مؤسسات الدولة وإشراك المدنيين في الحكم .وقد ارتفعت الأصوات المنادية -على الصعيدين المحلي والدولي- بضرورة توحيد الجيش في السودان ووضع مؤسساته الاقتصادية تحت إشراف المدنيين وسط مخاوف من تجدّد الخلافات داخل المؤسسة العسكرية ذاتها والتي تشهد بدورها انقساما بما يمكن أن يحمله ذلك من تأثيرات على السودان .
قدّمت الولايات المتّحدة وبريطانيا وألمانيا إلى مجلس حقوق الإنسان مشروع قرار بشأن السودان يطالب بعودة المدنيين فوراً إلى الحكم بعد الانقلاب الذي نفّذه الجيش السوداني ويدعو إلى تعيين مقرّر خاص لمتابعة أوضاع حقوق الإنسان في هذا البلد.
وأدان النصّ «بأشدّ العبارات» الانقلاب الذي نفّذه الجيش السوداني في 25 أكتوبر ، كما طالب بأن تستعيد السلطة فوراً «الحكومة المدنية الانتقالية برئاسة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك». كما ان مشروع القرار «يدين الاعتقال التعسّفي» لحمدوك من قبل الجيش، ويذكّر العسكريين الذين تسلّموا زمام السلطة في البلاد بـ«أهمية الاحترام الكامل لحقوق الإنسان» وحرية التعبير والحقّ في التظاهر السلمي.
جلسة أممية مرتقبة
ومن المنتظر أن يعقد مجلس حقوق الإنسان، أعلى هيئة أممية في هذا المجال، صباح اليوم الجمعة في جلسة خاصة بشأن السودان تلقي في مستهلّها المفوّضة العليا لحقوق الإنسان ميشيل باشليه خطاباً، بالتزامن مع نشر مشروع القرار.كما ينصّ مشروع القرار على استحداث منصب مقرّر خاص لأوضاع حقوق الإنسان في السودان لولاية مدّتها عام واحد يُعدّ خلالها على وجه الخصوص تقارير عن أحوال حقوق الإنسان في هذا البلد ويقدّم توصيات لتحسينها.وبحسب مشروع القرار فإنّ من مهامّ المقرّر الخاص الإبلاغ عن الانتهاكات المحتملة لحقوق الإنسان من قبل القوات المسلّحة السودانية.
ومن أصل 47 دولة عضواً في المجلس، طلبت عشرون دولة عقد هذا الاجتماع، وفقاً للسفير البريطاني لدى هيئة الأمم المتّحدة في جنيف، سايمون مانلي.وكان السفير السوداني لدى الأمم المتّحدة في جنيف وقّع باسم بلاده على طلب عقد هذا الاجتماع، لكنّ الخرطوم عادت وأعلنت انسحابها من قائمة العشرين هذه، في خطوة لم تعترف بها بقية الدول الموقّعة، بحسب ما قال السفير البريطاني.
وفي أواخر الشهر المنقضي أعلن رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان عن حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد وحل مجلس السيادة الانتقالي والحكومة،وذلك في أحدث انقلاب تعيشه البلاد بعد تاريخ طويل مع الإنقلابات العسكرية التي منعت السودان من تجاوز الواقع القاتم والمرير الذي يعيشه منذ عقود طويلة .واعتقل جل أعضاء مجلس الوزراء السوداني وعددا كبيرا من قادة الأحزاب المناصرة للحكومة.
وضع حساس
وقد أثار أحدث انقلاب يشهده السودان ردود أفعال داخلية متباينة وغضبا دوليا ودعوة إلى ضرورة العودة إلى المسار السياسي تفاديا للفوضى وانعدام الأمن في السودان. ودعا تجمع المهنيين السودانيين، وهو من أبرز الائتلافات التي نشطت إبان الثورة ضد البشير، أنصاره إلى إعلان حالة المقاومة بعد ما وصفه باعتقال أعضاء من الحكومة.
ويرى مراقبون أنّ ما حصل يزيد من مخاوف تحوّل السودان إلى ساحة لصراعات جديدة قد يغذيها تضارب السياسات الداخلية وتباين المواقف بين مختلف مكونات المشهد السياسي الداخلي، إذ بات الغموض يكتنف مستقبل هذه المرحلة الحساسة التي يمر بها السودان. بالإضافة إلى المعضلات الداخلية يحذر متابعون من تنامي الدور الخارجي الذي يواجهه السودان الذي بات في مرمى مطامع أطراف خارجية لعدة اعتبارات نظرا للأهميّة الاقتصاديّة والإستراتيجية التي يتمتع بها السودان. وخلف التغيير في رأس السلطة السودانية تباينا في ردود الفعل الدولية والإقليمية التي دعمت في أغلبها الانتقال الديمقراطي والسلمي للسلطة في السودان ، إلاّ أنّ حالة الإنقسام الحادة صلب السلطة في حد ذاتها كانت من بين أسباب هذا المشهد القاتم في السودان.
ويرى مراقبون أن المجتمع الدولي يعول بدوره على أدوار دول المنطقة والجوار في مزيد دفع المشهد السوداني نحو الإستقرار. على صعيد الجهود الداخلية لحلحة الأزمة وصل محمد الحسن الميرغني، مساعد رئيس السودان السابق نائب رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل إلى القاهرة قادما من الخرطوم فى زيارة لمصر يبحث خلالها آخر التطورات بالسودان.ومن المقرر أن يلتقي الميرغني خلال زيارته لمصر مع عددا من كبار المسؤولين المصريين وقيادات الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل المقيمة بمصر لاستعراض آخر التطورات على الساحة السودانية.
السودان يتخبط بين حكم العسكر وإشراك المدنيين: جهود أممية وإقليمية للدفع نحو استقرار سياسي يضم كافة الأطراف
- بقلم وفاء العرفاوي
- 09:38 05/11/2021
- 606 عدد المشاهدات
يتسم الوضع في السودان بعد الإنقلاب العسكري الأخير بتعقيدات مستمرة ومحاولات داخلية وأخرى خارجية لحل الأزمة وإعادة عمل