وقد بدأ زحف الحركة على مدن أفغانستان منذ إعلان الولايات المتحدة الأمريكية إكمال إنسحاب قواتها العسكرية من كابول مع نهاية الشهر الجاري ،بعد 20 عام من أحداث سبتمبر 2001.
ووفق تقارير رسمية باتت طالبان خلال الأسابيع الأخيرة مسيطر على عدد كبير من المدن في أفغانستان ما أثار قلق جيرانها في الإقليم وعلى الصعيد الدولي. فبعد احتلال مدينة قندوز الكبيرة الواقعة في شمال شرق البلاد، ومدينتي ساري بول وتالقان في غضون ساعات قليلة، أضافت طالبان أمس الأول الاثنين إلى القائمة مدينة أيبك البالغ عدد سكانها 120 ألف نسمة والتي سقطت دون مقاومة.
وباتت طالبان تسيطر على ست من عواصم الولايات الأفغانية البالغ عددها 34 بعد أن استولت على شبرغان معقل زعيم الحرب عبد الرشيد دوستم على مسافة حوالي 50 كيلومترا شمال ساري بول وعلى زرنج عاصمة ولاية نيمروز البعيدة في جنوب غرب البلاد عند الحدود مع ايران.
وتحاول الأطراف الدولية التي ستجتمع في الدوحة هذا الأسبوع الضغط على الحركة لوقف هجومها العسكري.
وخلال الأسابيع الأخيرة، أوضحت إدارة بايدن أن واشنطن ستحافظ على «دعمها» الحكومة في كابول، خصوصا في ما يتعلق بالتدريب العسكري، لكن بالنسبة إلى بقية الأمور، على الأفغان ان يقرروا مصيرهم.
ردود أفعال دولية
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إن المبعوث الأمريكي إلى أفغانستان زلماي خليل زاد توجه إلى قطر حيث «سيستحث طالبان على وقف هجومها العسكري والتفاوض على تسوية سياسية».
وقالت وزارة الخارجية «في عدة جولات من الاجتماعات على مدى ثلاثة أيام، سيسعى ممثلون من دول في المنطقة وما وراءها ومن منظمات متعددة إلى حث الأطراف على خفض العنف واستخلاص التزام بعدم الاعتراف بحكومة تُفرض بالقوة».
من جهته وصف حلف الناتو الوضع الأمني في أفغانستان بأنه «صعب ومحفوف بالتحديات»، ودعا حركة طالبان إلى وقف هجماتها.
وقال مسؤول في الحلف، وفق وكالة الأنباء الألمانية :«نشارك مجلس الأمن الدولي في القلق العميق الذي أعرب عنه بشأن المستويات المرتفعة من العنف الناجم عن هجمات طالبان، بما في ذلك الهجمات على المدنيين، و بشأن التقارير عن انتهاكات خطيرة أخرى لحقوق الإنسان».
ودعا المسؤول إلى «عملية سلام شاملة يقودها الأفغان وخاصة بهم».وأضاف المسؤول :»ندعو جميع الأطراف الإقليمية إلى القيام بدور بناء، لأن الحفاظ على أفغانستان مستقرة وآمنة في صالح الجميع».ومنذ بدء انسحاب القوات الدولية في مطلع ماي، حققت طالبان مكاسب ضخمة على الأرض، وهي تقوم حاليا بالاستيلاء على عواصم الولايات الواحدة تلو الأخرى. ورغم تقدم طالبان المثير للقلق، لا تزال الولايات المتحدة متسمكة بخطط الانسحاب، وكذلك ألمانيا.
كلفة الانسحاب الأمريكي
وتشارف الولايات المتحدة الأمريكية على إنهاء تواجدها العسكري في أفغانستان مع موفى شهر أوت وذلك قبيل ذكرى أحداث 11 سبتمبر 2001 ،ولئن يرى مراقبون أن تداعيات هذا الإنسحاب ستكون على الجانبين الأفغاني والأمريكي على حد سواء بعد 20 عاما من الحرب إلا أن المخاوف الدولية تتركز اليوم على حركة «طالبان» التي زادت من وتيرة نشاطها وهجماتها في الآونة داخل أفغانستان وعلى الحدود مع باكستان وسط دعوات غربية الى ضرورة التفاوض .
وتتسارع في هذه الآونة وتيرة التحركات الدولية لإرساء آلية تفاوض تفضي لتشكيل حكومة انتقالية في افغانستان وذلك وسط مخاوف من تزايد نفوذ طالبان في البلاد خاصة بعد إعلان الحركة عن سيطرتها على أجزاء واسعة في مختلف جهات البلاد.
هذا ويقترب ملف القوات الأمريكية في أفغانستان من الحسم بعد أخذ وردّ حصلا خلال عهدة الرئيس السابق دونالد ترامب، وقد استمر بعد تنصيب الرئيس الجديد جو بايدن رئيسا لأمريكا، لكن يبدو أن إعلانه رسميا أنّ قوات بلاده ستغادر الأراضي الأفغانية قبيل الذكرى الـ20 للهجمات 11 سبتمبر 2001 ، سينهي سنوات من الانتقادات كذلك الجدل الداخلي في بلاد العم سام من تكلفة الحرب الباهظة، كما يضع حدّا لأطول حرب خارجية خاضتها الولايات المتحدة الأمريكية رغم أن مفاوضات السلام بين الحكومة في أفغانستان وحركة «طالبان» المتشددة لم تحقق تقدما ملموسا وسط مخاوف من استمرار بطش هذه الجماعة الإرهابية .
ويؤكد متابعون للشأن الدولي على أنّ انسحاب أمريكا وإنهاء وجودها العسكري في عديد المناطق الساخنة وبؤر التوتر باعتبار تكلفته المادية والبشرية الباهظة سيحمل رغم ذلك انعكاسات سلبية كبيرة، ووفق مراقبين فقد بدأت الآثار العكسية تظهر خصوصا في أفغانستان بعد إعلان طالبان عن تقدمها في عدد من الأقاليم مما يقوض أي فرصة للحوار والتفاوض . لكن شقا آخر من المتابعين يرى في ذلك مناورة أمريكية بحتة تندرج ضمن سياسة الدفع مقابل الحرب ، إذ لا يعني الانسحاب أن واشنطن ستتخلى عن نفوذها في هذه المناطق بل هو تخفيف من الأعباء لا غير ، إذ يؤكد البعض أن أنّ الدور الأمريكي سيظل قائما وأكثر تأثيرا لكن عبر وسائل أقل كلفة متمثلة بالأساس في اعتماد سياسة ضغط عبر أوراق سياسية ودبلوماسية .
ورغم سعي المتفاوضين من الحكومة الأفغانية وجماعة «طالبان» برعاية أمريكا إلى إرساء آلية تفاوض وحوار بين الحكومة الأفغانية وهذه الحركة المتشددة إلاّ أن التعثر لازال يرافق الإجتماعات بين الطرفين بعد عصيان وحرب مستمرة لأكثر من أربعين عاما أودت بحياة الآلاف وشردت أعدادا كبيرة من المدنيين في البلاد، وسط غموض نوايا حركة طالبان في ظل المعضلات السياسية الحادة التي تعيشها أفغانستان هذه الفترة.
أفغانستان على صفيح ساخن: «طالبان» تسيطر على أغلب الأقاليم والمجتمع الدولي يسعى إلى تسوية صعبة
- بقلم وفاء العرفاوي
- 12:36 12/08/2021
- 517 عدد المشاهدات
تثير الأوضاع الخطيرة في أفغانستان قلقا متزايدا على الصعيد الدولي خاصة بعد إعلان حركة طالبان المتشددة سيطرتها على عدد كبير من المدن .