بيديه الغبار والدماء التي غطت وجهه المكلوم..يتحسس ملامحه المختفية وراء بقايا الركام ..
اراد ان يستذكر اسمه في خضم هذا الضجيج وفوضى الهجمات والهجمات المضادة .. فالمشهد بدا رماديا وضبابيا في غمرة هذا الصراع الدموي بين القوى المتنازعة على المصالح والنفوذ في سوريا والمنطقة . .هنا تضيع اعمار هؤلاء الاطفال ويضيع مستقبل جيل كامل ولد وعاش تفاصيل الحرب اليومية ..فلم يعرف اعياد دمشق ولا تنشق عبق ياسمينها الفواح..
في سوريا الجديدة هناك اليوم اكثر من ستة مليون لاجئ في دول الجوار خصوصاً الأردن ولبنان وتركيا والعراق، وعلى الأرجح يوجد عشرات الآلاف من اللاجئين غير المسجلين فيما ينتظر العالم نهاية الجولات وحسم المعارك ..
ولعل وجه عمران البريء المغطى بالجروح اراد ان ينقل رسالة الى العالم باسره مفادها ان سوريا ستنهض من ركامها . لتنفض بقايا المعارك تماما كما نفض الطفل عمران بكل هدوئه بقايا الغبار ..ستنهض البلاد لتواجه اعداءها والمتربصين بها..ستلملم صقيع هذا «الشتاء
العربي» الطويل .. لتحكي للعالم مجددا قصة 8 آلاف عام من الحضارة والتاريخ .. وسيستيقظ طائر الفينيق على اغصان صنوبرها وسنديانها ليعلن انتصارها على كل الحاقدين والمخططين والاصوليين والمتآمرين على شعبها واطفالها ..
ومثلما نجا الطفل عمران باعجوبة من تحت الرماد ستنجو سوريا وستنتفض مدنها الاولى..ستنهض إيبلا ومملكة ماري، وأوغاريت، وراميتا، وسرمدا ..وسيكتب السومريون والأكاديون، والكنعانيون، والآراميون بحروفهم المقدسة عتق البلاد وتحررها ..وكما انتهت امبراطويرية ابلا وعادت من جديد بعد قرون ..ستعود سوريا وسيغرس ابناؤها مجددا اشجار الزيتون ضد كل حاملي الحقد ..ضد كل المؤامرات والمخططات الخارجية والداخلية..