فقد باتت ظاهرة اجتماعية أدخلت بعضا من البهجة المفقودة الى الشعوب العربية المنهكة والتي عانت الأمرّين خلال العشرية الأخيرة بسبب الصراعات ولعبة المحاور الاقليمية والتجاذبات السياسة ...في خضم كل الأحداث المؤلمة التي مزقّت مفهوم الوحدة العربية المشوهة، أعادت هذه الدورة الخاصة والاستثنائية من «كأس العرب» اليها بعضا من نكهتها المفقودة.... انها الوحدة العربية بامتياز والتي ظلت شعارات رنانة لا تطبّق على أرض الواقع المرير طيلة عقود ...
وقد يكون المكسب الأهم من هذه الفعالية الرياضية إعادة بعض اللحمة، فقد شهدنا الأعلام العربية ترفرف في ملاعب قطر الكبرى في لحظة فارقة. ولعل المشهد الأكثر دلالة تلك المباراة التي جمعت بين منتخبي المغرب والجزائرّ والتي حملت رسائل أخوّة انتصرت على كل أشكال التنازع السياسي.
فكم حلمت شعوب المنطقة بأن تلمس بالفعل معاني كلمة التلاحم العربي... لقد غصّت مدرجات وملاعب الدوحة والتي تستعد لاحتضان كأس العالم المقبل، بالجماهير العربية من كل الأجيال والفئات التي وحدتّها الكرة والرياضة والروح الرياضية فيما كانت تفرّقها السياسة ومعادلاتها طيلة العقود الماضية .
وبغض النظر عن الرابح أو الخاسر من كل هذه المباريات ينفي الأهم بزوغ هذه الشعلة من الوحدة العربية والتي يأمل كثيرون في أن تبقى متقدّة لتنسي شعوب المنطقة آلام الخصام والنزاع والصراعات بين مجتمعات تربطها علاقات وجذور اجتماعية واثنية وعرقية وتاريخ مشترك وجغرافيا واحدة لكن فرقتها «أجندات السياسة بكل توتراتها وصراعاتها العبثية».