وبعض الدول العربية في مرحلة يمكن تسميتها بـ «ما بعد التطبيع » على حد قوله.
• نشهد في حلب معركة كبرى بين النظام السوري والمجموعات المقاتلة -بما في ذلك المجموعات التكفيرية- ..الى اين تسير تطورات الوضع وما اهمية هذه المعركة استراتيجيا؟
لا شك ان المشهد السوري تغير بشكل كبير في الاسابيع القليلة الماضية بسبب المعركة الكبيرة التي تحصل في حلب الآن ، والتي كان من نتائجها بان ُيشدد الحصار بشكل كبير على كل المجموعات الارهابية المسلحة الاخرى . وهذا ما سمي بـ «معركة الطوق» على حلب التي افقدت هذه الجماعات كل زمام المبادرة التي كانوا يمتلكونها من قبل. اذ انهم كانوا يضغطون بشكل كبير بسبب تواجدهم في المنطقة الاستراتيجية في حلب واريافها من الجهة الشمالية والشرقية والجنوبية الغربية فضلا عن انهم متواجدون بشكل كبير من الجهة الغربية في محافظة ادلب التي كانت بالفعل تحت سيطرة كبيرة من قبل المجموعات الارهابية المسلحة . وطبعا العامل التركي كان عاملا اساسيا في مثل هذا الامر الان بعد المشهد المتغير الذي حصل بسبب المعركة الكبيرة واشتداد الخناق على هذه المجموعات والتغير داخل الوضع التركي وربما نشهد انعطافة تركية في هذا السياق خلال الايام القادمة .
اذن الأمور تجري باتجاه تضخيم المحاور بشكل كبير وربما سوف يستعين هؤلاء بفتح بعض الجبهات الاخرى في بعض المناطق السورية كالمنطقة الجنوبية على سبيل المثال التي تمثل درعا وتوابعها احدى حواضنها او المنطقة الشرقية باتجاه الحدود العراقية والتي تشكل محافظة دير الزور وتوابعها احدى حواضنها . دون ان ننسى ان هناك تحركا من جهة القلمون الغربي تجاه الحدود اللبنانية وسوف تتوغل هذه المجموعات في جبال عرسال على الحدود بين سوريا ولبنان. اذن هؤلاء يستجمعون قواهم عبر خطة معينة تتوحد خلالها الفصائل الارهابية المسلحة لكي يعيدوا الى حد ما شيئا من المعنويات التي باتت بالحضيض جراء ما حصل في حلب.
• كيف تفسر تغير الموقفين التركي والسعودي؟ وهل يؤشر الى ان هناك صفقة قريبة قد تحسم الوضع في سوريا؟
لا نستطيع ان نؤكد تغير الموقف السعودي لان التصريحات السعودية على مدى خمس سنوات ونصف لطالما كانت تصعيدية ولا ترغب بالتسوية فيما يخص الشأن السوري. فالتغير الملحوظ الذي بتنا نشهده من خلال تغير المواقف في بعض وسائل الاعلام المقربة من الرياض لا يمكن ان يدلل الى تبدل في التوجهات السعودية الكبرى فيما يتعلق بالأزمة السورية. والدليل هو ان السعودية صعدت الامور في اليمن وقد اعلن المبعوث الدولي عن تأجيل او تعليق المباحثات الجارية في الكويت . اذن الرياض تحاول ان تشتري في مكان لتبيع في مكان آخر وهذا الامر لا يساهم ابدا في حل المشكلات الكبرى التي باتت تضرب المنطقة.
• وماذا بالنسبة للموقف التركي؟
بالنسبة للموقف التركي لم ترتسم بعد معالم الانعطافة بشكل واضح ، ونحن امام لقاء مرتقب ما بين الزعيمين بوتين والرئيس اردوغان يوم الاثنين المقبل والارجح ان يكون الحديث اكثر عن صواريخ الناتو المنتشرة في تركيا والتدخلات التركية في دول البلقان اكثر منها باتجاه الموضوع السوري بشكل مباشر ولو ان الملف السوري سوف يكون حاضرا على الطاولة.
لكن حتى الان معلوماتي تقول ان انقرة لا تزال ضالعة بما يجري في هذه اللحظات في حلب وتوابعها ولم تتخل يوما عن دعم المجموعات الارهابية تحت مسميات مختلفة . لكن اغلب الظن ان التحول سيتحقق تدريجيا اما اذا تم التحول عبر استدارة تامة فهنا نستطيع الجزم بان المجموعات الارهابية لن تستطيع ان تبقى اسابيع قليلة في المناطق القريبة من الحدود السورية .
• كيف يؤثر السباق الانتخابي الامريكي على الوضع في سوريا والمنطقة؟
نحن نترقب الخطة الامريكية الجديدة لنعرف ماذا يدور في ذهن الامريكيين بعد الاستحقاق الانتخابي . فهل هناك دعم للتقسيمات الكردية والارمنية والسنية والشيعية وغيرها . فالمخطط بات واضحا من خلال الثقل الكبير الذي ترميه الولايات المتحدة في المنطقة عبر دعم المجموعات الكردية بشكل لا متناهي ولا محدود . وامس سقطت منطقة منبج بالكامل تحت يد الاكراد ..
• بالنسبة للصراع الروسي – الامريكي في سوريا كيف تقيمونه؟
اعتقد ان كل طرف يحاول ان يمسك العصا الى صالحه .بمعنى ان الروس والامريكيون يسعون الى تحقيق اهداف معينة تخدم مصالحهم تحت عنوان التفاهم الامريكي -الروسي وروسيا لا تريد ان تذهب الى البعيد في حالة الاصطدام مع الامريكيين.
هنا اريد ان اشير الى معطى هام ففي هذه الاثناء يجري لقاء بين رئيس الاركان الاسرائيلي ومثيله الامريكي في واشنطن ..ستوقع خلالها صفقات كبرى تسليحية. فهناك شيء يقدم للاسرائيليين في المنطقة خاصة اننا اليوم نشهد موجة من التحالف بين «اسرائيل» وبعض الدول العربية.وانا اقول تحالفا وليس تطبيعا لأننا بتنا اليوم في مرحلة ما بعد التطبيع للأسف.