تنتظر فيه البلاد تشكيل حكومة جديدة بعد أشهر من الإعلان عن نتائج الإنتخابات البرلمانية. وفي سياق استمرار العراقيل التي تواجه الإعلان عن تحالف يتم بموجبه تشكيل حكومة، أعلنت «الكتلة الصدرية» بالعراق، أمس السبت عن مقاطعتها لجلسة البرلمان المخصصة لاختيار رئيس البلاد، وتجميد مفاوضات تشكيل الحكومة مع الكتل السياسية إلى إشعار آخر.
ومن المقرّر أن يعقد البرلمان العراقي جلسة خاصة،يوم غد الإثنين، لانتخاب رئيس جديد للبلاد من بين 25 مرشحا، أبرزهم مرشح حزب الاتحاد الوطني الكردستاني الرئيس الحالي برهم صالح، ومرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني هوشيار زيباري.
وتأتي هذه الخطوة لتزيد من ضبابية المشهد العراقي وتعلن عن استمرار حالة الفراغ، وجاء التصريح بتجميد المفاوضات على لسان رئيس «الكتلة الصدرية» بالبرلمان، التي تصدرت الانتخابات البرلمانية الأخيرة وكان ذلك خلال مؤتمر صحفي أمس بمقر مجلس النواب في العاصمة بغداد.وقال العذاري: «قررنا تجميد المفاوضات مع الكتل السياسية بخصوص تشكيل الحكومة القادمة إلى إشعار آخر».
وأضاف: «على أعضاء الكتلة الصدرية عدم حضور جلسة مجلس النواب الخاصة باختيار رئيس الجمهورية (المقررة يوم الإثنين المقبل)، باستثناء النائب الأول لرئيس البرلمان حاكم الزاملي». دون إيراد مزيد من التفاصيل. ولم يوضح أسباب اتخاذ القرار، الذي يأتي وسط أزمة سياسية خانقة يشهدها العراق جراء خلافات عميقة بين القوى الشيعية بشأن تشكيل الحكومة المقبلة.
كما دعا زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر تحالفه السياسي داخل البرلمان إلى عدم التصويت لمرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني لرئاسة الجمهورية هوشيار زيباري، في حال عدم استيفائه للشروط.وقال الصدر، في تغريدة له «إذا لم يكن مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني الحليف - بل مطلقا - لرئاسة الجمهورية مستوفيا للشروط أدعو نواب الإصلاح (تحالف سائرون) إلى عدم التصويت لفائدته».وأضاف: «نحن دعاة إصلاح، لا دعاة سلطة وحكم»، دون أن يحدد الصدر في تغريدته الشروط الواجب توفرها في المرشح للرئاسة.وتأتي تغريدة الصدر بعد أيام على تدقيق البرلمان للسير الذاتية لمرشحي رئاسة الجمهورية، ومنحه الضوء الأخضر لـ25 مرشحا للتنافس على المنصب من بينهم زيباري.وكان الحزب الديمقراطي الكردستاني قد أعلن عن ترشيح زيباري لمنصب رئيس الجمهورية، فيما قدم حزب الاتحاد الوطني الكردستاني الرئيس الحالي برهم صالح مرشحه للمنصب لدورة ثانية.
وشهد الإعلان عن نتائج الانتخابات احتجاجات من أنصار الأحزاب الخاسرة في الانتخابات البرلمانية العراقية ،وذلك رفضا للنتائج الرسمية المعلنة من قبل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات البرلمانية المبكرة التي جرت في أكتوبر المنقضي.
خلافات عميقة
وقد حملت نتائج الإنتخابات البرلمانية العراقية الكثير من المفاجآت غير المتوقعة كما أثارت الكثير من اللغط بين مكونات المشهد السياسي العراقي كذلك المشهد الإقليمي والدولي باعتبار ارتباط بعض الأحزاب والكتل المشاركة في الإنتخابات بأطراف إقليمية ودولية داعمة لها . وأظهرت النتائج التي نشرتها المفوضية العليا للانتخابات -رغم نسبة المقاطعة غير المسبوقة-تصدر التيار الصدري بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر للنتائج المعلنة. وتصدرت «الكتلة الصدرية» الانتخابات التي أجريت في 10 أكتوبر الماضي، بـ73 مقعدا، تلاها تحالف «تقدم» بـ37، وائتلاف «دولة القانون» بـ33، ثم الحزب «الديمقراطي الكردستاني» بـ31.
ويرى خبراء أنّ هذا الانقسام الكبير في مقاعد البرلمان يعني غياب غالبية واضحة في البرلمان المقبل، وهو إشكال زاد من عرقلة مفاوضات تشكيل الحكومة وأرغم الكتل المتصدّرة على التفاوض وتقديم تنازلات مقابل تشكيل تحالفات للحكم وتسمية رئيس جديد للوزراء ..وهو مسار يبدو انه سيكون شائكا بعد إعلان الكتلة الصدرية عن تجميد المفاوضات مما يعني أن المفاوضات صعبة أكثر ممّا كان متوقعا .
يشار إلى أنّ الانتخابات البرلمانية تم إجراءؤها بصفة مُبكّرة في خضم صعوبات عدّة عانى منها العراق على عدة أصعدة أمنيّة واجتماعيّة واقتصاديّة وسياسية، إذ كان من المُقرر أن تنتهي عهدة البرلمان الحالي عام 2022 إلّا أنّ الاحتجاجات الشعبيّة الغاضبة التي أطاحت بحكومة عادل عبد المهدي عجّلت بقرار إجراء الانتخابات المبكرة كحل لامتصاص غضب الشارع ليتمّ عقب ذلك منح الثقة للحكومة الجديدة برئاسة مصطفى الكاظمي والتي كلفت بإدارة المرحلة الانتقالية .
ويخشى متابعون للشأن العراقي من المرحلة المقبلة التي ستشهد مزيدا من الخلافات في حال عادت المفاوضات حول الشخصية التي ستتولى تشكيل الحكومة، في وقت تبقى فيه المخاوف قائمة من الفشل في التوافق بين مختلف مكونات المشهد السياسي المعنية بتشكيل الحكومة .