لإنجاح إجراء الإستحقاق الإنتخابي في موعده الجديد يبدو أنّ التعقيدات والخلافات لازالت سيدة الموقف في الأزمة الليبيّة .
وقد أكد رئيس مجلس النواب في ليبيا عقيلة صالح أن الحكومة المؤقتة التي مقرها في طرابلس، تعد حكومة «منتهية الولاية» منذ تاريخ 24 ديسمبر الماضي، مؤكدا على وجوب إعادة تشكيلها.وقال رئيس مجلس النواب والمرشح للانتخابات الرئاسية في أول جلسة رسمية يترأسها، بعد تأجيل الانتخابات، «حكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية بناء على قرار سحب الثقة وانتهاء آجال الثقة بحلول 24 ديسمبر». ودعا جميع الليبيين إلى الوقوف ضد كل محاولات التعطيل، والمطالبة بإجراء الانتخابات في أقرب الآجال، بحسب تعبيره.وتأتي هذه الدعوة في الوقت الذي حث فيه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الأطراف السياسية والأحزاب في ليبيا على إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية «شاملة وذات مصداقية» في أقرب وقت ممكن.
وقال غوتيريش في تقرير للأمم المتحدة تم تسليمه إلى مجلس الأمن وفق «فرانس براس»، إن الليبيين « يجب ان يعملوا الآن معا لمعالجة القضايا الأساسية التي نتج عنها التأجيل وخلق الظروف السياسية والأمنية اللازمة لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية دون مزيد من التأخير».
وكانت المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا قد أعلنت قبل يومين من موعد الانتخابات الرئاسية في 24 ديسمبر الماضي على عدم قدرتها على إجراء عملية الاقتراع، بسبب ما وصفتها بـ«القوة القاهرة». واقترحت المفوضية على مجلس النواب موعد جديدا لعملية الاقتراع في الـ 24 جانفي الجاري، شرط زوال «القوّة القاهرة» التي تمثل في مجملها عقبات أمنية وسياسية وقضائية.
هذا الخلاف القائم حول مدى شرعية الحكومة الراهنة من شأنه وفق مراقبين مزيد تأجيل الإنتخابات إلى موعد غير محدد لاحقا وسط تعالي الأصوات المنادية بسحب الثقة من الحكومة التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة. لكن الخلاف ليس داخليا فحسب بل سيمتد إلى الأطراف الفاعلة خارجيا والمؤثّرة في مسار الأزمة الليبية، خاصة وأنّ مقترح سحب الثقة من حكومة الدبيبة يلقى رفضا واسعا حيث يرتبط استمرار الحكومة بإجراء الانتخابات وتسليم السلطة لحكومة جديدة، وهي خطوة يصعب تحقيقها في الوقت الراهن نتيجة عدة عوامل مما يجعل الحديث عن سحب الثقة عودة إلى نقطة اللاّعودة بالنسبة للدول الفاعلة في الملف الليبي.
صعوبات جديدة
هذا وقد أثار قرار تأجيل الإنتخابات الليبية التي كان من المقرّر إجراؤها يوم الجمعة 24 ديسمبر إلى تاريخ 24 جانفي 2022 ، شكوكا وانتقادات وقلقا دوليا من الفشل في عرقلة إنجاح هذا الاستحقاق الإنتخابي بعد سنوات من الحرب في ليبيا. ولئن توقع الليبيون أن يفشل الموعد الجديد المقرر بعد أيام قليلة وذلك بسبب الصعوبات والعراقيل والإنقسام التي تخيم على المشهد الليبي.
وتزامن التأجيل غي مرحلة أولى مع إعلان لجنة نيابية عن استحالة إجراء الانتخابات الرئاسية في الوقت الحالي، بسبب ظروف مرتبطة بتقارير «فنية وقضائيّة وأخرى أمنيّة». وتبرز للواجهة مخاوف محليّة وأخرى إقليمية ودولية من تداعيات التأجيل مرة ثانية وفي هذه المرة إلى موعد غير محدد وما يمكن أن يحمله ذلك من تأثير على الواقع الأمني المتدهور بطبعه في ليبيا، وسط أنباء عن إمكانية حدوث تصعيد عسكري قد يعيد البلاد إلى المربع الصفر.
ورغم التأكيدات المتواصلة من السلطات الليبية الجديدة على التزامها التام بإجراء الانتخابات في موعدها، يرى مراقبون أنّ الواقع الميداني والسياسي والقانوني في ليبيا -رغم الجهود الكثيفة المبذولة- كانت له الكلمة الأخيرة في تأجيل الإنتخابات نتيجة عراقيل وصعوبات عدة فرضت التأجيل رغم الآمال الكبيرة التي علقها الليبيون على هذا الإستحقاق الإنتخابي . ويشكك البعض في الأوضاع السياسية والأمنية في البلاد في ظل الخلافات التي اتسمت بها الأعمال والإستعدادات الميدانية واللوجستية. ورغم أنّ الجهود المبذولة كانت حثيثة على الصعيدين الداخلي والخارجي، إلاّ أنّ الداخل الليبي لا زال يشهد خلافات حادة وانقسامات وتشرذما كانت أحد أهم أسباب هذا التأجيل.