من جهة أخرى يتوجس مراقبون خوفا من تأثير هذا الانسحاب على العلاقات بين باريس وباماكو خصوصا في ظلّ الصدام الواضح بين حكومة الإيليزيه والمجلس العسكري الحاكم في مالي والإتهامات المتبادلة بين الجانبين.
قال المجلس العسكري الحاكم في مالي، «أنّ فرنسا تتحمّل جزءا من المسؤولية عن الأوضاع في البلاد التي تواجه تمرداً متطرفاً وأعمال عنف».وفي أول رد فعل رسمي لباماكو بعد أربعة أيام عن الإعلان عن خروج آخر جندي فرنسي في قوة «برخان» لمكافحة المتطرفين من البلاد الاثنين، أكد المجلس أن الأوضاع في البلاد «ستكون أفضل بعد خروج الفرنسيين».
وجاء في البيان أن الحكومة «تُطمئن الشعب المالي إلى أنه بفضل الصعود القوي للقوات المسلّحة المالية الباسلة، ستتحقق نجاحات إضافية في مواجهة الجماعات الإرهابية، وأن أمن السكان سيتحسّن بشكل كبير».وقال المتحدث إن «تدهور الوضع الأمني في مالي وفي منطقة الساحل نتيجة مباشرة لتدخّل فرنسا وحلفائها في ليبيا»، في إشارة إلى التداعيات الإقليمية للتدخل الدولي في العام 2011.
إشترك في النسخة الرقمية للمغرب
ويرى مراقبون أنّ العلاقات بين الجانبين تشهد تدهورا غير مسبوق منذ تولي المجلس العسكري السلطة ، إذ بدأت بوادر الخلاف بعد إلغاء القادة الجدد عدة اتفاقيات دفاعية مع باريس وحلفائها الغربيين . هذا الصدام مع الجانب الفرنسي ومن خلفييه حلفائه الأوروبيين قابله وفق متابعين توجه بين قادة مالي الجدد نحو الجانب الروسي وحلفائه مما يثير مخاوف من مستقبل العلاقات بين هذه الأطراف في ظل ماتمثله مالي من أهمية بالغة للغرب وتأثيرات خسارتها لصالح الجانب الروسي . في الأسبوع المنقضي أدى وزير الدفاع المالي ساديو كامارا، زيارة إلى روسيا وفي البيان الصادر ، لم تشر السلطات المالية إلى هذا التحالف، لكنها أشارت إلى أنها مستعدة للتعاون «مع كل دول العالم» ضد الإرهاب، شرط احترام السيادة والمصالح الوطنية.
الفشل الفرنسي في مالي
هذا وأعلنت فرنسا في شهر جوان المنقضي عن انتهاء عملية «برخان» العسكرية لمكافحة الإرهاب في الساحل الإفريقي داعية إلى ضرورة تأسيس تحالف دولي أوسع لمجابهة آفة الإرهاب في القارة السمراء . وقد أحدث الإعلان الفرنسي انقساما لدى الرأي العام الدولي بين من اعتبر الخطوة إقرارا بالفشل الفرنسي في إفريقيا فيما اعتبرها آخرون بأنها سعي لإعادة ترتيب الأوراق وتكريس سياسة دولية مشتركة لمحاربة الإرهاب.
و«برخان» عملية لمكافحة التمرد في منطقة الساحل الأفريقي والتي بدأت في 1 أوت 2014. وهي تضم من 3000 إلى 4500 جندي فرنسي ومقرها في نجامينا عاصمة تشاد. وقد تم تشكيل العملية مع خمسة بلدان، وهي المستعمرات الفرنسية السابقة، التي تمتد في منطقة الساحل الأفريقي: بوركينا فاسو وتشاد ومالي وموريتانيا والنيجر. هذه البلدان المشار إليها إجمالا باسم «جي 5 الساحل. سميت العملية كذلك كناية عن شكل هلال الكثبان الرملية في الصحراء.ومن بين الخطوات التي تم اتخاذها هي تقليص عدد الجنود الفرنسيين في المنطقة. ويرى متابعون أن فرنسا حققت نجاحا نسبيا في محاربة التنظيمات المسلحة في منطقة الساحل الإفريقي إلا أنّ الوضع تطور لاحقا وباتت السيطرة على نشاطات هذه الجماعات المسلحة تستوجب تدخلا أشمل وأوسع نطاقا .
ويأتي قرار إنهاء عملية ‘’برخان’’ بعد أيام من انقلاب عسكري في مالي، وهو الثاني خلال 9 أشهر. هذا الإنقلاب وصفه ماكرون بأنه «انقلاب على الانقلاب»، وقد علّق مؤقتا العمليات المشتركة بين القوات الفرنسية والمالية في الثالث من جوان الحالي.
ويرى مراقبون أنّ إعلان فرنسا عن إنهاء عملية «برخان» بمثابة إعلان الفشل الرسمي الفرنسي هناك على غرار السيناريو الأمريكي في أفغانستان.
ومنذ تولي المجلس العسكري الحاكم في مالي الحكم ، ظهر الصدع والخلاف الكبير بين السلطة والجانب الفرنسي حيث يأتي تعيين رئيس المجلس العسكري الحاكم في مالي الكولونيل أسيمي غويتا وزير الإدارة الإقليمية واللامركزية الكولونيل عبدالله مايغا، رئيسا للحكومة بالوكالة بدلا من المدني شوغل كوكالا مايغا الذي أُدخل المستشفى قبل بضعة أيام ، يأتي ليزيد من تكريس الصدام الكبير بين المجلس والجانب الفرنسي الرافض لشخص عبد الله مايغا .