ويرجع مراقبون سبب فشل رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري في تشكيل الحكومة إلى المحسوبية والطائفية التي يتميز بها نظام الحكم في لبنان منذ عقود طويلة والذي ساهم بشكل قاطع في تقسيم البلاد وإدخالها في دوامة من العنف والتجاذبات الإقليمية.
من جهته دق رئيس حكومة تصريف الأعمال بلبنان حسان دياب ناقوس الخطر أمس قائلا إن بلاده وشعبه «على شفير الكارثة» ودعا المجتمع الدولي اى التحرك
لإنقاذ لبنان.
وقال في كلمة بعد اجتماع مع مجموعة من السفراء وممثلي البعثات الدبلوماسية في بيروت «لا يحق لهذه الحكومة استئناف التفاوض مع صندوق النقد الدولي لتطبيق خطة التعافي التي وضعتها الحكومة، لأن ذلك تترتب عنه التزامات على الحكومة المقبلة قد لا تتبناها».
وأضاف «أصبح ربط مساعدة لبنان بتشكيل الحكومة يشكل خطرا على حياة اللبنانيين وعلى الكيان اللبناني، لأن الضغوط التي تُمارس والحصار المطبق على لبنان لا يؤثر على الفاسدين، بل يدفع الشعب اللبناني وحده ثمناً باهظا مما يهدد حياته ومستقبله كما يهدد لبنان كنموذج ورسالة في العالم».وقال «لبنان واللبنانيون على شفير الكارثة».
وفي سياق الحديث عن مفاوضات تشكيل الحكومة وبعد خلاف ملحوظ بين رئاسة الحكومة ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ، مما ساهم في مزيد تعقد الوضع وتأزمه . من جهته وباعتباره أحد أهم الأطراف الفاعلة في المشهد اللبناني قال الأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصرالله أنه «من المفترض أن تكون هذه الأيام حاسمة لتشكيل الحكومة، وان اللقاءات التي ستُعقد (مشاورات التشكيل) يُمكن أن ترسم المسار الحكومي بشكل واضح».
وقال الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصرالله «من المفترض أن تكون هذه الأيام حاسمة لتشكيل الحكومة وان اللقاءات التي ستُعقد (مشاورات التشكيل) يُمكن أن ترسم المسار الحكومي بشكل واضح».
وأضاف نصرالله، في كلمة متلفزة تناول فيها أزمة التشكيل الحكومي وقضايا أخرى: «هناك أزمة نظام في لبنان، وأزمة الحكومة تُعبّر عن هذه الأزمة، وهناك أزمة سياسية وفساد مستشرٍ وسرقات واحتكار بلا حدود».
وتابع: «هناك مشكلة في أن الأمريكي (واشنطن) يُريد أن يُحاصر ويُعاقب ويمنع أي مساعدة تأتي إلى لبنان شريك في تدمير العملة اللبنانية من خلال السفارة الأمريكية».
وحول التطورات المتعلقة بانفجار مرفإ بيروت، شدد نصر الله على «رفض التوظيف السياسي للتحقيق في انفجار المرفإ، وما زالت العدالة بعيدة، والحقيقة مخفية في قضية المرفأ».
جهود مستمرة إقليميا ودوليا
ومنذ نهاية 2019، يعاني لبنان أزمة اقتصادية حادة، زادها تراجع سعر صرف الليرة اللبنانية أمام الدولار حدة وضبابية ، كما ساهم انفجار مرفإ بيروت قبل مايقارب العام في مخلفات خطيرة وضعت البلاد على حافة الهاوية بالإضافة إلى تداعيات الخلافات السياسية التي تحول دون تشكيل حكومة جديدة تخلف حكومة تصريف الأعمال الراهنة، برئاسة حسان دياب والتي استقالت في أوت 2020، بعد أيام قليلة من الانفجار الكارثي.
المباحثات بين الأطراف السياسية لم تقتصر فقط على الأطراف الداخلية في بلاد الأرز بل اتخذت بعدا خارجيا وسط محاولات من حلفاء لبنان لدفع عجلة التغيير المتوقفة منذ سنوات. وتحاول كل من فرنسا وأمريكا ودول الإتحاد الأوروبي فرض اشتراطاتها مقابل تقديم الدعم اقتصاديا وسياسيا . وعلى صعيد اخر
ادى وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أمس الثلاثاء، زيارة لبيروت يوما واحد «لبحث الأزمة السياسية» في البلاد، بحسب السفارة القطرية وقناة «الجزيرة».
وقالت السفارة القطرية لدى بيروت، في بيان لها إن «آل ثاني» سيلتقي كلا من عون والحريري ورئيس مجلس النواب، نبيه بري، وقائد الجيش، العماد جوزاف عون.
فيما ذكرت قناة «الجزيرة» القطرية أن لقاءات «آل ثاني» في بيروت تأتي في إطار مساعي قطر للمساعدة في حلحلة الأزمة السياسية بلبنان.
وخلال استقباله بشكل منفصل لكل من الحريري ودياب في الدوحة، حثّ أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، مؤخرا، الأطراف السياسية في لبنان على تغليب المصلحة الوطنية والإسراع في تشكيل حكومة جديدة، لإرساء الاستقرار في البلاد.
ورغم أن ايمانويل ماكرون عقب الزيارة الثانية التي أداها الى لبنان عقب انفجار المرفإ تحدث عن مبادرة سياسية لتشكيل «حكومة بمهمة محددة» مؤلفة «من مجموعة مستقلة» تحظى بدعم كافة الأطراف السياسية في مهلة أقصاها أسبوعان، إلا أنّ الأخبار القادمة من لبنان تؤكد على عمق الخلافات داخل الوسط السياسي اللبناني والتي وصلت الى حد الدعوة رسميا من قبل رئيس البلاد لإلغاء نظام التوزيع الطائفي للحقائب الوزارية .
وقد اقترح الرئيس اللبناني ميشال عون، إلغاء التوزيع الطائفي للوزارات من أجل تسهيل تشكيل الحكومة الجديدة.وقال عون، في مؤتمر صحفي بثته قنوات تلفزيونية محلية، إنه «مع تصلّب المواقف لا يبدو في الأفق أي حل قريب (لتشكيل الحكومة) لأن كل الحلول المطروحة تشكل غالبا ومغلوبا».وأضاف عون: «اقترح إلغاء التوزيع الطائفي للوزارات التي سميت بالسيادية وعدم تخصيصها لطوائف محددة، بل جعلها متاحة للجميع فتكون الكفاءة حسب القدرة على الإنجاز لا الانتماء الطائفي في اختيار الوزراء».وتابع: «الدستور لا ينص على تخصيص أي وزارة لأي طائفة من الطوائف أو لأي فريق، كما لا يمكن منح أي وزير سلطة لا ينص عليها الدستور».
وفتحت التصريحات آنذاك الباب أمام خلافات بين رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية، وعلاوة على تدهور الوضع الاجتماعي والاقتصادي تزيد المظاهرات الشعبية من تأزيم الأوضاع في لبنان الموشك على الدخول في متاهة الانهيار في حال لم تتظافر جهود إنقاذ البلاد داخليا وخارجيا.