حوار لـ''المغرب'' أنّ الهدف النهائي للحملة العسكرية الروسية حصار العاصمة الأوكرانية والإطاحة بـ «نظام كييف». وأضاف أن التوتر الروسي الأوكراني سيستمر لفترة طويلة جدًا.
وتابع أنّ ''موسكو تلقت دليلاً على أن كييف قد بدأت بالفعل استعدادات لتكون أرضا للبرامج النووية ، وكانت تلك القطرة التي أفاضت كأس الصبر الروسي''.واعتبر محدثنا أن ''موسكو مستعدة لإعادة توجيه مصالحها الاقتصادية نحو الأصدقاء الآسيويين والعرب لتجاوز التداعيات الكارثية للعقوبات المفروضة عليها''.
• هل يمكن أن تعطينا قراءة لتطورات الأزمة الحالية بين روسيا وأوكرانيا؟
تهدف العملية العسكرية الروسية بالأساس لإفشال مساعي الدولة الأوكرانية لأن تصبح أرضا وموقعا للتجارب النووية الأمريكية الإسرائيلية ، مع العلم أن التدخل العسكري الذي تقوم به موسكو كان صادما لا فقط لأوكرانيا بل لباقي المجموعة الدولية كذلك.
وقد تركت الدول الغربية الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلنسكي بمفرده أمام أخطائه ، إذ تجاهل «نظام كييف» عاملاً مهما جدا وهو أنّ أي تهديد ضد الشعب الروسي والدولة سيجعل موسكو ترد بهذه الطريقة القاسية وشديدة السرعة . ولهذا السبب وحده ، تُبذل محاولات لتقديم روسيا على الساحة الدولية كظاهرة هامشية. ولا يتعلق الأمر بسياسة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ، التي لا يحبها العديد من قادة الدول الغربية. بل الحقيقة هي أنّ الدور الفعال لروسيا في جميع الملفات والأزمات الدولية تقريبًا وكان ذلك عاملا سبب الإنزعاج لمن يحلمون برؤية روسيا مجزأة وضعيفة. في غضون ذلك، أوضحت موسكو بوضوح شديد -عبر اتخاذها «أحداث دونباس» الأخيرة كمثال- أنها لا تنوي تحمل الظلم والإذلال في حقها.
يمكن القول أن ما يحصل في أوكرانيا مجرّد ذريعة للضغط على روسيا. مع العلم أنه لو لم تكن هناك أزمة أوكرانية ، لكان منظمو الهستيريا المعادية لروسيا اختاروا دولة أخرى يتم من خلالها الضغط على موسكو. لسوء الحظ، لا زال رئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي لا يفهم أنه يتم تكليفه فقط بدور هامشي يجعله يشبه البيدق في لعبة كبيرة. هناك قوى عالمية استخدمت (كييف) كأداة في تلك الحرب، تلك القوى وأولها الولايات المتحدة الأمريكية ،لا ترى في أوكرانيا سوى وقود لمدافعها، وفي نهاية الأمر سيتم التخلص منها بعد انتهاء دورها غير الفعال.
• ما هي برأيك احتمالات نشوب حرب تتجاوز أوكرانيا وما هي النتائج المتوقعة؟
بدأ سيناريو العملية العسكرية الروسية ضد «نظام كييف» في التطور منذ عام 2014 ، عندما تولى أنصار النازية السلطة في أوكرانيا. كان ذلك بمثابة التحدي المباشر أمام للكرملين، في غضون ذلك ، حاولت روسيا البقاء على الحياد ، معتقدة أنه خلال الانتخابات الرئاسية في أوكرانيا ، سيتم اختيار السياسي المناسب على رأس الدولة والذي سيبني علاقات بناءة مع موسكو . لكن ما حصل كان معاكسا لتطلعات الكرملين فقد بدأ فولوديمير زيلينسكي الرئيس الأوكراني مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة وإسرائيل تتعلق بصنع أسلحتهما النووية الخاصة ، وتلقت موسكو دليلاً على أن كييف قد بدأت بالفعل هذه الاستعدادات النووية ، لذلك كانت هذه الخطوة القطرة التي أفاضت كأس الصبر الروسي ، وهذا أحد أهم الأسباب التي جعلت موسكو تشنّ عملية عسكرية فقط لضمان السلام والأمن على أراضيها وفي المنطقة ، لأن أوكرانيا التي قد تمتلك سلاحًا نوويًا، لا يمكن التنبؤ بما يمكنها القيام به في المستقبل .
على مدى ثماني سنوات ، حاولت موسكو إجراء حوار عادي مع كييف ، مما أتاح للقيادة الأوكرانية الفرصة لنقل وجهة نظرها إلى المجتمع الدولي ، والتعبير عن عدم موافقتها على الموقف الروسي. الآن تم استنفاد احتمالات إعطائها الفرصة لإجراء حوار عادي دون شروط بسبب خطأ كييف المتمثل في تجاوز قادتها «للخطوط الحمراء» ، وخلقهم تهديدًا مباشرًا للدولة الروسية وشعبها.
• ماهي برأيكم سبل تهدئة هذا المشهد المحتقن ؟
لتهدئة التوتر الروسي الأوكراني الآن ، يجب اتباع الأساليب البعيدة عن فرضية القوة لحلّ المشكلات ، هناك حاجة للحفاظ على هيكل المجموعة السابق. بمعنى آخر ، يجب أن يكون هناك اتفاق بين فلاديمير زيلينسكي وفلاديمير بوتين حول هدف مشترك. على سبيل المثال ، بالنسبة لموسكو ، الهدف النهائي للحملة العسكرية هو حصار العاصمة الأوكرانية والإطاحة بـ «نظام كييف» ، بينما بالنسبة إلى كييف ، سيكون الهدف النهائي انسحاب القوات الروسية. لكن المؤكد اليوم أن أيا من طرفي النزاع لا يستطيع حاليًا تحقيق الهدف النهائي للحملة العسكرية ، ونتيجة لذلك سيستمر التوتر الروسي الأوكراني لفترة طويلة جدًا.
• كيف ستكون نتائج العقوبات الاقتصادية التي تفرضها الدول الغربية على موسكو؟
في الوقت الحاضر ، تداعيات العقوبات الاقتصادية على روسيا كارثية ، خاصة بالنسبة للمواطنين العاديين. فقد سجلنا ارتفاعا في أسعار المواد الغذائية الأساسية بشكل كبير ، في حين نفد النقد من أجهزة الصرف الآلي للبنوك. مايحصل يشعر السكان المحليين بالذعر وقد بدأوا في شراء أنواع حيوية من السلع على نطاق واسع: السكر والملح والكبريت والدقيق ومياه الشرب. ومع ذلك ، فإن حالة الذعر هذه مؤقتة.
مايحصل أثّر على النمو الاقتصادي في روسيا بشكل حاد بسبب منع الوصول إلى الأسواق الأوروبية والأمريكية. لكن السوق الآسيوي ، والأهم السوق العربي ، مستعد لتعويض موسكو عن جميع التكاليف التي تكبدتها ، ونتيجة لذلك ستكون روسيا قادرة على التعامل بسرعة مع التداعيات الاقتصادية السلبية للعقوبات الدولية.
اعتادت الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية على اعتبار روسيا دولة دون زعيم قوي حيث يسود الفساد . لكن موسكو أثبتت أن رأي الغرب بشأن الدولة والشعب خاطئ. الروس يعرفون كيف يحاربون من أجل العدالة بطريقة حضارية! موسكو اليوم مستعدة لإعادة توجيه مصالحها الاقتصادية حصرا نحو الأصدقاء الآسيويين والعرب، حيث سيزداد حجم التجارة بحوالي 12 - 15 مرة خلال السنتين أو الثلاث سنوات القادمة. ونتيجة لذلك ، فإن روسيا لا تخشى العقوبات الغربية.
• ما هو نطاق الاستعداد النووي الروسي الجديد؟
في ما علاقة بالعقيدة العسكرية الحديثة منذ 2014 وما شهده الميدان الأوكراني من تطورات الى 27 فيفري 2022 ،كانت القوات المسلحة الروسية ، بما في ذلك قوات الردع الاستراتيجي ، في حالة تأهب أمام وضع الخطر العسكري ، وهو في الواقع ليس نظامًا خاصًا ، لأن هذا النظام لا يعني تنفيذ سياسة مضادة ، كما انه لا يعني بأي حال من الأحوال توجيه ضربة انتقامية.
وقد اعتبرت موسكو في ذلك الوقت نظام كييف مصدر خطر ، لكن هذا الخطر ، بطريقة ما ، كان خاضعًا للإدارة ، على وجه الخصوص ، بمساعدة أدوات الضغط الدبلوماسية والسياسية. في هذا الصدد ، لم تكن هناك حاجة حتى للنظر افتراضيًا في استخدام الأسلحة النووية التكتيكية ضد خصم محتمل ، حيث لم تكن أوكرانيا في ذلك الوقت مدرجة في قائمة الدول «الخطيرة بشكل خاص». لكن بعد تصريح الرئيس الأمريكي جو بايدن بأن البديل الوحيد للعقوبات ضد روسيا بسبب أوكرانيا لا يمكن إلا أن يكون «حربًا عالمية ثالثة» .. هذا التطور جعل موسكو تشك في أن اللعبة بدأت تتخذ منحى خطيرا للغاية. ونتيجة لهذه اللعبة ، أصبح التهديد لاستمرار وجود الدولة الروسية حقيقيًا تمامًا. في هذا الصدد ، قرر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ، بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة للبلاد ، ترقية نظام OBD إلى نظام OBD «خاص» ، أو وفقًا للمصطلحات السوفيتية ، نظام OBD الكامل.وهذا يعني أن القاذفات الروسية الثقيلة، التي تحمل قنابل نووية حرارية قوية تصل إلى 25 مليون طن في فتحات قنابلها ، بدأت في مهمة قتالية لمدة 24 ساعة لا في أماكن المغادرة ، ولكن في الجو مباشرة. كما صدرت أوامر لأطقم القتال للدفاع الجوي الأرضي بإسقاط أي أهداف لعدو محتمل فوق الأراضي الروسية.
• كيف تقرؤون المشهد في الأيام القادمة؟
من السابق لأوانه إجراء أي تنبؤات في هذا الوقت. هناك عدد كبير من المتغيرات المتسارعة التي يجب مراعاتها عند تقييم ما يحدث. على سبيل المثال، لا زالت هناك مخاوف كبيرة من إمكانية التدخّل العسكري الأمريكي المباشر ، الأمر الذي سيتطلب موارد عسكرية إضافية من روسيا. بالإضافة إلى ذلك ، لازال هناك خطر فتح جبهة ثانية ضد روسيا في الاتجاه الشمالي الغربي (دول البلطيق) ، والاتجاه الجنوبي (القوقاز) والاتجاه الشرقي (الشرق الأقصى).
الصراع الدائر حاليا قد يأخذ أشكالا متعددة، وقد يمتد لعقود طويلة، وقد تكون له تداعيات على العالم برمته، فما يحدث الآن في «دونباس» ليس سوى بداية الصراع، ونحن -بكل تأكيد- على مشارف أزمة عالمية لا يمكن التنبؤ بنتائجها أو تأثيراتها.على أي حال ، يمكننا الآن التوصل إلى نتيجة لا لبس فيها مفادها أن الصراع الروسي الأوكراني قد فتح «صندوق باندورا» ، والذي قد يتحول بسببه خطر اندلاع حرب عالمية ثالثة إلى حقيقة واقعة.
المحلّل الروسي دنيس كوركودينوف رئيس المركز الدولي للتحليل السياسي والتنبؤ لـ«المغرب»: «الصراع الروسي الأوكراني قد يُحوّل خطر اندلاع حرب عالمية ثالثة إلى حقيقة واقعة»
- بقلم وفاء العرفاوي
- 11:02 03/03/2022
- 896 عدد المشاهدات
• «الهدف النهائي للحملة العسكرية الروسية حصار العاصمة والإطاحة بـ«نظام كييف»
• «تداعيات العقوبات الاقتصادية الغربية على روسيا كارثية»
قال المحلّل السياسي الروسي دنيس كوركودينوف رئيس المركز الدولي للتحليل السياسي والتنبؤ في