على رأسهم جنرالات في التقاعد وآخرون في الخدمة المباشرة والذين فاق عددهم الجملي 1000موقع. ونددت العريضة بما أسموه «تفكك الأمة» وطالبت الرئيس ماكرون والسياسيين بـ«المحافظة على الأمة» الفرنسية.
وتحولت العريضة التي لم تلق صدى مدة أسبوع إلى قنبلة سياسية بعد أن علقت مارين لوبان زعيمة التجمع الوطني المتطرف على العريضة مطالبة العسكريين بالالتحاق بحزبها لإنقاذ البلاد. وتواترت التصريحات المنددة ودخلت الطبقة السياسية في جدل بين معارض ومساند للعريضة. وهو ما جعل وزيرة الدفاع فلورونسبارلي ورئيس الأركان فرنسوا لوكوانتر يتدخلان للمطالبة بتسليط عقوبة على الضباط الموقعين على العريضة.وتم التعرف على 18 ضابطا من الذين أعلن رئيس الأركان عن تحويلهم الى لجنة تأديب سامية. ومن المفروض أنتسلط عقوبات ما بين التنبيه والفصل من الخدمة العسكرية.
خطورة الخطاب
إضافة إلى ما اعتبره العسكريون الموقعون على العريضة «تفكك الأمة» ونددوا بالمواقف «المناهضة للعنصرية» من أشخاص من بينهم باحثون جامعيون، يقاومون الفكر الإستعماري و يدافعون على حقوق الذين تم استعمارهم من قبل فرنسا. وشمل التنديد الحركات الإسلامية و»قطيع الضواحي» أي ساكني ضواحي المدن الكبرى الفرنسية وجلهم من المهاجرين. وأشار كاتبو العريضة إلى «تفاقم المخاطر والعنف الذي يزداد يوما بعد يوم.»
إضافة إلى اللهجة العنصرية المتحاملة نبهت العريضة إلى «التساهل المتواصل في المجتمع الذي سوف يفضي إلى انفجار وتدخل زملائنا في الخدمة في مهمة صعبة من أجل حماية مبادئنا الحضارية والحفاظ على مواطنينا في التراب الوطني». وأضاف نص البيان: «غدا الحرب الأهلية سوف تضع حدا لهذه الفوضى المتنامية وسوف يعد الأموات بالآلاف تحت مسؤوليتكم.» خطورة الألفاظ المستعملة ومعانيها تظهر الدوافع السياسية التي تختفي وراءها المجموعة الموقعة على العريضة. وقد عبرت وزيرة الدفاع الفرنسي وجل تنظيمات اليسار السياسي عن سخطها من هذا النص واعتبرته دعوة للانقلاب على الدولة المدنية خاصة أن النص، الذي تم إيداعه للصحيفة قبل أسبوع، تم نشره يوم 21 أفريل أي اليوم الموافق لمحاولة الانقلاب التي قام بها ضباط فرنسيون عام 1961 في الجزائر العاصمة ضد الجنرال دي غول.
مارين لوبان واستخدام الجيش في المعركة السياسية القادمة
وذكرت الصحف الفرنسية أن أحد الموقعين على العريضة الجنرال المتقاعد كريستيان بيكمال تم عزله من الجيش بعد مشاركته في مظاهرة ضد اللاجئين شمال فرنسا. وجاء في تقرير صحفي في أن كاتب العريضة جون بيار فابر برناديكو ضابط سامي متقاعد شارك في تسعينات القرن الماضي في الهيئة الأمنية لحزب الجبهة الوطنية التي كان يقودها جون ماري لوبان والد الزعيمة الحالية للحركة. وكان قد كتب في العريضة:» فلتعلموا أننا مستعدون لمساعدة السياسيين الذين يأخذون بعين الاعتبار المحافظة على الأمة».
واستغلت مارين لوبان الفرصة لتعلن في حديث صحفي نشر في نفس صحيفة «فالورأكتويال» التي نشرت العريضة:» أنا استدعيكم للانضمام لعملنا من أجل المشاركة في المعركة القادمة التي هي في البداية معركة من أجل فرنسا.» وهو ما أخرج المسؤولين من صمتهم. فبادر الوزير الأول جون كستاكس بالتنديد باستخدام الجيش في المعارك السياسية. ثم أتى دور وزيرة الجيوش ووزير الداخلية جيرالد دارمانان المعروف بمقاومته للتطرف.
مع قرب سنة الحسم في الانتخابات الرئاسية يبدو أن مارين لوبان التي تظهر عمليات سبر الآراء تقدمها في السباق على قصر الإيليزي تعمل على استغلال كل فرصة للظهور على الساحة الإعلامية وفرض أجندتها. أما في ما يتعلق بالرأي العام فإن التقلبات التي شهدتها فرنسا مظاهرات «السترات الصفراء» مدة 18 شهرا أفضت إلى خروج عدد من الشخصيات، بما فيها العسكريين، عن واجب التحفظ. من ذلك اصدار الجنرال دو فيليي كتابه الذي أحدث ضجة بعد أن تم إعفاؤه من مهامه في القصر الرئاسي. وذهب بعضهم إلى التنبؤ بعزمه على الدخول في السباق على الرئاسة. لكن منذ حرب التحرير الجزائرية لم تظهر المؤسسة العسكرية المعروفة بلقب «الصامتة دائما» أي رغبة في خوض ميدان السياسة، بل أنها بقيت خارج اللعبة السياسية تعمل كعماد للنظام الجمهوري ولا يعتقد أي ملاحظ في باريس أن يتغير الأمر. لكن قرار إحالة 18 عسكريا على المجلس العسكري الأعلى سوف يأخذ وقتا طويلا بإمكانه أن يربك الحملة الانتخابية لعام 2022.
انتفاضة الجنرالات في فرنسا على خلفية السباق على الرئاسة: «عريضة العسكريين» تُعرّض 18 عسكريا في الجيش الفرنسي إلى التتبع
- بقلم زين العابدين بن حمدة
- 09:49 04/05/2021
- 844 عدد المشاهدات
اندلعت في فرنسا ضجة إعلامية على خلفية نشر نص «عريضة العسكريين» في صحيفة «فالورأكتويال» اليمينية الموقعة من عدد من العسكريين