بينهم ثلاثة في حالة الخطر ، وخلّف الهجوم حالة استنفار سياسي وأمني كبيرين في وقت يشهد فيه المسجد الأقصى تصعيدا غير مسبوق منذ بداية شهر رمضان المُنقضي إلى اليوم بين المصلين الفلسطينيين وشرطة الإحتلال احتجاجا على اقتحام اليهود لباحات المشهد الأقصى ما زاد من حدّة التصعيد الدائر في الأراضي المحتلّة.
وتشهد القدس المحتلة منذ بداية شهر رمضان توترا واحتجاجات متصاعدة بعد منع سلطات الإحتلال للفلسطينيين من الوصول إلى المسجد الأقصى ما خلّف قتلى وجرحى جراء اشتباكات وانتهاكات مارستها قوات الإحتلال ضد المدنيين العزل الراغبين في تأدية الصلاة في المسجد. وقد أثار التوتر الذي تشهده القدس المحتلة وتنامي السياسة الإستيطانية ، والممارسات العنصرية ضد أصحاب الأراضي ردود أفعال غاضبة من جانب السلطة الفلسطينية ومن فصائل المقاومة التي هددت بدورها بالتصعيد.
والهجوم الأخير ليس الهجوم الأول ، إذ تشهد الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ أشهر تصعيدا ميدانيا خطيرا في غياب أية مواقف دولية منددة بسياسة سلطات الإحتلال الجائرة . ولم يشهد الموقف الدولي من الإحتلال تغيرا يذكر رغم الآمال الكبيرة التي علقها البعض بعد وصول الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى الحكم. إلاّ أنّ سياسة الإدارة البيضاوية استمرت في الدعم اللا مشروط لسلطات الإحتلال ، وذلك بعد سياسة مماثلة من سلفه دونالد ترامب الذي شهدت العلاقات بين بلاده وحكومة الإحتلال خلال عهدته ازدهارا غير مسبوق تٌوّجت خلال فترة حكم ترامب بالإعتراف بالقدس عاصمة للكيان علاوة على انضمام عدد كبير من الدول العربية الإمارات المغرب السودان إلى قطار الدول المطبعة مع سلطات الإحتلال. ومنذ الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة مزعومة لإسرائيل، فإن موقف السلطة الفلسطينية كان واضحا وهو رفض التعاطي مع أي تحركات أمريكية في ملف السلام، والدعوة إلى إيجاد آلية دولية؛ بسبب انحياز واشنطن لإسرائيل.ويتمسك الفلسطينيون بالقدس الشرقية عاصمة لدولتهم المأمولة، استنادا إلى قرارات الشرعية الدولية التي لا تعترف باحتلال إسرائيل للمدينة عام 1967، ولا ضمها إليها في 1981.
ووفق تقارير في الغرض الهجوم يأتي ضمن سلسلة من الهجمات التي وقعت في إسرائيل خلال الأسابيع القليلة الماضية قتل فيها 13 شخصا على مدى الشهر الماضي.والأسبوع الفائت، أطلق فلسطيني من الضفة الغربية المحتلة النار من سيارته على جمع في بني براك، ما أسفر عن مقتل خمسة أشخاص بينهم أوكرانيان وشرطي. وقبل بضعة أيام من ذلك الهجوم، قتل شرطيان إحداهما شرطية فرنسية إسرائيلية في إطلاق نار تبنته حركة الجهاد الإسلامي في الخضيرة (شمال). وفي 22 مارس في بئر السبع في صحراء النقب (جنوب)، قتل أربعة اسرائيليين في هجوم طعنا وصدما نفذه مدرس .
مواقف مساندة
وفي سياق ردود الأفعال أعرب الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن إدانته لمقتل مدنيين إسرائيليين في عملية طعن في وسط الأراضي المحتلة، فيما باركت حركة المقاومة الإسلامية «حماس» وفصائل أخرى العملية.وقال عباس في بيان نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية إن «قتل المدنيين الفلسطينيين والإسرائيليين لا يؤدي إلا إلى المزيد من تدهور الأوضاع في الوقت الذي نسعى فيه جميعًا إلى تحقيق الاستقرار ومنع التصعيد».
وحذر عباس من «استغلال هذا الحادث المدان للقيام باعتداءات وردات فعل على الشعب الفلسطيني من قبل المستوطنين وغيرهم»، مجددا إدانته للاعتداءات المتواصلة بحق شعبنا ومقدساته الإسلامية والمسيحية «التي خلقت أجواء التوتر وعدم الاستقرار».واعتبر أن “دوامة العنف تؤكد أن السلام الدائم والشامل والعادل هو الطريق الأقصر والسليم لتوفير الأمن والاستقرار للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي وشعوب المنطقة».
في المقابل باركت حركتا حماس والجهاد الاسلامي عملية العاد قرب «تل أبيب» والتي أدت لمقتل 4 إسرائيليين وإصابة آخر بعملية طعن وإطلاق نار قرب «تل أبيب».
وقال الناطق باسم حركة «حماس»حازم قاسم في تصريحات له «إن العملية جاءت كجزء من غضب شعبنا على اعتداءات الاحتلال بحق المقدسات».
وأكد قاسم أن اقتحام المسجد الأقصى لا يمكن أن يمرّ دون عقاب، وأن العملية البطولية في «تل أبيب» اليوم هي تطبيق عملي لما حذرت منه المقاومة بأن الأقصى خط أحمر.
وتابع «نحن أمام حالة نضال متكاملة ومستمرة في كل أماكن تواجد الشعب الفلسطيني، والاحتلال لا يستطيع إخماد الجبهات في غزة والضفة والداخل المحتل».وقال عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي محمد حميد، إن عملية «العاد» تُشكل انتصارا للمسجد الأقصى.وأكد حميد في بيان، أن تدنيس جيش الاحتلال والمستوطنين للمسجد الأقصى هو تجاوز لكل الخطوط الحمراء، «وشعبنا سيواصل رده على هذا العدوان».
سياسة احتلالية متصاعدة
من جهته قال الصحفي الفلسطيني قاسم الأغا لـ«المغرب»، إن الاعتداءات والانتهاكات التي يتعرض لها المسجد الأقصى المبارك، ومدينة القدس لم تتوقف منذ الاحتلال الإسرائيلي لأرض فلسطين التاريخية إبّان النكبة سنة 1948؛ لكن الاحتلال صَعّد خلال السنوات الأخيرة من هجمته الشّرسة على المدينة المقدسة، وفي المقدمة منها المسجد الأقصى المبارك، في محاولة يائسة لفرض التقسيم الزماني والمكاني فيه، كمقدمة لتهويده وتمرير مخططات هدمه وإقامة «الهيكل» المزعوم على أنقاضه.
وأضاف الصحفي الأغا، إن المسجد الأقصى المبارك، يواجه مرحلة هي الأخطر منذ بدء الصّراع، إذ وصل الأمر بالاحتلال وقُطعان مستوطنيه الصهاينة المتطرفين المساس بقدسية الأقصى، ومكانته الإسلامية والتارخية في قلوب شعبنا الفلسطيني، وقلوب نحو ملياريّ مسلم حول العالم.
وتابع: «انظروا إلى مشاهد الاعتداءات والاقتحامات والتدنيس التي يتعرض لها المسجد الأقصى وباحاته صباح مساء، ومهاجمة المصلين والمرابطين فيه من الفلسطينيين، وقتلهم وملاحقتهم واعتقالهم؛ للحيلولة دون أداء واجبهم بالدفاع عن أولى القبلتين وثاني المسجدَين، وثالت الحرمَين الشريفَين».
وأوضح أن المراقب لتصعيد الاحتلال «الأخطر وغير المسبوق» في المسجد الأقصى، يعكس نيّة مبيّتة من الاحتلال وحكومة المستوطنين المجرمين التي يتزعمها «نفتالي بينت»، بإشعال حرب دينية، أرى أنها ستتخطى حدود فلسطين المحتلة، اذا استمرّ العدوان على الأقصى المبارك.
وقال: «المسجد الأقصى بالنسبة لنا نحن الفلسطينيين والمسلمين، عَقيدة، كيف لا وهو آية في القرآن الكريم، ومحور معجزة الإسراء والمعراج، ومَسرى نبيّنا محمد صلّى الله عليه وسلّم، ومنه عُرِج به إلى السماوات العُلا».
وعليه، فإن الأقصى المبارك حقّ خالص للمسلمين ومكان عبادة لهم دون غيرهم، لذلك كل المزاعم التي تتحدث عن حق عبادة «اليهود» فيه، أو في ما يسمونه «جبل الهيكل» محض كذب وتضليل وتزوير للدين والتاريخ والجغرافيا، بحسب الصحفي الفلسطيني.
ولفت إلى أنّ العمليات الفدائية التي ينفذّها فلسطينيون في ريعان شبابهم بوسائل بسيطة، والتي كان أحدثها عملية «إلعاد» قرب «تل أبيب»، التي قتل فيها 3 مستوطنين على الأقل، وجُرح آخرون مساء الخميس، تأتي في سياق الردّ الطبيعي والمشروع على مسلسل الإجرام الإسرائيلي تجاه أرضنا وشعبنا ومقدّساتنا، وعلى رأسها مسجدنا الأقصى المبارك.
وأردف: «العمليات الفدائية التي تشهدها مدن فلسطين المحتلة والتي تصاعدت وتيرتها في الآونة الأخيرة، تعبيرٌ واضح من شعبنا الفلسطيني برفضه المَساس بالمسجد الأقصى، وأن الاقتراب منه خطٌ أحمر، سيدفع صوب تفعيل كل الأدوات والوسائل التي كفلتها القوانين والأعراف الدولية، لكل شعب محتلّ في سبيل دفاعه عن أرضه وحقوقه المسلوبة».
وفي هذا الصدد، نبّه إلى استشهاد 25 فلسطينيًّا على الأقل خلال شهر أفريل/ مارس الأخير، ليرفع العدد الإجمالي للشهداء في مدن الضفة الفلسطينية المحتلة إلى 56 شهيدًا وإصابة الآلاف بينهم أطفال ونساء ومسنّون، منذ مطلع العام الجاري».
وعَبّر عن اعتقاده بأن العملية الفدائية البطولية في «إلعاد» لن تكون الأخيرة، والاحتلال وسوائب مستوطنيه المجرمين وحدهم من يتحمّلون «العواقب الوخيمة وغير المتوقعة» إذا ما قرّروا تكثيف هجماتهم واقتحاماتهم واعتداءاتهم على المسجد الأقصى، ومدينة القدس، وعموم الأرض الفلسطينية المحتلة.
ورأى أن «شعبنا الفلسطيني قادر على ابتداع كل الوسائل والأدوات التي تمكّنه من التصدّي بكل قوةّ وبسالة لإجرام الاحتلال وإرهاب مستوطنيه، وإحباط مخطّطاتهم التهويدية والاستيطانية على أرض فلسطين».
ونوّه إلى أن الشعب الفلسطيني يراهن على شبابه لجهة حماية أرضه ومقدساته، خصوصًا على وقع إنزلاق أنظمة عربية إلى وحل التطبيع والتعاون والتحالف مع الاحتلال على حساب القضية الفلسطينية والحقوق العادلة للشعب الفلسطيني، وكذلك مجتمع دولي متواطئ ومنحاز للاحتلال وأميركا، لم يكفّ عن سياسة «ازواجية المعايير» و»الكيل بمكيالين» وتعاطيه التقليدي وغير الفاعل مع قضية الشعب العربي الفلسطيني.
تصعيد واستنفار في الأراضي المحتلة: دعوات محلية ودوليّة لردع سلطات الإحتلال ووقف سياسة الإستيطان
- بقلم وفاء العرفاوي
- 10:52 07/05/2022
- 710 عدد المشاهدات
شنّت قوات الإحتلال الإسرائيلي عملية أمنية واسعة بعد هجوم أودى بحياة ثلاثة أشخاص وأسفر أيضا عن جرح أربعة أشخاص