الذي يستعدّ بدوره لمغادرة القوات الأمريكية لأراضيه بعد سنوات من الغزو الأمريكي. ويربط متابعون للمشهد الأفغاني التطورات الدراماتيكية التي تعيشها كابول في هذه الآونة بانسحاب القوات الأمريكية بعد 20 عاما من دخول الأمريكان إلى أفغانستان إثر تفجير برجي التجارة العالمية في أمريكا .
وإثر سيطرة حركة طالبان على العاصمة الأفغانية كابول، باتت النقطة التي تشغل الرأي العام الدولي اليوم مصير بقية الدول التي تتواجد فيها القوات الأمريكية لعل أهمها العراق وسوريا، وبصفة أكثر العراق الذي يستعد بدوره لمغادرة القوات الأمريكية المتمركزة على أراضيه منذ العام 2003 . ولئن يستبعد مراقبون فرضية أن يتكرر سيناريو أفغانستان في العراق بعد انسحاب القوات الأمريكية من البلاد نظرا لعدة عوامل داخلية وأخرى خارجية تجعل من نقاط الإختلاف أكثر من نقاط التقارب بين المشهدين. ورغم ذلك لا ينفي المتابعون للشأن الدولي أن يحمل خروج القوات الأمريكية من بلاد الرافدين تداعيات مرتقبة أمنيا وسياسيا واقتصاديا. ولئن يعتبر البعض ان نقطة الإختلاف الكبرى بين أفغانستان والعراق هي حركة ‹›طالبان المتشددة ،يرى البعض الآخر أن تجدد نشاط تنظيم «داعش» الإرهابي مؤخرا في المدن العراقية يؤكد أن هذا التنظيم يحاول لملمة خلاياه النائمة وتكثيف هجماته الإرهابية في وقت أعلنت فيه السلطات انتصارها على التنظيم وطرده من الموصل. ومؤخرا أعلنت السلطات العراقية عن عملية عسكرية جديدة لمجابهة التنظيم الذي اتبع إستراتيجية جديدة تتمثل في استهداف أبراج الكهرباء في البلاد.
وقد شهد العراق تفجيرات عدة في الآونة الأخيرة، خلّفت عشرات القتلى والجرحى؛ وتبنى تنظيم «داعش» الهجوم.وتشهد الساحة الأفغانية، في الفترة الحالية، مواجهات دامية بين الحكومة وحركة «طالبان»، التي أعلنت سيطرتها على مناطق واسعة في البلاد.وتصاعدت وتيرة العنف والقتال، في ظل تعثر المفاوضات بين طرفي النزاع الأفغاني، للتوصل إلى اتفاق دائم لوقف إطلاق النار، وبحث المستقبل السياسي للبلاد.
وبخصوص احتمالات تكرار السيناريو الأفغاني في بلاد الرافدين، يربط متابعون ما تشهده الساحة العراقية من تجاذبات سياسية حادة بين مختلف الأطياف وتداخل الأدوار الخارجية ، بإمكانية حدوث تداعيات خطيرة في البلاد تتزامن مع الصعوبات التي تواجهها حكومة الكاظمي قبيل انتخابات اكتوبر المقبل.
في بداية شهر جويلية اتفق الجانبان العراقي والأمريكي على انسحاب القوات الأمريكية المقاتلة من البلاد في نهاية العام الجاري 2021 وذلك بعد سلسلة من الحوارات الإستراتيجية بين البلدين امتدت على سنوات. ويأتي الإنسحاب الأمريكي المقرر في نهاية العام من العراق بعد عقود من الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 .
ووفق البيان الختامي الصادر عن حكومتي البلدين إثر جولة الحوار الإستراتيجي الرابعة والأخيرة بينهما، إتفق الجانبان على انسحاب جميع القوات الأمريكية المقاتلة من العراق بحلول نهاية العام الجاري 2021.
ولئن واجه الحوار الذي انعقد بين الطرفين انتقادات وحملة من التشكيك في نتائجه على المديين القريب والبعيد.إلا أن الترحيب رافق الجولة الرابعة والأخيرة لهذا الحوار الذي ضم خبراء وسياسيين من الجانبين العراقي والأمريكي، في وقت تواجه فيه العلاقات بينهما تحديات عدة على علاقة بملف الإرهاب وانسحاب القوات الأمريكية المتمركزة في البلاد منذ عام 2003 بعد الإطاحة بنظام صدام حسين وفي علاقة بما يتعلق بموضوع حماية البعثات الدبلوماسية الموجودة في العراق (المنطقة الخضراء) من الهجمات الصاروخية.يشار إلى أنه منذ 2014، تقود واشنطن تحالفا دوليا لمكافحة «داعش»، الذي استحوذ على ثلث مساحة العراق آنذاك، حيث ينتشر نحو 3000 جندي للتحالف، بينهم 2500 جندي أمريكي.
ويرى متابعون أنّ المشهد الراهن وتطورات سحب القوات الأمريكية خاصة سيجعل المنطقة على شفا متغيرات قريبة على علاقة بالصراعات الإقليمية والدولية الراهنة.
احتمالات وسيناريوهات
من جانبه قال الكاتب والمحلل السياسي العراقي نصيف الخصاف لـ«المغرب» أن الإنسحاب الأمريكي من أفغانستان يمكن أن يفسر باحتمالين كلاهما يعني احتمال حدوث مشاكل حقيقية في المنطقة والعالم . وأضاف «التفسير الأوّل أنّ الولايات المتحدة فقدت قدرتها على إنفاق ما يتطلبه انتشار جيوشها حول العالم وأن مشاكلها الداخلية الاقتصادية والصحية ألقت بظلالها على دورها الخارجي، مما يعني أن من أفغانستان بداية مرحلة جديدة ستتسم بالانسحابات من مناطق عدة ومنها العراق وسوريا وقد يشمل بعض الدول الأخرى التي قد لا تكون في حالة حرب مثل بعض دول الخليج».
وتابع محدثنا «التفسير الثاني أنّ الإنسحاب من أفغانستان يعني أن الولايات المتحدة بصدد تغيير مركز اهتمامها نحو مناطق تعتبرها أكثر أهمية وان الصراع فيها قد يتطور إلى مستويات أكثر حدة ومنها العراق.
وبخصوص إمكانية تكرر السيناريو الأفغاني في العراق أجاب الكاتب العراقي ‘’ من المبكر ترجيح أي الاحتمالين لكن في كل الأحوال العراق لن يكون حاله كحال أفغانستان عند انسحاب القوات الأمريكية منه لعدة أسباب منها أن العراق بات يمتلك أحد أفضل قوات لمكافحة الإرهاب في المنطقة ، كما انه يمتلك قوات الحشد الشعبي وليس المقصود طبعا الفصائل المسلحة التي تغطي نشاطاتها المخالفة للقانون تحت يافطة الحشد الشعبي بل المقصود الحشد الشعبي الوطني الذي لا يأخذ أوامره من خارج الحدود ، بالإضافة إلى وجود المرجعية الرشيدة المتمثلة بالسيد على السيستاني التي حالت فتواه بالجهاد الكفائي سنة 2014 في أن يحدث في العراق ذات السيناريو الذي حدث في أفغانستان قبل أيام».
وأشار محدثنا «لكن ثمة احتمال آخر مرشح للحدوث وهو سيطرة الفصائل المسلحة التي تأتمر بأوامر خارجية والتي لم ولن تتورع عن قتل العراقيين كما فعلت في «انتفاضة تشرين» خاصة وإن لها تمثيلا سياسيا، وأصبحت لها اقتصاديات ضخمة نتيجة استباحة المال العام، وهذا السيناريو يعني حدوث حرب أهلية طاحنة لن يخرج منها العراق بسهولة وهناك أطراف محلية وإقليمية تدفع بهذا الإتجاه.ولذلك أنصح القوى السياسية الوطنية الحرية على البلد من الضياع الاستعداد لهكذا سيناريو وعدم ترك العراق ينزلق نحو الدكتاتورية من جديد كما حدث بانقلاب 8» فيفري الأسود سنة 1963».