عدة اجتماعات بين مسؤولين من طهران ومسؤولين سعوديين بوساطة عراقية بغية إذابة الجليد وتقريب وجهات النظر تجاه عدد من قضايا الإقليم الساخنة.
قال وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان إن المحادثات مع إيران كانت «ودية» في حين وصف المفاوضات «بالاستكشافية».
وقال الوزير السعودي للصحيفة في مقابلة «نحن جادون بشأن المحادثات.. الأمر ليس تحولا كبيرا بالنسبة إلينا، فدائما ما نقول إننا نريد إيجاد سبيل لتحقيق الاستقرار في المنطقة». من جهتها قالت وزارة الخارجية السعودية في بيان لها أمس الجمعة إن الوزير فيصل بن فرحان التقى مع نظيره الأمريكي أنتوني بلينكن في واشنطن وتبادلا وجهات النظر إزاء البرنامج النووي الإيراني والمفاوضات الدولية المبذولة في هذا الشأن.
وقال بن فرحان على تويتر «أجريت مباحثات مثمرة اليوم مع وزير الخارجية الأمريكي بحثنا خلالها العديد من المواضيع ومنها تعزيز أوجه التعاون الاستراتيجي في كافة المجالات والعمل على تكثيف التنسيق المشترك في العديد من القضايا الإقليمية والدولية التي تهم بلدينا الصديقين».
وذكرت الخارجية السعودية أن الوزير التقى أيضا مع المبعوث الأمريكي الخاص لشؤون إيران روبرت مالي وناقش معه «تكثيف الجهود المشتركة للتصدي للانتهاكات الإيرانية للاتفاقيات والمعاهدات الدولية المتعلقة بالاتفاق النووي».
يشار إلى أن هذا الموقف السعودي يحمل تغيرا جذريا بعد سنوات من العداء ورفض مبدإ الحوار وبعد سنوات من الحرب ذات الأساس الديني السني الشيعي في منطقة الشرق الأوسط والتي تحولت إلى حرب نفوذ تغذيها اصطفافات إقليمية ودولية.
من جهته قال وزير الخارجية الإيراني، حسين أميرعبد اللهيان، إن المحادثات بين المسؤولين الإيرانيين والسعوديين «بناءة»، مضيفاً أن طهران قدمت مقترحات ديناميكية لتحقيق السلام في اليمن. وجاءت تصريحات الوزير خلال حديث صحافي على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر المنقضي.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية، سعيد خطيب إن «المحادثات بين بلاده والسعودية حققت تقدماً جدياً في موضوع الأمن في الخليج». ودعا خطيب زاده دول المنطقة إلى تسوية القضايا الإقليمية فيما بينها دون تدخل أجنبي.
تاريخ من العداء
هذا ودارت بين السعودية وإيران منذ عقود طويلة حرب دينية شيعية سنية كان من بين أهم أسبابها صراع حول النفوذ بين الطرفين في المنطقة العربية مما جعل العلاقات بين البلدين تُصنّف في خانة العداء المُعلن. وزاد سير إيران نحو امتلاك السلاح النووي من هلع الدول الخليجية وحليفتها الولايات المتحدة الأمريكية . إذ يرى مراقبون أن الحروب بالوكالة بين طهران والرياض وحلفائهما في كل من اليمن والعراق وسوريا ولبنان كانت الفتيل الذي أجّج نيران الصدام بين الجانبين.
وكانت الاجتماعات التي احتضنتها العاصمة العراقية بغداد بين وفدين من الجانبين الإيراني والسعودي بعد سنوات من العداء عرفت تحولا مفصليا في تاريخ الصدام بين البلدين. و استضافت بغداد في أفريل وسبتمتر محادثات مباشرة بين وفدين من السعودية وإيران تطرقت إلى الأوضاع في اليمن ولبنان والمنطقة بصفة عامة ، وهي خطوة اعتبرها مراقبون قد تكون بداية تقارب بين الجانبين بعد عقود طويلة من صراع ديني بين السنة والشيعة في المنطقة العربية وما أنتجته من حرب بالوكالة بين حلفاء السعودية وحلفاء إيران في عدة دول.
ومن بين أصداء الاجتماعات كان الترحيب الصادر عن روسيا حليفة طهران التي أكدت أنها سترحب بأي تقارب بين السعودية وإيران، معتبرة أن هذه العملية ستؤثر إيجابيا على الأوضاع الأمنية في منطقة الشرق الأوسط.
ولا تقتصر الخلافات بين طهران والرياض على علاقات البلدين بل تتعداها إلى الأدوار التي تلعبها الدولتان في عدد من قضايا الإقليم على غرار اليمن والعراق ولبنان ،سوريا وأيضا قطر. إذ تمتد خيوط الازمة الخليجية التي اندلعت في 2015 وبدأت مؤخرا في الإنفراج بين المملكة العربية السعودية وحلفائها من جهة وقطر من جهة اخرى ، بشكل مباشر او غير مباشر لتصل الى اطراف خارجية تؤثر وتتأثّر على حد سواء بإرهاصات وتداعيات هذا الخلاف المستمر بين دول الخليج ومن بينها إيران . فالى جانب الدول الاربع المقاطعة للدوحة تظهر في الواجهة دول اخرى لا يقل دورها اهمية عن اهمية الدول المعنية بالأزمة خاصة وان اغلب الاراء تعتبر الخلاف الخليجي هو في الاصل حرب بالوكالة بين اطراف اقليمية وأخرى دولية .
وتختلف ادوار الاطراف الخارجية في الازمة الخليجية وتتراوح بين محاولات تركيا للوساطة الى دعم ايراني واضح للدوحة، مقابل مساندة امريكية معلنة للسعودية، فيما يبقى العراق الذي يحاول النأي بنفسه عن الازمة محور شد وجذب بين هذه الاطراف خاصة منها الرياض التي طالما حاولت وفق متابعين للشأن الخليجي كسب تأييد بغداد وضرب النفوذ الايراني في المنطقة.
واعتبر مراقبون أن هذا الصدام الذي يمتد تاريخه لعقود طويلة باتت تحكمه في هذه الآونة سياسات ومتغيرات جيواستراتيجية كبرى رافقت وصول الرئيس جو بايدن إلى الحكم في أمريكا وما تبع ذلك من تغير في التحالفات الدولية والإقليمية ومافرضته أيضا من تنازلات من بعض أطراف الصراع في الشرق الأوسط.