معلوم أن الملف الليبي شهد ويشهد خلافات خارجية سواء بين القوى الكبرى أو دول الإقليم أو دول الجوار إذ نجد من بين دول الجوار تقف كل من الجزائر، تونس، المغرب الأقصى وموريتانيا داعمة بقوة نحو تطبيق الاتفاق السياسي، وقد زار مسؤولون كبار طرابلس واجتمعوا مع أعضاء المجلس الرئاسي والمجلس الأعلى للدولة بينما تتحفظ الجارة الكبرى مصر على مخرجات الحوار السياسي.
وعبّرت القاهرة عن قلقها تجاه ما تعتبره هي سيطرة لإخوان المسلمين على المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني. كما حافظت مصر على دعمها القوي سياسيا وعسكريا لطبرق واستقبلت أكثر من مرة رئيس برلمان طبرق والقائد العام للجيش التابع لرئاسة أركان مجلس النواب الفريق أول خليفة حفتر. ومن دول الإقليم الداعمة بقوة للشرق الليبي نجد دولة الإمارات وأيضا المملكة العربية السعودية والأردن وبدرجة أقل دولة الكويت.
في الجانب الآخر تقف كل من تركيا وقطر في صف الداعمين للمجلس الرئاسي والجهات النافذة في طرابلس وتحتفظ كلا الدولتين بعلاقات قوية مع قيادات مصراتة. أوروبيا يبدو المشهد أكثر وضوحا بسبب وجود الاتحاد الأوروبي للإطار الجامع لدول أوروبا حتى بعد خروج بريطانيا من الاتحاد. لكن هذا لا ينفي ازدواجية موقف دول الاتحاد حيث أن موقفها السياسي موحد ومتحد، وهو داعم للحل السياسي غير أنه وفي الجانب العسكري نشهد دعما أوروبيا لطرفي الصراع مما ساهم في تعقد الأزمة.
من جانبها تحاول الولايات المتحدة تدارك شبه غيابها على الساحة الليبية وذلك تعكسه نشاطات الرئيس باراك أوباما ووزير الخارجية جون كيري والتسريبات من داخل وزارة الدفاع – البينتاغون –.
وسط هذه الخلافات الغربية تحركت روسيا بقوة وتبدو مصممة على لعب دور مهم في حل الأزمة الراهنة في ليبيا وقد عادت السفن الحربية الروسية إلى البحر الأبيض المتوسط ،ولن تسمح باحتكار حلف الناتو لهذا الفضاء الحيوي والاستراتيجي.
الانقسامات تطبع المشهد
غياب المشروع الوطني والوعي السياسي وشبه انهيار أجهزة الدولة جعل الأطراف المحلية ترتمي في أحضان القوى الخارجية دون تقدير للعواقب والتداعيات العاجلة والآجلة. فهذا يزيد السيطرة على النفط والآخر يريد محاربة الإرهاب وثالث يسعى إلى محاربة الهجرة غير النظامية ورابع يريد التقسيم والعودة إلى النظام الفيدرالي. وفي هذا الحال غابت ....