من أجل تسييس القرارات الصادرة عنهم. وأوضحت رئيسة التجمع العالمي من أجل ليبيا موحدة وديمقراطية في حديثها لـ « المغرب» ان القبائل والمدن الليبية لن تقبل بالمساومة على وحدة التراب الليبي ولن ترتضي بما هو دون استرداد سيادة ليبيا وبناء الدولة الليبية والحفاظ على نسيجها الاجتماعي .
• على خلفية الواقعة التي حدثت في العاصمة طرابلس وهي تصفية عدد من المعتقلين بعد الافراج عنهم من الجهات المختصة ، كونك ناشطة حقوقية ورئيسة منظمة حقوقية ماذا لديكم من تفاصيل عن ملابسات هذه الحادث ؟
في طور اهتمامنا واختصاصنا بتوثيق ورصد كل الانتهاكات والجرائم التي ترتكب ضد الإنسان في ليبيا وتطال أبناء الشعب الليبي عموما فإننا رصدنا هذه الواقعة الإجرامية الشنيعة التي فجعت عائلات وذوي الضحايا وهزت العاصمة طرابلس وأرعبت سكانها وزادت من آلم ووجع الشعب الليبي الذي يعيش محنته وأزمته التي أوجد فيها بفعل التدخل الخارجي في شؤونه منذ العام 2011- وبفعل العدوان الأطلسي التركي العربي الذي أدى إلى دمار الدولة وادخل ليبيا في فوضى السلاح وسلمها لحكم المليشيات. ومنذ ذلك الحين تشهد ليبيا انعداما
للأمن وغيابا كليا للقانون وسيطرة تامة للمليشيات المسلحة وبالتالي فإن مشهد الجريمة بكل أشكالها بما فيها جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية هو السائد. واتت تفاصيل الواقعة المروعة التي حدثت يوم الأربعاء 8 جوان 2016 حيث صدر قرار من المحكمة المختصة يقضي بالإفراج عن تسعة عشر معتقلا سياسيا , جلهم من المتهمين في قضية ما يعرف بـ«المثابة» واغلبهم عانوا ظلم الاعتقال لأكثر من خمس سنوات، وبينما ذووهم في انتظار تنفيذ هذا القرار الذي أتى فجأة كشعلة فرح أضاءت عتمة الاحزان التي خيمت عليهم لسنوات، وكان مبعث أمل لآلاف العائلات والأسر الليبية المتلهفة للحظة عودة أبنائها القابعين في معتقلات المليشيات ظلما وعدوانا، إلا انهم صحوا من هذا الحلم على المصاب الجلل وعلى خبر نزل كالصاعقة و على فاجعة على كل من ينتظر فى لحظة اللقاء. حيث وجدت جثت 12
معتقلا من أصل 19 شخصا صدر بحقهم قرار الافراج ورميت الجثت بثلاث مناطق متفرقة من العاصمة طرابلس . وحسب المصادر والصور المنقولة فقد تم تعذيبهم قبل قتلهم وتظهر على هذه الجثت آثار حرق بالنار مما يوحي بأن الجناة قد حاولوا اخفاء جريمتهم بمحاولة حرق جثامين الضحايا المغدورين . ومن بين الضحايا شقيقان توأم هما – عثمان ابراهيم الوش – وشقيقه – محمد أبراهيم الوش – والجدير بالذكر انه بعد تواصلنا بمقربين من المغدورين تأكد لنا أنه قد سبق واعتقل معهم شقيقهم الثالث المرحوم (خالد أبراهيم محمد الوش) الذي أصيب بمرض خطير داخل المعتقل ويرجح انه قد تم حقنه بفايروس المرض. والى جانب ذلك، ونتيجة للتعذيب والمنع من العلاج والاهمال تردت حالته الصحية وبعد جهد جهيد ومساع مضنية أخرجوه من المعتقل وعرقلوا اجراءات سفره للعلاج حتى فتك به المرض وتوفي مقتولا بطريق التصفية البطيئة التي تتبعها المليشيات ضد كثير من المعتقلين.
• لمن تحمّلون المسؤولية محليا ودوليا عن هذه الجريمة وغيرها من الجرائم والتي ترتكب ضد الليبيين؟
محليا نحملها لكل من ثبت ويثبت تورطه في وقوع هذه الجريمة البشعة والمجزرة المروعة بالفعل او بالمشاركة او بالتحريض , بدءا بمنفذي الجريمة المباشرين وهم العناصر القائمة على ادارة معتقل الرويمي من المليشيات ومن يثبت تورطه معهم في تنفيذها , وما يسمى الحكومة المؤقتة وما يعرف بحكومة التوافق حيث ان هذا المعتقل يأتي في دائرة سيطرتها حسبما يدعون . وايضا المنفذين لهذا الفعل الشنيع هم تابعون لهذه الكيانات ومنهم بعض قيادات ما يسمى بالحرس الرئاسي لدى ما يعرف بحكومة السراج وهم من أكدوا شرعيتهم وبالتالي هم مسؤولون عنها قانونيا.وكذلك اول المحرضين على ارتكاب هذه الجريمة وهو المدعو (الصادق الغرياني) والذي افادت معلوماتنا الاولية انه هو من افتى ببطلان قرار الافراج ووجه الى ضرورة القصاص حسب فتواه المنشورة على موقعهم الخاص ,وطبعا يأتي هذا السلوك المجرم في سياق جرائم تحريض عديدة ومستمرة فقد عرف عن هذا الشخص انه يقوم بدور المحرض وبكل قوة على القتل والاقتتال مستخدما في ذلك خطابه الديني وصفته السابقة (كمفتي للديار الليبية). وايضا كل من يثبت انه سلك سلوكه وتسبب في وقوع هذه المجزرة .
ودوليا تختلف انواع المسؤولية فهناك دول ومنظمات تطالها المسؤولية القانونية الى جانب المسؤوليات الاخري وهي الدول والمنظمات التي شاركت في تدمير الدولة الليبية والعدوان على الشعب الليبي عام -2011- فهي المسؤولة الاولى على هذه الجريمة وغيرها من الجرائم والانتهاكات وكل ما يعانيه المجتمع الليبي .
• ما تقييمكم لمسار العدالة الانتقالية وهل يمكن الحديث عن عدالة أصلا او دولة قانون في ظل سيطرة المليشيات ؟
عن أي عدالة نتحدث هذه الواقعة الاجرامية البشعة تجعلنا نقف على حقيقة ان الحديث عن العدالة في ليبيا اليوم هو جريمة في حد ذاته ,حيث لا قانون ولا قضاء ولا وجود لمعنى الدولة في ليبيا في ظل سلطة المليشيات المطلقة سبق وان حدث واجبر النائب العام على توقيع قرارات تقضي بالافراج واخرى تقضي بالحبس، والسلاح مصوب لرأسه داخل مكتبه بقلب مجمع المحكمة بالعاصمة طرابلس وكان هذا في عام 2012، وقتل قضاة لأنهم رفضوا الاستجابة لإرادة المليشيات وطوع آخرون ورضخوا بالترغيب والترهيب . وفي هذه الجريمة المحكمة المختصة تقرر الافراج والسجان ينفذ الاعدام بدم بارد وبكل بشاعة وعلنا .
• حسب رؤيتكم للمعركة ضد داعش اليوم هل فعلا سيتم القضاء على هذا التنظيم الارهابي نهائيا في ليبيا؟
هذه فصول مسرحية هزلية صار الجميع يعرف السيناريو منذ ان يرفع ستارها وحتى قبل ان تبدأ فعليا . ما يجري في هذا الشأن هو ليس اكثر من تبادل ادوار واستبدال أقنعة حسب المشروع الاستخباراتي الغربي الامريكي ، ومن ينفذون اجنداته من عناصر محلية , وان تم القضاء على ما يسمى بداعش سوريا فاكيد ان البديل جاهز ، وسينتهي كل هذا عندما تصل القبائل والمدن الليبية لنقطة الحسم لانها هي المعول عليها وقياداتها هي صاحبة الفصل في هذا الملف .
• برأيكم هل حكومة السراج قادرة على توحيد الليبيين ؟
ليست أكثر من حكومة وصاية الا انها لا تملك من مقومات الوصاية شيئا اذ يبدو انها في حد ذاتها قاصر ولابد لها من وصي يتولاها ,وليست اكبر من أداة لتنفيذ مرحلة من مراحل المشروع الخارجي في ليبيا ولكن من الواضح والجلي انها ضعيفة لدرجة العجز وفي حاجة لمن يخدمها .
• وكيف ترون دور خليفة حفتر في المعادلة الليبية ؟
المعادلة الليبية تتركب من كتل وأجسام محلية ودولية سواء من تلك التي تذهب باتجاه الحل أو التي تعمل على تفاقم الازمة وتعقيدها اكثر و يصل الأمر الى درجة الدفع نحو التقسيم ، ولكن في القسم الاول من تركيبة المعادلة وهو الاهم والرقم الصعب فيها هو الجسم المحلي الذي يذهب في اتجاه الحل وبالتالي فهو القسم الغالب والوطني وهو المكون الاجتماعي في ليبيا المتمثل في قيادات القبائل والمدن الليبية التي لن تقبل بالمساومة على وحدة التراب الليبي ولن ترتضي بما هو دون استرداد سيادة ليبيا وبناء الدولة الليبية والحفاظ على
نسيجها الاجتماعي رغم كل التهديدات المحدقة به وهي الرقم الصعب في هذه المعادلة ، وهو من سيحسم الامر في ليبيا عاجلا ام اجل وسيكون الحسم حتما لصالح مشروع ليبيا وليبيا فقط لا اجندات خارجية ولا مراعاة لمصالح دول اخرى الا ما يتوافق ومصلحة ليبيا . وهذا يأخذنا الى مسلمة حتمية وهي أن ليبيا الوطن أكبر من الاشخاص ، وان المعادلة الليبية اليوم أكثر زخما من ان يكون لفرد مثل حفتر دور يذكر فيها .