وحسب آخر الأرقام الصادرة عن وزارة الصحة في غزة، فقد استشهد 212 فلسطينيا من بينهم 61 طفلا و36 امرأة وأصيب 1400 بجراح مختلفة جرّاء العدوان الإسرائيلي المتواصل. وتزايدت حدة التصعيد الصهيوني بعد مواجهات بين الفلسطينيين أصحاب الأرض والقوات الإسرائيلية في المسجد الأقصى وفي حي الشيخ «جراح» في القدس الشرقية المحتلة حيث يواجه الفلسطينيون تهديدات بالتهجير من منازلهم، وذلك في استمرار لسياسة احتلالية مقيتة تمارسها «إسرائيل» بدعم أمريكي مُعلن وصمت مريب من المجتمع الدولي وبمواقف عربية لا ترتقي إلى حجم معاناة الفلسطينيين. وفي سياق حراك المجتمع الدولي لنصرة الأقصى، تستمر التحركات المصرية الأردنية الفرنسية من أجل التوصل إلى هدنة بين حماس والمقاومة الفلسطينية من جهة والكيان الإسرائيلي من جهة أخرى في وقت تتمسك فيه المقاومة الفلسطينية بمسيرة النضال من أجل حقوق الشعب الفلسطيني الضائعة.
ويرى مراقبون ان مسار القضية الفلسطينية يشهد في هذه الآونة تحولات كبيرة خاصة بعد إعلان القدس المحلتة عاصمة للكيان وفي ظل سعي حثيث ومحاولات أمريكية إسرائيلية لتمرير ما يسمى بصفقة القرن ، علاوة على إنضمام بعض الدول العربية الى قطار الدول المطبعة مع كيان الإحتلال الإسرائيلي. كل هذه المتغيّرات -يرى متابعون - أنها كانت دافعا
للفلسطينيين المتمسكين بالقدس الشرقية عاصمة لدولتهم المأمولة، استنادا إلى قرارات الشرعية الدولية التي لا تعترف باحتلال «إسرائيل» للمدينة عام 1967، ولا ضمها إليها في 1981.
وفي نطاق ردود الأفعال الدولية وبحسب تقارير، قام وفد من المخابرات المصرية خلال الأيام الماضية بزيارة إلى إسرائيل والى الأراضي الفلسطينية في إطار وساطة مصرية للتوصل إلى وقف إطلاق نار.
إذ أجرى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره المصري عبد الفتاح السيسي أمس الثلاثاء مباحثات عبر الفيديو مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، سعيا لوساطة في التصعيد بين إسرائيل والفلسطينيين «مع هدف تحقيق وقف إطلاق نار سريع وتجنّب توسع النزاع»، وفق ما أعلن قصر الإليزيه.وكان ماكرون ناقش مع نظيره المصري المتواجد في باريس
المسألة وأعلنا عن نيّتهما المشتركة طلب مساندة من الأردن لإجراء وساطة في النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين.
وقال ماكرون خلال مؤتمر صحفي عقب مؤتمر دولي لمساعدة السودان إن هذه الوساطة «هي أحد العناصر التي من شأنها أن تؤدي إلى وقف لإطلاق النار، الشرط الأساسي لإتاحة توحيد المكونات الفلسطينية وضمان عدم اللجوء إلى العنف».
وعلى صعيد الموقف الرسمي الفلسطيني طالبت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية بصحوة أخلاق دولية لوقف العدوان وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي فورا، مشيرة إلى أن استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة يختبر مجددا قدرة المجتمع الدولي على تحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية تجاه الاحتلال. وقالت الخارجية الفلسطينية في بيان أوردته وكالة الأنباء الفلسطينية «وفا» أمس الثلاثاء، آن الأوان للمجتمع الدولي أن يبذل المزيد من الجهود لحل جذور هذا الصراع الدموي الذي هو نتيجة مباشرة لوجود الاحتلال، وأن ينظر بموضوعية لفلسطين المحتلة التي أعلنت الإضراب الشامل والتزمت به التزاما حديديا في أوسع رفض شعبي سلمى ليس فقط للعدوان، وإنما أيضا للاحتلال.. هذا إذا أراد المجتمع الدولي أو امتلك الإرادة للحفاظ على ما تبقى من مصداقيته».وأضافت «إن الشعب الفلسطيني ما زال يتطلع إلى صحوة ضمير وأخلاق دولية تنتصر لحقوقه الوطنية العادلة والمشروعة، التي لا بد لها وأن ترتكز على قاعدة أن الاحتلال هو السبب الرئيس والمباشر للعنف والكراهية والعنصرية وعدم الاستقرار والأمن في المنطقة، وهو أبشع أشكال الاضطهاد والإنسانية واللاسامية».
وشددت على أن الشعب الفلسطيني ضحية مستمرة لتواطؤ المجتمع الدولي مع المشروع الاستعماري التوسعي في فلسطين، ولا زال يدفع أثمانا باهظة من حياته ومستقبل أجياله لهذا التواطؤ الدولي، ولمصالح عدد من الدول الكبرى مع سلطات الاحتلال، مشيرة إلى أن الفشل الحادث لمجلس الأمن الدولي في اجتماعاته المتتالية عن إصدار ولو بيان صحفى لوقف العدوان ، إلا دليل على ذلك ومؤشر حقيقي على أزمة آليات العمل الدولية، خاصة في ما يتعلق بتنفيذ قراراته والقرارات الأممية الأخرى.
مواقف منددة
من جهته شدد الرئيس العراقي برهم صالح، أمس الثلاثاء، على ضرورة وقف الاعتداءات والتجاوزات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني، داعيا إلى التنسيق عربيا وإسلاميا ودوليا لإنهاء معاناة الفلسطينيين.
جاء حديث صالح خلال استقباله في قصر السلام ببغداد للسفير الفلسطيني لدى العراق أحمد عقل، وفق بيان للرئاسة العراقية تلقت «الأناضول» نسخة منه.وأفاد البيان بأنه «جرى خلال اللقاء بحث تطورات الأوضاع في القدس والأراضي الفلسطينية، وما يتعرض له الشعب الفلسطيني من تجاوزات واعتداءات غير إنسانية في مدينة القدس وقطاع غزة، أسفرت عن سقوط العديد من المدنيين العزّل، ترافقت مع التضييق على الفلسطينيين في القدس، وضرورة وقف هذه الأعمال التي تناهض حقوق الإنسان والقانون الدولي».وجدّد صالح «موقف العراق إزاء محورية القضية الفلسطينية، ودعمها في المحافل الدولية، والوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني الشقيق في تحقيق تطلّعاته ونيل كامل حقوقه المشروعة».وأكد الرئيس العراقي «أهمية التضامن والتنسيق والعمل الفاعل على المستويات كافة، عربياً وإسلامياً ودولياً، لإنهاء هذه المعاناة وحماية حقوق الشعب الفلسطيني ومنع الاعتداءات التي يتعرض لها».
إصابة عشرات الفلسطينيين
ميدانيا أصيب عشرات الفلسطينيين بحالات اختناق، خلال مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال الإسرائيلي أمس الثلاثاء، على المدخل الشمالي لمدينة البيرة (وسط الضفة الغربية).
وقالت وزارة الصحة الفلسطينية إن جنود الاحتلال المتواجدين عند الحاجز العسكري في محيط مستوطنة «بيت إيل» المقامة على أراضي البيرة، أطلقوا الرصاص المعدني المغلف بالمطاط، والغاز المسيل للدموع صوب المشاركين في مسيرة مركزية انطلقت بمشاركة الآلاف تنديدا بالعدوان على الشعب الفلسطيني.
وكانت قيادة القوى الوطنية والاسلامية، دعت أبناء الشعب الفلسطيني للمشاركة الواسعة في الفعاليات الوطنية والجماهيرية؛ انطلاقا من مراكز المدن والقرى والمخيمات إلى مناطق التماس مع الاحتلال الساعة الواحدة ظهرا، مجسدين وحدة وطنية وتحت علم فلسطين، مؤكدين دعوة لجنة المتابعة العليا في أراضي عام 48 بالإضراب الشامل.
وفي سياق متصل، أصيب عشرات الفلسطينيين بالرصاص الحي والمطاطي خلال مواجهات مع قوات الاحتلال في مدينة الخليل ومخيم العروب (جنوب الضفة الغربية)، عقب مسيرة حاشدة دعا لها إقليم حركة فتح وسط الخليل تنديدا بالعدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين، وتشييع جثمان الشهيد عبيدة الجوابرة في مخيم العروب.وأوضحت وزارة الصحة الفلسطينية أن إصابتين بالرصاص الحي في القدم، نقلتا من مواقع المواجهات في الخليل إلى المستشفى للعلاج.
وانطلقت مسيرة حاشدة من مسجد الحسين في منطقة عين سارة إلى دوار ابن رشد ومناطق الاحتكاك في باب الزاوية وسط مدينة الخليل، ورفع المشاركون علم فلسطين وهتفوا تنديدا بجرائم الاحتلال ضد المواطنين وممتلكاتهم.
وفى سياق متصل قمعت قوات الاحتلال الإسرائيلي، أمس الثلاثاء، مسيرة سلمية في قلقيلية، وقالت مصادر فلسطينية - وفقا لوكالة الأنباء الفلسطينية - إن قوات الاحتلال هاجمت المشاركين في المسيرة عند الشارع الواصل بين قريتي الفندق وحجة شرق قلقيلية، وأطلقوا باتجاههم الأعيرة النارية المغلفة بالمطاط وقنابل الصوت والغاز، ورشوهم بالمياه العادمة.
وفي السياق ذاته، أعاق جنود الاحتلال عمل طاقم تلفزيون فلسطين خلال تغطيته اعتداءات الاحتلال على المشاركين في المسيرة، وحاولوا منعهم من التغطية ونقل الأحداث.