قال الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني خالد صادق لـ«المغرب» أن «إسرائيل باتت تدرك أن قطاع غزة لم يعد الحلقة الأضعف وأن أي مواجهة عسكرية مع غزة لها حساباتها الخاصة وهي مغامرة تحتاج الى مراجعات كثيرة بعد أن أثبتت المقاومة أنها قادرة على التحكم في ميدان القتال بما يخدم مخططاتها العسكرية».وأضاف أن الشعب الفلسطيني يراهن دائما على مواقف الشعوب العربية التي تنحاز بفطرتها الى القضية الفلسطينية وترى في «اسرائيل» الغاصبة لفلسطين وأقصاها ومقدساتها الاسلامية والمسيحية عدوا للأمة العربية والاسلامية ولأحرار العالم .
• أولا لو تقدمون لنا قراءة في تداعيات العدوان الصهيوني الأخير على قطاع غزة والقدس المحتلة وفي الشيخ جراح على المشهد الفلسطيني الراهن ؟
أولا.. أدت تداعيات العدوان الصهيوني الأخير على غزة والقدس وفي حي الشيخ جراح الى وحدة الموقف الفلسطيني على المستوى الشعبي لمواجهة هذا العدوان .. فانتفضت القدس والضفة وغزة وفلسطينيو 48 في وجه العدوان وهو ما مثل انتكاسة كبيرة لجهود اسرائيل التي حاولت إحداث شرخ في العلاقة الداخلية الفلسطينية وتقسيم فلسطين جغرافيا بفصل القدس عن الضفة وفصل غزة وعزلها جغرافيا وقبول فلسطيني 48 بالتعايش معها لكن كل هذا المخطط الكبير سقط في لحظة.. كما أن صورة الجيش الاسرائيلي الذي قيل عنه أنه لا يقهر اهتزت أمام العالم وبانت اسرائيل بأنها كيان هش.. وظهر زيف ديمقراطية اسرائيل وانها لا تحترم القوانين الدولية والحقوقية والانسانية وتستخدم القوة المفرطة والأسلحة المحرمة دوليا ضد الفلسطينيين والمدنيين العزل فمعظم ضحايا العدوان على غزة من الأطفال والنساء ..
اليوم باتت إسرائيل تدرك أن قطاع غزة لم يعد الحلقة الأضعف وأن أي مواجهة عسكرية مع غزة لها حساباتها الخاصة وهي مغامرة تحتاج الى مراجعات كثيرة بعد أن أثبتت المقاومة أنها قادرة على التحكم في ميدان القتال بما يخدم مخططاتها العسكرية.. وهي قادرة على تطوير سلاحها وقادرة على الإستفادة من تجاربها القتالية السابقة وهذا الواقع أربك الاحتلال الذي كان يحاصر قطاع غزة لمدة 15 عاما .ورغم ذلك استطاعت المقاومة تطوير قدراتها العسكرية والصاروخية تحديدا فباتت تل أبيب وحيفا وايلات وكافة المدن المغتصبة تحت مرمى صواريخ المقاومة ،فاهتزت الجبهة الداخلية الرخوة للاحتلال وباتت تئن من ضربات المقاومة وتحولت المدن الى مدن أشباح.
• كيف ترون المساعي المصرية والامريكية لإعادة التفاوض بين الفلسطينيين وسلطات الإحتلال ؟
تهدف المساعي المصرية والأمريكية لإعادة التفاوض مع الإحتلال فقط بسحب البساط من تحت أقدام حركة حماس فأمريكا ومصر تدركان جيدا أنه ليس لدى «اسرائيل» ما تقدمه للسلطة الفلسطينية، وأنها تسعى لإنهاء قضية القدس تماما وسحبها من طاولة التفاوض .. كما تسعى للسيطرة على الضفة المحتلة والقضاء على المقاومة في غزة.. وأمريكا ودول التطبيع العربي للأسف تتناغم مع سياسة الاحتلال وتحاول تمرير مخططات اسرائيل وما يفشل هذه المخططات مقاومة الفلسطينيين لها.. فالقدس مشتعلة في وجه الاحتلال وكذلك الضفة وغزة و فلسطيني ال 48 يواجهون هذه المخططات ويشاركون في معركة الدفاع عن القدس.. اسرائيل لا تؤمن بالسلام ولا تؤمن بالتعايش المشترك .. ولا تؤمن بحل الدولتين.. وتنكرت لكل قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة فيما يخص القضية الفلسطينية وأمريكا تؤيد سياستها بشكل مطلق وتدفع باتجاه تقويتها ودعمها بلا حدود لأنها ترعى مصالحها في المنطقة .. أما دول التطبيع فهي تشتري سلامة عروشها وسلطانها بالمتاجرة بالقضية الفلسطينية والمقامرة بحقوق الشعب الفلسطيني.
• ماهي برأيكم الضمانات التي تجعل السلطة الفلسطينية تعود إلى الجلوس إلى طاولة التفاوض؟
أما ضمانات السلطة للعودة الى طاولة التفاوض لا تتعدى بالنسبة لها وعود أمريكية وتحسين وضعها الإقتصادي لأن السلطة سقطت في حل مسار التسوية ولا تستطيع الخروج من هذا المستنقع القذر. وقد رضيت لنفسها أن تبقى أسيرة في دائرة التسوية لأنها ترفض أي خيارات لمواجهة الاحتلال الصهيوني وتجرم المقاومة المسلحة للإحتلال وحلت كتائب شهداء الاقصى التابعة لحركة فتح وتعتبر أن السلام فقط هو السبيل الوحيد للوصول لأهدافها وهو ما يتناقض مع الواقع لان اسرائيل لا تؤمن بالسلام ولا تسعى اليه.
• ماهي الموانع التي تعرقل إجراء الانتخابات الفلسطينية ؟؟
الموانع التي تعرقل إجراء الانتخابات الفلسطينية متعددة منها موانع يضعها الاحتلال الذي يرفض اجراء الانتخابات في القدس على اعتبار أن القدس عاصمته الموحدة ولا يوجد شريك له في القدس .. وهناك عدم رغبة لدى السلطة لإجراء الانتخابات نتيجة تدني شعبيتها الى حد كبير في الشارع الفلسطيني بسبب مواقفها السياسية الهزيلة وبسبب التنسيق الامني بينها وبين الإحتلال .. وبسبب الفساد المستشري في صفوف السلطة والمتنفذين داخلها.
عربيا هناك عدم رغبة من الأنظمة العربية المتحالفة مع اسرائيل في إجراء انتخابات فلسطينية خوفا من سيطرة حماس على السلطة ،خاصة بعد أن أظهرت استطلاعات الرأي تقدم حماس على السلطة في الامتخابات الرئاسية والتشريعية.
ولا توجد أية بوادر في إجراء الانتخابات لأن السلطة ممثلة بحركة فتح باتت على قناعة كبيرة بأنها ستخسر هذه الانتخابات أمام حماس خاصة مع خروج تظاهرات يومية في الضفة احتجاجا على اغتيال السياسي المعارض نزار بنات على يد أجهزة امن السلطة الفلسطينية فقد تدنت شعبية حركة فتح في الشارع الفلسطيني إلى حد كبير لذلك لن تجري أي انتخابات في الفترة الحالية.
• ما المطلوب اليوم من الدول العربية والدول الغربية لدعم الموقف الفلسطيني ؟
المطلوب من الدول العربية والدول الغربية دعم الموقف الفلسطيني.. هنا يجب أن نميز بين الموقف الرسمي والشعبي.. للادأسف الموقف الرسمي ليس هو المأمول فلسطينيا لان الانظمة العربية باتت رهينة في يد الادارة الأمريكية تحركها كيفما تشاء. والمواقف الرسمية العربية دائما ما تكون متوافقة او قريبة مع الموقف الأمريكي وامريكا دائما تقف مع اسرائيل وتتنكر للحقوق الفلسطينية لذلك الدول العربية قبلت مثلا بما يسمى بصفقة القرن وهذه الصفقة كتبها ووضع سيناريوهاتها رئيس الوزراء الصهيوني الأسبق بنيامين نتنياهو وتبنتها إدارة ترامب بالكامل وسوقتها للأنظمة العربية التي قبلت بها وضغطت على السلطة الفلسطينية للقبول بها ولا زالت هناك محاولات لإعادة تسويقها وهذا يدل على أن الانظمة العربية تدار وفق السياسة الامريكية .. لكننا نراهن دائما على مواقف الشعوب العربية التي تنحاز بفطرتها الى القضية الفلسطينية وترى في اسرائيل الغاصبة لفلسطين وأقصاها ومقدساتها الاسلامية والمسيحية عدوا للأمة العربية والاسلامية ولأحرار العالم، لذلك المطلوب من الشعوب العربية أن تظهر معدنها الاصيل وتنصر القضية الفلسطينية من خلال رفض التطبيع ودفع حكوماتهم للانحياز لفلسطين دائما ودعم صمود الشعب الفلسطيني.. وفضح جرائم اسرائيل أمام العالم.. ومواجهتها في المحافل الدولية ومحاسبتها على جرائمها بحق الشعب الفلسطيني.