دلالات الاتفاق السعودي الايراني... بعد 7 أعوام من القطيعة: تأثيرات هامة على الملفات الشائكة وتعزيز للحضور الصيني وسط متغيرات إقليمية ودولية

أبرمت المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية اتفاقا وُصف بالتاريخي لتطبيع العلاقات

بعد قطيعة تجاوزت الـ 7 سنوات وذلك عبر وساطة صينية . فقد أعلنت السعودية وإيران، عن استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وإعادة فتح السفارات في غضون شهرين. 

وكانت السعودية قد أعلنت عن قطع علاقاتها مع إيران، خلال مؤتمر صحفي لوزير خارجيتها آنذاك عادل الجبير، عام 2016 . وطالب الجبير البعثة الدبلوماسية الإيرانية الموجودة على أراضي السعودية بمغادرة البلاد خلال 48 ساعة. وقد انطلقت شرارة القطيعة بين البلدين بعد اعلان الرياض عن اعدام 47 محكومًا بينهم رجل الدين الشيعي نمر النمر، لإدانتهم بتهم بينها "الإرهاب"، قوبلت بانتقادات إيرانية ، عام 2016 . وقد مرّت العلاقات بين الرياض وطهران بتقلبات في عديد المراحل التاريخية وكان التوتر هو الطاغي سواء في أعوام ، 1943، أو 1987.
مرحلة جديدة من الاستقرار ؟
وقد أعلنت الخارجية الإيرانية، أن الاتفاق على استئناف العلاقات الدبلوماسية بين طهران والرياض يحقق مصالح الشعوب المسلمة ودول المنطقة. وقالت في البيان إن "سياستها الخارجية اتخذت خطوة مهمة في سياق التطبيق العملي لعقيدة السياسة الخارجية المتوازنة والدبلوماسية الديناميكية والتفاعل الذكي في اتجاه تجسيد سياسة الجوار واستكمال الخطوات الفعالة السابقة".
وأضافت أنه "نتيجة لمفاوضات مكثفة وعملية، تم التوصل إلى اتفاق بكين لوضع العلاقات بين إيران والسعودية على مساره الطبيعي".
وأوضحت أنه من خلال هذا الاتفاق "أظهرت حكومة طهران أنها على طريق تأمين مصالح الشعب الإيراني كذلك الشعوب المسلمة والأصدقاء والجيران في المنطقة، و استخدام الطاقات الإقليمية جديا لتحقيق وترسيخ السلام والاستقرار الشاملين، وتأمين المصالح المشتركة والجماعية لحكومات وشعوب المنطقة".
كما أعربت عن ثقتها في "الدور والآثار الإيجابية لهذا الاتفاق في تأمين المصالح المشتركة لشعبي إيران والسعودية وباقي شعوب المنطقة".
وجاء الاتفاق السعودي الإيراني عقب استضافة بكين في "الفترة من 6 ـ 10 مارس الجاري لمباحثات سعودية إيرانية، "استجابة لمبادرة من الرئيس الصيني شي جين بينغ، بالاتفاق مع قيادتي المملكة والجمهورية الإيرانية ورغبة منهما في حل الخلافات"، وفق بيان ثلاثي مشترك.
تصاعد الحضور الصيني
لقي قرار إعادة العلاقات ترحيبا عربيا واسعا في حين اعتبر عديد المراقبين بان هذا الإعلان دلالة على تصاعد النفوذ الصيني اقتصاديا وسياسيا في الشرق الأوسط . فقد اعتبر الاتفاق اختراقا كبيرا لجدار هذه الأزمة المستعصية التي ألقت بثقلها طويلا على عديد الملفات الساخنة في المنطقة في مقدمتها الأزمة اللبنانية واليمن وسوريا . وسبق ان وقع التوصل الى هدنة للقتال في اليمن منذ عام بوساطة أممية ورغم انتهاء سريانها في أكتوبر الماضي الا انها تواصلت مع استئناف الحوار بين الحوثيين والسعوديين .
كما ان بكين من خلال هذا النجاح الدبلوماسي بعثت برسالة للعالم وخاصة للولايات المتحدة الأمريكية بان العالم بصدد التغير وان الشرق الأوسط لم يعد رهينة القرارات والتوجهات الأمريكية .
تراجع حدة الخطاب المذهبي والاعلامي
ويتوقع الكثيرون بان يضع هذا الاتفاق حدا لأعنف الحروب في المنطقة والتي ألقت بثقلها على الوضع في العالم العربي في ظل أزمة اقتصادية غير مسبوقة . في هذا السياق قال المحلل السياسي اللبناني توفيق شومان لـ" المغرب " بان تطبيع العلاقات السعودية-الإيرانية يعني تراجع حدة الخطاب المذهبي وتراجع حدة الخطاب الإعلامي. وفتح الطريق أمام حل سياسي في اليمن. إضافة الى التنسيق السعودي-الإيراني في أسواق الطاقة وعدم الدخول في "حرب اسعار النفط". وأضاف :" الإتفاق يأتي في ذروة الحملة الأمريكية على ايران، وهذا يعني أن المملكة العربية السعودية ليست بصدد أن تاييد الولايات المتحدة في سياسة "الضغط الأقصى" على ايران . " وأضاف :" لا بد من ملاحظة معالم السياسة الخارجية السعودية الجديدة ومن ضمنها التطبيع مع ايران : تصفير المشاكل مع تركيا وايداع 5مليارات دولار في المصرف المركزي التركي بعد الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا و اتخاذ موقف وسطي من الحرب الروسية -الأوكرانية- والتنسيق مع روسيا في السياسات النفطية."
علاوة على ذلك اعتبر محدثنا بان تفعيل العلاقات السعودية-الإيرانية يعجّل خطوات الإنفتاح السعودي -السوري . وأضاف ان التطبيع السعودي-الإيراني من شأنه أن يعزز وصول رئيس تيار "المردة "سليمان فرنجية إلى رئاسة الجمهورية اللبنانية، زذلك ضمن حزمة متكاملة من التوافقات الداخلية والخارجية من بينها رئاسة الحكومة وتركيبتها وأيضا السياسة الخارجية للعهد الجديد.
وأكد ان التقارب الإيراني-السعودي يبعد المنطقة عن اضطرابات محتملة قد تنشأ عن ارتدادات الحرب في أوكرانيا أو مغامرة عسكرية قد تأتي من تل أبيب باتجاه ايران قد يعمل عليها بنيامين نتنياهو للخروج من مأزقه الحكومي وحركة الإحتجاجات المتصاعدة ضده.
وتابع بالقول :" الإتفاق بين ايران والسعودية يرسّخ الحضور الصيني بين ضفتي الخليج ويمده بدعائم اقتصادية-استثمارية - نفطية طويلة الأجل. تبقى فرصة الشهرين لإعادة التمثيل الدبلوماسي بين الرياض وطهران ، وأغلب الظن أن هذه الفرصة هدفها تعزيز الثقة من خلال التوصل إلى حلول لبعض العناوين الأمنية بين الجانبين ، وهو الأمر الذي كانت تؤكد عليه الرياض في حوارات بغداد ووساطة سلطنة عمان."

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115