ويربط متابعون للشأن الدولي هذه الحرب بالاوضاع الداخلية للدول المشاركة فيها، الغربية منها والعربية على حدّ سواء ، اذا تحمل الاطراف الدولية اجنداتها ومصالحها الخاصة على راس أولويّاتها في الحرب واهمها المصالح السياسية .
ومع تصاعد الاستعدادات الدولية للتعاطي مع معركة اجتثاث «داعش» من معاقلها الأساسية في الرقة والموصل يقول الباحث الأردني المختصّ في الشؤون الإستراتيجية د. عامر سبايلة لـ«المغرب» أنّ الولايات المتّحدة تصر على التفرد في إدارة هذه المعركة ونسب أي انتصار قادم لنفسها، وهو احد أهم الأهداف التي تسعى الإدارة الأمريكية لتحقيقها مع نهاية عهد الرئيس أوباما و اقتراب خروجه من البيت الأبيض.
وتابع السبايلة ان السؤال الأبرز الذي يبقى مطروحا هو هل اجتثاث «داعش» من معاقلها يعني نهاية التنظيم؟ وهل المجتمع الدولي معني بإنهاء «داعش» أو إنهاء حالة التفريخ المستمر للتنظيمات والخلايا الإرهابية؟».
مرحلة أصعب
واعتبر محدّثنا أن كافة المعطيات تشير أن أي معركة قادمة مع «داعش» قد تكون قادرة على إنهاء الوجود الهيكلي للتنظيم الارهابي، مستدركا أنها بلاشك قد تنقل الجميع إلى مرحلة أصعب في المواجهة مع تنظيمات جديدة مما يمكن الاصطلاح على تسميته بـ «تنظيم داعش 2» وفق تعبيره.
وعن الطرق الأنجع لمحاربة هذا التنظيم الإرهابي قال محدّثنا أنّ ما يجب التوقف عنده اليوم في إطار مواجهة التنظيمات الإرهابية هو نقطة إعلان «الخلافة» من قبل تنظيم «داعش» والتي أوصلت المواجهة مع كافة التنظيمات إلى نقطة لا يمكن العودة عنها مستقبلا حتى في حال ولادة أي تنظيم جديد. وأضاف محدّثنا أنّ «أي تنظيم قادم سيجد نفسه في مقام الوريث للخلافة، وبالتالي فان التحديات الأمنية القادمة في حال زوال أو بقاء «داعش» تبقى تحديات ذات طابع كوني وتهديدات تطال كافة الأماكن ومفاصل الحياة دون استثناء، لا بل إن أي ولادة لأي تنظيم جديد قد تسجل انطلاق مرحلة جديدة من التوحش ومحاولات التفوق في أشكال الترهيب والرعب على ما قام به تنظيم «داعش» إلى الآن».
استراتيجية «داعش»
وأشار محدثنا إلى انّ إستراتيجية إعلان مايسمى «الخلافة» عملت على تحويل الكثيرين إلى أدوات يتم استخدامها مباشرة أو توظيفها عن بعد لخدمة هذا التنظيم الإرهابي من المنتمين إلى الجماعات الإرهابية، وكثير من المتشددين وحتى اولئك الذين يعانون من مشاكل اقتصادية، اجتماعية، سياسية وحتى نفسية كل أولئك تم تحويلهم إلى قنابل موقوتة قابلة للانفجار في كل مكان في أطار المعركة النهائية، في اطار مايسمى معركة انتصار «الخلافة» على حدّ تعبيره.
وتابع محدّثنا «أن إستراتيجية إعلان الخلافة من قبل «داعش» فتحت باب “الانضمام للتنظيم” ووضعت كذلك الأنظمة التي تصر على ترسيخ وجودها عبر بوابة الشرعية الدينية في أزمة وجودية عنوانها ” الحفاظ على الشرعية” من زاوية الصراع على من يمثل الإسلام، مما جعل المعركة الفكرية التي تقودها كثير من الأنظمة هي معركة الصراع على الماضي والسيطرة على الموروث الديني».
وشدّد الباحث الأردني أن المعركة اليوم هي معركة تجديد وتغيير، معركة ثقافية وقيمية، مشيرا إلى أن إصرار الكثيرين على التعامل معها من باب التوظيف السياسي يعني باختصار أن لا حلول حقيقية ستقدم لمواجهة أسباب وروافد هذه الأفكار مما يعني أن المرحلة القادمة هي مرحلة صراع جديد مع واجهة متطورة للتنظيمات الإرهابية أي نسخة محدثة لداعش «داعش 2».