مع سوريا وبدأوا بمراقبة الحدود بشكل جدي لمنع دعم الإرهابيين وتغذيتهم من التنظيم الإرهابي بالمقاتلين.
حاورته: وفاء العرفاوي