للغاية باستشهاد 125 من الثوار ومنتسبي غرفة عمليات تحرير سرت وجرح 400 ، بالإضافة إلى غياب الدعم الطبي لمستشفى مصراتة وهو ما جعله شبه عاجز عن معالجة المصابين.
لكن كل تلك الهنات والخسائر لا تلغي حقيقة أن تحرير سرت بات وشيكا ، حيث راهن المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق والمجلس الأعلى للدولة كثيرا على تحرير مدينة «سرت»، لتعزيز مكاسبهم السياسية التي تراجعت بسبب مواصلة تأخر جلسة مصادقة البرلمان على حكومة فائز السراج. تكتسي معركة «سرت» أهمية بالغة للإخوان المسلمين في طرابلس ومصراتة وهم المتهمون جهارا بتسليم المدينة لـ«داعش» – الكتيبة 116 التابعة لفجر ليبيا- والى الآن مازال بعض الملاحظين يؤيدون الرأي القائل بان فجر ليبيا فعلا انسحب وسلم سرت لـ«داعش» الارهابي ليعود فجر ليبيا الذراع المسلح للإخوان بعد ذلك إلى سرت من اجل تخليصها من مغتصبيها . وإخوان ليبيا استنفدوا جميع أوراقهم وخسروا كل معاركهم وتدنت أسهمهم في بورصة السياسة ولدى الرأي العام المحلي بعد انكسار شوكتهم في الجارة
مصر ورضوخهم لواقع جديد في تونس فغادروا كرسي الحكم مكرهين. والحال هكذا لم يكن أمام إخوان ليبيا ونقيبهم الصادق الغرياني سوى الاستنجاد بالغرب كي يكفل لهم طريقا لحكم ليبيا من جديد. بعد خسارة التشريعية 2014 بدأ الإخوان بتطبيق الوصفة العلاجية الغربية لجسدهم المتهالك المريض، زحفت آلة فجر ليبيا على طرابلس وأعادت الإخوان لحكم البلاد، ثم جاء انقسام البرلمان، فحوار التفجيرات فالمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق .
استعرض البرلمان عضلاته من جديد وربما للمرة الأخيرة لوقف الزحف الاخواني المدعوم غربيا فكان تعطيل جلسة تمرير حكومة الوفاق وعدم تضمين الاتفاق السياسي بالإعلان الدستوري ، والاتّفاق السياسي الموقع في 17 ديسمبر الماضي إلى حد اللحظة هو مجهول الهوية ومولود خارج الأطر القانونية ، أما لماذا وكيف فلعدة أسباب أهمها أن الذين وقعوا على الوثيقة لا يحملون الصفة الشرعية عدا مجلس النواب.
اشرنا إلى أن منهج وسياسة الإخوان ترتكز على سياسة فرض الأمر الواقع وهاهم الآن سائرون على نفس الطريق فمن خلال تحقيق الانتصار على ‘داعش’ سرت سوف يتوفر لمن يمثلهم في المجلس الأعلى للدولة – الأغلبية الساحقة - والمجلس الرئاسي وحكومة السراج سوف يحظى هؤلاء بتأييد شعبي وتقدير غربي لافت .
يرى إخوان ليبيا أنّ ما سوف يجنونه من مكاسب بعد هزم «داعش» سرت يكفيهم لفرض حكومة الوفاق دون مصادقة البرلمان أو إجباره على المصادقة، وتحقيق كتائب مصراتة المحسوبة على جماعة الأخوان الانتصار في سرت يعني بداهة خسارة طبرق لورقة هامة بعد المواقع النفطية تماما كما أن انتصار بنغازي ضد الإرهاب يعني هزيمة الإخوان طرابلس وغرب ليبيا . كلا المعركتين أي بنغازي وسرت تقترب فصولها من نهايتها وبحسب مصادر من القيادة العامة للجيش الليبي الّتي تخوض حربا شرسة ضدّ الإرهاب في بنغازي فان المدد بالسلاح والذخائر مازال يتدفّق على المدينة من مصراتة وطرابلس، وتؤكّد مصادر القيادة العامّة بأنّه لو لا ذلك الدعم بالمقاتلين والسّلاح القادم من غرب البلاد لأمكن تحرير بنغازي منذ زمن.
وتجدر الإشارة إلى انه ورغم ما قيل عن دعم رموز النظام السابق لداعش وانتماء بعض أتباع القذافي خاصة من أبناء «سرت» للتنظيم الإرهابي، إلاّ أن ذلك غير مؤكّد أما القيادة العامة للجيش وقائدها الفريق حفتر فهي وضعت وتضع كل البيض في سلة واحدة فكل خارج عن الدولة ومعارض لمدنية الدولة هو إرهابي.