التي جرت مؤخرا وكانت نتائجها غير متوقّعة.وأثار هذا التصعيد تنديدا داخليا وخارجيا على الصعيد الإقليمي من مختلف مكونات المشهد السياسي العراقي، خاصة مع تزامنه مع مرحلة حساسة تسبق تشكيل الحكومة الجديدة .
وقد خلفت المواجهات 125 مصاباً، 27 منهم من المتظاهرين والبقية من أفراد الأمن، وفق أرقام وزارة الصحة العراقية.ومن بين المواقف المنددة بهذا التطور الخطير موقف مقتدى الصدر ، الزعيم الشيعي «لا ينبغي أن تتحول المظاهرات السلمية من أجل الطعون الانتخابية إلى مظاهرات عنف واستصغار للدولة، كما لا ينبغي للدولة أن تلجأ للعنف ضد المتظاهرين السلميين».
وحذر الصدر، من «زج الحشد الشعبي في الاحتجاجات» قائلا، إنه «حشد جهاد، وأمنيتي أن لا تتلطخ سمعته بغير ذلك».وأضاف أن «الصدام بين قواتنا الأمنية أمر مستهجن».ورغم التراجع الواضح إلا أن الكتلة الصدرية بقيادته تصدرت نتائج الانتخابات الأخيرة بحصولها على 37 مقعدا وهي نتيجة تفرض الدخول في تحالفات وربما تنازلات صعبة لتشكيل وفاق حكومي.
من جانبه قال زعيم تحالف «الفتح» وهو أبرز الخاسرين في الانتخابات هادي العامري: «ندين ونستنكر بأشد العبارات ونتابع بغضب شديد حالة القمع البشعة التي تتعامل بها السلطات الحكومية مع المتظاهرين السلميين المعترضين على سرقة أصواتهم وتزييف النتائج».وطالب العامري في بيان السلطات القضائية، بـ»التدخل العاجل للاقتصاص من الذين أصدروا أوامر إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين»، محملاً الحكومة «مسؤولية حفظ أمن المتظاهرين ودمائهم».
وفاز «الفتح» بـ14 مقعدا فقط وفق النتائج الأولية، بعد أن حل ثانيا في الانتخابات السابقة عام 2018 برصيد 48 مقعدا.وأعلنت الحكومة العراقية يوم أمس السبت وضع لجنة للتحقيق في أحداث المنطقة الخضراء التي اندلعت أمس الأول .من جانبه، قال زعيم «عصائب أهل الحق» قيس الخزعلي في بيان: «ندين وبشدة استعمال القوات الأمنية للسلاح الحي في مواجهة المتظاهرين السلميين».
وأضاف: «يجب أن تتم محاسبة الأفراد الذين أطلقوا النار وقتلوا المتظاهرين وأصابوهم وكذلك من أصدر هذه الأوامر كائنا من كان، ومن ناحيتنا فلن نرضى أبدا بأي محاولة تستر على الآمر والفاعل».كما دعا رئيس الحكومة العراقية القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي الأطراف السياسيّة المختلفة إلى التهدئة واللجوء إلى الحوار، كما ناشد المتظاهرين بممارسة حقوقهم المشروعة باعتماد السلمية وتجنب العنف بأي صيغة ومستوى ووسائل .
مباحثات تشكيل الحكومة
وعقب الإعلان عن النتائج المفاجئة للإنتخابات العراقية، ورغم المظاهرات الشعبية الرافضة بدأت الكتل السياسية مسار المشاورات بهدف التوصل إلى توافقات صعبة لتشكيل الحكومة بحكم أن النتائج كانت متقاربة إلى حد كبير . ومن بين المشاورات اجتمع عمار الحكيم، رئيس تحالف قوى الدولة الوطنية مع الزعيم الشيعي، مقتدى الصدر واتفقا على أهمية «اعتماد الطرق السلمية والقانونية في الإعتراض على نتائج الإنتخابات»، حسب بيان لمكتب عمار الحكيم. وبحسب البيان فإن الطرفين استعرضا تطورات الشأن السياسي في العراق ونتائج الإنتخابات الأخيرة واستحقاقات المرحلة القادمة. وأكد الطرفان على أهمية إستحضار المصلحة العامة وتغليبها على المصالح الخاصة ووضع حد لمعاناة المواطنين عبر النهوض بالواقع الخدمي في العراق. وكان مقتدى الصدر قد اجتمع الليلة الماضية بزعيم كتلة تقدم، محمد الحلبوسي لبحث مخرجات العملية الانتخابية واستحقاقات تشكيل الحكومة الجديدة.
وبعد أن حملت نتائج الإنتخابات البرلمانية العراقية الكثير من المفاجآت غير المتوقعة ، أثارت هذه النتائج الكثير من اللغط بين مكونات المشهد السياسي العراقي وكذلك المشهد الإقليمي والدولي باعتبار ارتباط بعض الأحزاب والكتل المشاركة في الإنتخابات بأطراف إقليمية ودولية داعمة لها .
ويرى خبراء أنّ الانقسام الكبير في توزع مقاعد البرلمان يعني غياب غالبية واضحة في البرلمان المقبل، وهو إشكال سيرغم الكتل المتصدّرة على التفاوض وتقديم تنازلات مقابل تشكيل تحالفات للحكم وتسمية رئيس جديد للوزراء وهو مسار يبدو انه سيكون شائكا في ظلّ النتائج المٌعلنة .
وتأتي هذه الحركية في المشهد السياسي العراقي في خضم صعوبات عدّة يعاني منها العراق على كافة الأصعدة أمنيّا واجتماعيّا واقتصاديّا وسياسيا، علاوة على تحديات أخرى خارجية على علاقة بملفات المنطقة وتحالفاتها وسعي بغداد لإتباع سياسة النأي بالنفس.
من جهته وتعليقا على أحداث الجمعة قال الكاتب والمحلّل السياسي العراقي نصيف الخصاف لـ»المغرب’’ أنّ ‘’عددا من الأفراد المرتبطين بالأحزاب الخاسرة بالانتخابات حاولوا دخول المنطقة الخضراء من عدة بوابات لكن القوى الأمنية الكلفة بحماية المنطقة منعتهم ما أدى إلى حدوث إصابات من الطرفين’’.
وتابع ‘’وقد بدأت هذه الأحزاب بحشد اتبعها للتظاهر والاعتصام قرب المنطقة الخضراء احتجاجا على نتائج الانتخابات مدعية حصول تزوير لإرادة الناخبين ،وفي الحقيقة إن قانون الانتخابات الجديد بيّن أحجام الأحزاب التقليدية الحقيقية بعد أن كانت تصوغ قوانين الإنتخابات السابقة على مقاساتها ،ولم يكن قانون الانتخابات نتاج إرادة هذه الأحزاب بل كان نتيجة ضغط المحتجين الذين أرغموا أحزاب الفشل والخراب على تشريع قانون انتخابات منصف ورغم مقاطعة قطاعات واسعة من المواطنين الساخطين للانتخابات ظهرت النتيجة التي ترينها وفازت شخصيات وقوى سياسية جديدة تعبر عن إرادة التغيير التي يطالب بها الشعب’’ وفق تعبيره.