في انتخاب جو بايدن العام الماضي. هذه الهزيمة هي الثانية بعد أن فشل الرئيس الأمريكي في الكونغرس في اقناع حزبه بمساندة مشروع الميزانية الإصلاحية للخروج من الأزمة الصحية والاقتصادية. بعد سنة من نجاحه في الرئاسية يجد جو بايدن نفسه في مفترق طرق سياسي يشكل رهانا جديدا بالنسبة لانتخابات منتصف المدة النيابية لعام 2022.
انتصار غلان يونغكين أعطى الى الحزب الجمهوري أملا جديدا في استعادة قوته بعد هزيمة دونالد ترامب خاصة وأن الرئيس السابق الجمهوري لا زال يحرك آمال مناصريه في استرجاع موقعه في البيت الأبيض في غياب منافس داخلي للحزب. وتعتبر الصحافة الأمريكية أن انتصار يونغكين لم يكن ممكنا دون الانقسامات التي ظهرت في الأسابيع الماضية في الحزب الديمقراطي.
تعثر الإدارة الأمريكية
منذ انطلاق الحملة الانتخابية في فيرجينيا شهد المشهد السياسي الأمريكي تقلبات سلبية جراء الانسحاب الأمريكي من أفغانستان الذي اعتبره المحللون ووسائل الإعلام الأمريكية بمثابة «الهزيمة» التي أرجعت إلى الأذهان الخروج المماثل من الحرب في فيتنام. وكان ذلك حديث الساعة لمدة أسابيع مما جعل الرأي العام الأمريكي يفقد الأمل في إمكانية تحقيق الإصلاحات التي وعدت بها الإدارة الأمريكية. وزادت الأزمة الأمريكية الفرنسية في مسألة صفقة الغواصات في ضبابية الموقف الأمريكي. مما أثر سلبيا على الناخب الأمريكي في فرجينيا التي تحتضن نسبة كبيرة من الجنود الذين شاركوا في الحرب على أفغانستان والذين التحقوا جراء ذلك بالحزب الجمهوري. وقد زادت الأزمة بين فرنسا والولايات المتحدة في مسألة صفقة الغواصات مع أستراليا من ضبابية الموقف الأمريكي.
لأول مرة أصبح الإعلام الأمريكي يشكك في قدرة جو بايدن على تحقيق نجاحات مشابهة لانتصاره عام 2020 بعد أن تدهورت شعبيته إلى نسبة 40 % بسبب الأزمة الأفغانية وتدفق أعداد ضخمة من اللاجئين من هايتي عبر الحدود المكسيكية دون أن تقدم الإدارة الأمريكية حلولا عملية ناجعة. ولم ينس الناخب الأمريكي ما أقدم عليه دونالد ترامب من إجراءات قاسية لمجابهة ظاهرة الهجرة. وهو ما أثرّ في قرار الناخبين في فيرجينيا.
مستقبل الحزب الجمهوري
لا زال الحزب الجمهوري في غيبوبة هزيمة دونالد ترامب. ولم يتمكن في سنة كاملة من بلورة بديل لخوض المعارك الانتخابية القادمة. وهو ما جعل دونالد ترامب يرجع في الصورة ويحاول الحفاظ على الاستقطاب داخل الحزب الذي مكّنه من التحكم في مفاصله حتى يصل إلى البيت الأبيض. نجاح غلان يونغكين يعطي الجمهوريين أملا جديدا بسبب رفضه الاصطفاف وراء دونالد ترامب ومنعه من المشاركة في الحملة الانتخابية. وقد عمل المرشح الجمهوري على بلورة سياسة برغماتية محلية قريبة من الناخب في فرجينيا ومتطلعة لمستقبل سياسي متجدد في خدمة الناخبين. وهو ما وفر له شروط النجاح محليا وما أعطى للمسؤولين في الحزب الجمهوري فرصة للتفكير في بديل لدونالد ترامب خشية أن يعودوا مرة أخرى إلى مربع الفشل في الموعد الانتخابي في نوفمبر 2022.
انقسامات حادة في صفوف الديمقراطيين
إضافة إلى تعثر سياسات الإدارة الأمريكية، دخل الحزب الديمقراطي منذ أشهر في انشقاق عميق بين الجناح الوسطي المعتدل الذي يمثله جو بايدن والجناح اليساري الراديكالي المتحالف مع مجموعات «الإحياء» («الووك») والتي استفحلت في الجامعات والجمعيات الأهلية والعرقية في الولايات المتحدة. ويبدو أن الحزب الديمقراطي لم يعد قادرا على بلورة موقف سياسي موحد في الكونغرس. وهو ما برهن عليه فشل الرئيس الأمريكي في تمرير الميزانية الاستثنائية للتنمية والتي قررها للخروج من الأزمة الاقتصادية بسبب معارضة جانب من نواب حزبه. هذه الانقسامات الإيديولوجية التي ظهرت خلال حملة الانتخابات الرئاسية لعام 2020 تفاقمت حدتها اليوم وأصبحت عائقا إضافيا أمام جو بايدن الذي لم يتمكن من تجاوزها داخليا. وإذا تواصلت في المستقبل فسوف تؤثر سلبا على مشاريعه الإستراتيجية على المستوى الدولي.
هزيمة الحزب الديمقراطي والرئيس الأمريكي في فيرجينيا وانقسام الديمقراطيين يعطيان صورة عن المستقبل الضبابي الذي يهدد الإدارة الأمريكية التي تحتاج إلى استقرار في الكونغرس لخوض الإستراتيجية الجديدة التي بلورها جو بايدن لمقاومة المد الصيني، وقد قام بخطوات عملية متعددة على المستوى الدولي من بينها بناء تحالف استراتيجي مع أستراليا وبريطانيا العظمى في المحيط الهادي لا يمكن انجاحه دون وحدة الحزب الديمقراطي الذي أصبح يتخبط أكثر من قبل في متاهات المعارك الإيديولوجية التي لا تخدم السياسات البرغماتية التي عادة ما تسفر عن تجميع الناخبين وتكوين أغلبية انتخابية في الولايات المتحدة الأمريكية .
انتصار الحزب الجمهوري في فيرجينيا وهزيمة جو بايدن في الكونغرس: بايدن بين انقسامات الحزب الديمقراطي وضبابية السياسة الداخلية
- بقلم زين العابدين بن حمدة
- 09:44 05/11/2021
- 866 عدد المشاهدات
نجح المرشح الجمهوري غلان يونغكين يوم 2 نوفمبر في الاستيلاء على ولاية فيرجينيا التي حكمها الحزب الديمقراطي منذ 1999 والتي ساهمت