وأثارت المزيد من المخاوف من تداعيات الوباء على اقتصاديات العالم وعلى الصعيدين الإجتماعي والصحي وغيره . يشار إلى أنّ الخبراء طالما دقوا ناقوس الخطر محذرين من المخلفات الكبيرة التي ستنجر عن هذا التطور الصحي المفاجئ الذي اجتاح العالم وساهم في انهيار المنظومة الصحية الدولية ّ.
من جهتها وفي تقريرها الحديث ذكرت الأمم المتحدة أنّ العالم «»تراجع خمس سنوات في الصحة والتعليم ومستوى المعيشة، بسبب تداعيات فيروس كورونا (كوفيد-19) مما أدى إلى تأجيج عدم الثقة والإحباط في جميع أنحاء الكوكب».
وأعرب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي - في تقرير له أمس الخميس - عن قلقه قائلا: «لأول مرة منذ إنشائه قبل أكثر من 30 عامًا، انخفض مؤشر التنمية البشرية، الذي يأخذ في الاعتبار متوسط العمر المتوقع والتعليم ومستوى المعيشة، عامين على التوالي، في عامي 2020 و2021».
وقد حذرت الدراسات الدولية والتقارير الصادرة عن عدة منظمات دولية من الأوضاع المزرية التي يمر بها العالم ، سواء نتيجة الحروب أو الفقر أو اللجوء وغيرها من المعضلات وآخرها انتشار وباء ‘’كورونا’’ في العالم وما حمله من تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على هذه الفئة الهشة والضعيفة.
لاشكّ أنّ الصراعات في الدول العربيّة وغيرها من دول العالم حملت معها تداعيات سلبية على عدة أصعدة اقتصاديا وسياسيا وثقافيا واجتماعيا وكانت لها تأثيرات سلبية على واقع الملايين في العالم، وفي الآونة الأخيرة ونتيجة المتغيرات المتسارعة التي عاشت على وقعها دول عدة بعد انتشار وباء كورونا، تزايدت التحذيرات من التأثيرات الخطيرة التي سيخلفها وباء كورونا في العالم على كافة الأصعدة.
ويزيد انتشار فيروس كورونا في العالم المخاطر المحدقة بالفئات الهشة والضعيفة في العالم وعلى رأسهم فئة الأطفال في مناطق الصّراع وفي مخيمات اللجوء وفي الدول الفقيرة. ولعلّ مايزيد من خطورة الوضع تأثيرات هذا الوباء على سياسات المنظمات الدولية على دول العالم المتعلقة بهذا الجانب..
ومن جانبه، قال رئيس البرنامج أخيم شتاينر: «هذا يعني أننا نموت مبكرا، وأننا أقل تعليما وأن دخلنا ينخفض».. مضيفا «أنه باستخدام هذه المعايير الثلاثة، يمكنك الحصول على فكرة عن سبب بدء اليأس والإحباط والقلق بشأن المستقبل، بينما كان المؤشر يرتفع بشكل مطرد لعقود من الزمن عاد في عام 2021 إلى مستواه في عام 2016؛ مما يمثل محوًا لسنوات من التطور ويرجع ذلك على وجه الخصوص، إلى وباء «كوفيد19» والكوارث المناخيّة التي ترتفع وتيرتها والأزمات التي تتلاحق دون إعطاء السكان وقت لالتقاط أنفاسهم’’. وأضاف المسؤول الأممي لقد مررنا بالكوارث من قبل، وحدثت لدينا صراعات من قبل، ولكن اجتماعها ومواجهتنا لها اليوم يمثّل انتكاسة كبيرة لتنمية البشريّة’’.
تأثيرات مستمرة
من جهة أخرى أكد تيدروس ادهانوم جبريسيوس، مدير عام منظمة الصحة العالمية في بيان جديد له، أن الانخفاض العالمي للإصابات يستمر والوفيات المبلغ عنها لفيروس كورونا تنخفض كذلك موضحا، إن هذا مشجع جدا لكن ليس هناك ما يضمن استمرار هذه الاتجاهات.وأكد، ربما انخفض عدد الوفيات الأسبوعية المبلغ عنها بأكثر من 80 % منذ فبراير، ولكن مع ذلك، توفي شخص واحد في الأسبوع الماضي بسبب كورونا كل 44 ثانية، رغم إنه يمكن تجنب معظم هذه الوفيات.
ورغم هذا التصريح الذي يحمل تفاؤلا حذرا ، فقد بلغت حصيلة الإصابات المؤكدة بفيروس كورونا المستجد «كوفيد-19» حول العالم ارتفعت إلى 606 ملايين و262 ألفا و996 إصابة ، وفق ما ذكرته جامعة جونز هوبكنز الأمريكية في آخر إحصائياتها.
وقد شهدت المنظومات الصحيّة في أغلب دول العالم انتكاسة غير مسبوقة نتيجة الانتشار السريع لهذا الوباء وعدم قدرة العالم على مُجابهته خاصّة في بدايته عام 2019 ، وكان للتلاقيح التي اعتمدها العالم دور في التقليص التدريجي لوتيرة انتشار الفيروس إلاّ أنها لم تكن بالنجاعة المطلوبة لإيقافه بشكل كلي . كما كان للصعوبات التي رافقت التزود الدولي باللقاحات دور في ذلك خاصة وأنّ عملية توزيع اللقاحات خلفت جدلا كبيرا نظرا للتباين الواضح بين مختلف قارات العالم خاصة في الدول الفقيرة والنامية مقارنة بالدول المتقدمة.
من ناحيته، قال مُعد التقرير الأممي الجديد بيدرو كونسيساو: «على الرغم من الانتعاش الكبير للاقتصاد في عام 2021، يستمر متوسط العمر المتوقع في الانخفاض» واصفًا هذا التراجع بأنه صدمة غير مسبوقة، في الولايات المتحدة كان هناك انخفاض لمدة عامين في متوسط العمر المتوقع، وفي دول أخرى كان الانخفاض أكبر».
واقترح التقرير بشكل خاص التركيز على ثلاثة مجالات: (الاستثمارات على وجه الخصوص في الطاقات المتجددة والاستعداد للأوبئة في المستقبل والتأمين (بما في ذلك الحماية الاجتماعية) لامتصاص الصدمات والابتكارات لتعزيز القدرات للتعامل مع الأزمات المستقبلية.