قال رامي الخليفة العلي الباحث في الفلسفة السياسية في جامعة باريس لـ«المغرب» أنّ التطورات المتسارعة التي شهدتها أفغانستان بعد سيطرة حركة طالبان على الحكم تؤكد أنّ أمريكا فشلت في إنشاء نظام سياسي بديل ، وفشلت في الحرب ضدّ حركة طالبان المصنفة إرهابية ، كما فشلت في إقامة نظام سياسي مستقر وجيش أفغاني يستطيع الدفاع عن هذا النظام السياسي .
• لو تقدمون لنا قراءتكم لما يحصل في أفغانستان اليوم بعد سيطرة طالبان على الحكم؟
سيطرة حركة طالبان على العاصمة الأفغانية كابول تعني هزيمة الولايات المتحدة الأمريكية وهي هزيمة تكاد تُقارن بهزيمة فيتنام عام 1975. وقد فشلت أمريكا في إنشاء نظام سياسي بديل ضدّ حركة طالبان كما فشلت في الحرب ضدّ هذه الحركة المصنفة إرهابية، كما فشلت في إقامة نظام سياسي مستقر وجيش أفغاني يستطيع الدفاع عن هذا النظام السياسي .
الحقيقة أننا أمام فشل كبير للإدارة الأمريكية وانتعاش للحركات الجهادية التي تمثلها حركة طالبان، يُخشى أن تتحوّل أفغانستان تحت حكم طالبان إلى ثقب اسود يجمع حوله الجماعات الجهادية والمتطرفة كما كان الحال في التسعينات.
• هل كان للانسحاب العسكري الأمريكي دور في ما حصل من تطوّرات متسارعة وخطيرة في أفغانستان ؟
طبعا كان للانسحاب الأمريكي دور كبير فيما حصل لأن أمريكا ودول حلف الناتو كانت الغطاء للجيش الأفغاني ، وبالتالي عندما رفع الغطاء بان ضعف هذا الجيش وضعف مؤسسات الدولة الأفغانية التي أسستها ورعتها الولايات المتحدة الأمريكية.
الجيش الأفغاني لا يتسم بالولاء، وقد تم إنفاق المليارات على الجيش الأفغاني ولأنّ المال فقط لا يصنع جيشا قويا ، فهذا يؤكد أن المال لا يصنع الجيوش في غياب الانتماء الوطني يعتبر هذا الجيش عبارة عن ميليشيات مكونة من بقايا الحرب ضدّ السوفيات .
• كيف سيكون ردّ فعل أمريكا لمجابهة هذا الانفلات الخطير ؟
أعتقد أن الولايات المتحدة الأمريكية لن تفعل الكثير وهي التي انسحبت رغم التكلفة السياسية والإعلامية الباهظة، لأنّ هناك إدانة وانتقادات حادة للحزبين الديمقراطي والجمهوري بخصوص الانسحاب غير المخطط له أو على الأقل الذي لم يتم الترتيب لتداعياته بعد الخروج الأمريكي .
لا أعتقد أنّ الولايات المتحدة الأمريكية سوف تتدخل بطريقة أخرى . تدخلها سيقتصر على عمليات الإجلاء وهو ما تقوم به أيضا بقية الدول الغربية .... لكن عبر طرق أخرى لا أظن ذلك ... الأهم أننا لن نشهد تدخلا عسكريا أمريكيا كبيرا في أفغانستان بل ستكون التدخلات جراحية لا غير .. الآن ستُترك أفغانستان لمصيرها.
• كيف ستكون تداعيات ذلك على دول الجوار خاصة وان أفغانستان موجودة في موقع استراتيجي هام ؟
الأمر يحتاج لبعض الوقت حتى تتواصل الولايات المتحدة الأمريكية مع حركة طالبان، وما حصل ليس بعيدا عن هدف الولايات المتحدة الأمريكية حيث تراجعت أولوية الحرب ضدّ الإرهاب إلى المرتبة الثانية .
الأولوية الآن للتنين الصيني الذي يتمدد خصوصا في هذه المنطقة التي تعتبر ممرا لطريق الحرير الجديد، وهو مشروع الحزام التابع للصين والذي من خلاله تريد الصين إيصال بضائعها إلى القارة الأوروبية .
الآن يمكن أن نشهد اتفاقا أو تحالفا أو تقاربا بين طالبان والغرب وقد نعود إلى سيناريو نهاية السبعينات عندما تحالفت أمريكا مع الجهاديين لمواجهة السوفيات. هذه تبقى قراءة أولوية قد تحدث أو قد لا تحدث .